26-أكتوبر-2024
الإبادة الطبية

صورة أرشيفة لفلسطينين يتلقون العلاج في مستشفى الشفاء في أكتوبر 2023 (رويترز)

قدّمت مقررة الأمم المتحدة المعنية بالحق في التمتع بأعلى مستويات الصحة البدنية والعقلية، تلالنغ موفوكنغ، تقريرها الرابع الخاص بعملها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس الجمعة، والذي خصصت جزءًا منه لحرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مختلف الأراضي الفلسطينية منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وجاء تقديم المقررة الأممية لتقريرها خلال مؤتمر صحافي عقدته في مقر الأمم المتحدة الرئيسي في نيويورك، والذي ركز على "الحد من الضرر الذي يلحق بالفئات المجتمعية المهمشة في قطاعات الصحة النفسية والبدنية، في حالتي السلام والحرب"، بحسب ما نقل موقع "العربي الجديد".

الإبادة الطبية مصطلح جديد لتدمير القطاع الصحي

وقالت موفوكنغ في المؤتمر الصحفي: "الإبادة الجماعية المستمرة التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحديدًا غزة، تظهر مجددًا الحاجة إلى العمل وتطبيق الحق في الصحة"، مشددة على "ضرورة الاستمرار في المطالبة بأن تحتل حقوق الإنسان مركز الصدارة في كيفية تحليل وفهم وإظهار الرغبة في حل مشاكل العالم، من أجل السلام والتنمية المستدامين".

استخدمت المقرر الأممية مصطلح "الإبادة الطبية" كمصطلح جديد لوصف تدمير أنظمة الرعاية الصحية والهجمات على العاملين في قطاع الرعاية الصحية في غزة

وأكدت المقررة الأممية على أن "التمتع بالحق في أعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة البدنية والعقلية لا يزال هدفًا بعيد المنال. وفي كثير من الحالات حول العالم أصبح هذا الهدف أكثر صعوبة"، كما تطرقت موفوكنغ إلى الأوضاع في مناطق مختلفة من العالم، ومن بينها السودان والكونغو.

وفيما يخص الانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق القطاع الطبي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، قالت موفوكنغ: "يتم إرهاق العاملين في القطاع الصحي ومضايقتهم وقتلهم، مما يعوق استجابتهم الأولى لحالات الطوارئ".

وبيّنت المقررة الأممية أنه "يعمل الكثير منهم لأشهر في ظروف مروعة تحت القصف، ويجرون عمليات جراحية من دون تخدير أو أدوية أساسية أخرى، ونشاهد أمام عيوننا استهداف العمل الطبي ومهاجمته، وليس فقط المنشآت الطبية".

وفي إجابتها عن سؤال متعلق بتبعات استمرار إفلات المسؤولين الإسرائيليين من العقاب والمحاسبة من ارتكاب انتهاكات عدة، من بينها استهداف العاملين في القطاع الطبي والمنشآت الطبية، أكدت المقررة الأممية أنها تتواصل مع الحكومة الإسرائيلية، كما هو متبع في هذه الحالات.

وأوضحت أنه يجري التواصل مع الحكومة الإسرائيلية "للاستفسار عن كل هذه الأمور منذ ما قبل بدء الإبادة الجماعية، وبالطبع بعد الإبادة الطبية، وهو مصطلح جديد نستخدمه الآن لوصف التدمير المذهل لأنظمة الرعاية الصحية والهجمات على العاملين في قطاع الرعاية الصحية".

ولفتت موفوكنغ إلى أنها أصدرت بيانًا بعد وفاة الطبيب الفلسطيني، زياد الدلو، في المعتقلات الإسرائيلية، وهو طبيب متخصص في الطب الباطني، وعمل في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، واعتقلته إسرائيل مع عدد من العاملين في القطاع الصحي من مستشفى الشفاء في آذار/مارس الماضي في أثناء ممارستهم عملهم.

مستوى استهداف العاملين في القطاع الإنساني غير مسبوق

وفيما يخص قضية الإفلات من العقاب، شددت المقررة الأممية على أن هذه القضية تقع "على رأس سلم أولوياتي، فهي تشكل سابقة في شأن عدم تمتع العاملين في قطاع الرعاية الصحية بالحماية، ويوجد إفلات من العقاب رغم انتهاك القانون الدولي".

وأضافت موفوكنغ "أعتقد بأنه بالطريقة نفسها التي نفهم بها العمل الذي ينفذه صحفيون مدافعون عن حقوق الإنسان، أظهرت الإبادة الجماعية في فلسطين العمل المذهل الذي ينفذه الأطباء والعاملون في قطاع الرعاية الصحية للدفاع عن حقوق الإنسان بطريقة لا أعتقد أننا رأيناها سابقًا".

ونوهت المقررة الأممية إلى أهمية تمسك الأطباء والعاملين في القطاع الصحي بالقسم الخاص بأداء مهماتهم، ورفض أولئك في فلسطين تحديدًا أوامر الإخلاء، وبقائهم مع مرضاهم للاعتناء بهم رغم خطر قتلهم واعتقالهم.

وختمت موفوكنغ حديثها بالإشارة إلى أنها لم ترَ هذا المستوى من استهداف العاملين في القطاع الإنساني في أي صراع آخر، مؤكدةً أن ما يحدث في فلسطين وصل إلى مستويات غير مسبوقة، وشددت على ضرورة أن يكون هناك محاسبة، وحذرت من استمرار الإفلات من العقاب. 

وكانت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة قد قالت في أحدث إحصائية لها، الأسبوع الماضي، إن عدد العاملين في القطاع الصحي الذين استشهدوا منذ بدء العدوان على غزة ارتفع إلى 1047 شهيدًا، فيما يوجد 310 أطباء معتقلين في سجون الاحتلال. فيما وثقت منظمة الصحة العالمية أكثر من 1043 هجومًا على المستشفيات والمنشآت الصحية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ التاريخ ذاته.