عقد مجلس الأمن الدولي مساء الثلاثاء جلسة ناقش فيها حماية المدنيين في الصراعات المسلحة وخطر المجاعة، حيث بيّن كبار المسؤولين في الهيئات الأممية خلالها الأوضاع المأساوية التي يعيشها سكان قطاع غزة، الذي يعيش تحت حرب إبادة جماعية يتعرض لها منذ أكثر من 400 يوم.
وصفت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إيلزي براندز كيهريس، الأزمة الإنسانية في القطاع بأنها "كارثية"، مؤكدة أن الغالبية العظمى من ضحايا العدوان الإسرائيلي في غزة هم من النساء والأطفال. وأشارت كيهريس إلى أن حوالي 70% من الفلسطينيين الذين استشهدوا منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 هم من هذه الفئات، موضحة أن العدد الإجمالي للشهداء يزيد عن 43 ألفًا، في حين جُرح نحو 100 ألف آخرين. كما أوضحت أن الأرقام الحقيقية قد تكون أعلى نظرًا لوجود عدد من الضحايا تحت الأنقاض، مشددة على أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و9 سنوات يشكلون الفئة العمرية الأكبر بين الضحايا.
الأمم المتحدة: 70% من الشهداء في غزة هم من النساء والأطفال، والأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و9 سنوات يشكلون الفئة العمرية الأكبر بين الضحايا
وأضافت كيهريس أن القصف الإسرائيلي أدى إلى نزوح واسع للسكان، حيث شُرد أكثر من 1.9 مليون فلسطيني، بما في ذلك النساء والأطفال والمسنون وذوو الاحتياجات الخاصة. وأكدت أن الهجمات الجوية التي استهدفت مراكز الإيواء والمباني السكنية قتلت العديد من المدنيين، مما جعل غزة مكانًا غير آمن. وأشارت كيهريس إلى أن الجيش الإسرائيلي انتهك المبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي المتعلقة بالتمييز والتناسب والحذر في الهجوم.
كما تحدثت المسؤولة الأممية عن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية المدنية في غزة، حيث تضررت المستشفيات والمدارس والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي، مما يزيد من خطر المجاعة في القطاع. وأشارت إلى أن الاحتلال الإسرائيلي قتل مئات من العاملين في المجال الطبي والصحفيين وعمال الإغاثة، بما في ذلك أكثر من 220 من موظفي الأمم المتحدة.
وتطرقت المسؤولة الأممية إلى تدخل إسرائيل المستمر والمتواصل في توزيع ودخول المساعدات الإنسانية، مشددة على أن إسرائيل، باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، ملزمة بموجب القانون الدولي بحماية المدنيين الفلسطينيين وتزويدهم بالإمدادات الأساسية لبقائهم على قيد الحياة. ومع ذلك، فإن التأثير التراكمي لأكثر من عام من الدمار في غزة تسبب في خسائر فادحة، حيث تم تدمير الخدمات الأساسية للفلسطينيين في غزة وأصبحت الظروف، وخاصة في شمال غزة، غير صالحة للبقاء على قيد الحياة.
وبيّنت كيهريس أن الطريقة التي ينفذ بها الجيش الإسرائيلي عملياته في شمال غزة تشير ليس فقط إلى أن نهج إسرائيل يسعى إلى "إفراغها من الفلسطينيين من خلال تهجير الناجين إلى الجنوب"، بل تشير أيضًا إلى أخطار جسيمة وارتكاب فظائع من أخطر الأنواع.
في سياق متصل، تطرقت القائمة بأعمال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، جويس مسويا، إلى عرقلة إسرائيل لدخول المساعدات الإنسانية الأساسية، بما في ذلك الغذاء والكهرباء، مما يفاقم معاناة السكان ويدفعهم نحو المجاعة المحتملة. وأضافت مسويا أن قوات الاحتلال أجبرت الفلسطينيين على النزوح من مناطق وصلت إليها المساعدات، ما يعيد للأذهان "أشد الجرائم الدولية خطورة".
ووسط هذا الوضع، حذرت مسويا من التشريع الإسرائيلي الجديد الذي سيحظر عمل وكالة الأونروا مع بداية العام القادم، معتبرة أنه سيعيق جهود توفير المساعدات الإنسانية ويزيد من صعوبة تحسين الأوضاع المعيشية للفلسطينيين في غزة. كما أشارت إلى تدهور الأوضاع في الضفة الغربية وتصاعد اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين.