عزّز الحسين عموتة مدرّب منتخب الأردن سمعة المدربين المغربيين، خصوصًا بعدما قاد الأردن لتحقيق إنجاز تاريخي، تمثّل بالوصول إلى نهائي كأس آسيا 2023.
المدرب المغربي الحسين عموتة هو عرّاب الإنجاز الأردني، ومثّل تجربة الأردن في كأس آسيا 2023 اختصارًا لبعض من شخصيّته، ويكس التزام لاعبي المنتخب الأردني بالتعليمات جزءًا من تربيته، وقدّم الفريق إجمالًا أداءً قتاليًا وبطوليًا يلخّص مسيرته الكروية والتدريبية.
لكنّ الحسين عموتة ليس المدرّب المغربي الوحيد الذي سطع نجمه، حيث تتميّز المغرب بأنّها ولّادة بالمدرّبين، على صعيد الأندية والمنتخبات، وهو ما يجعل مهمّة أي مدرّب لمنتخب المغرب صعبة للغاية، لأنه أخذ مكانًا يحسده عليه الكثيرون، ويظنّ العشرات منهم أنهم مؤهلين لشغر منصبه.
ولأن المنتخب المغربي لكرة القدم يعتبر واجهة لكرة القدم المغربية، سنستعرض لكم أفضل المدرّبين بتاريخ المنتخب المغربي، والذي تناوب عليه عشرات المدربين المغاربة والأجانب، وقد يغيب عن القائمة أسماء تدريبية كبرى، لأنها ستنحصر فقط بمدربي المنتخب المغربي.
المعايير التي اعتمدنا عليها في هذا التصنيف لا تستند إلى السيرة الذاتية للمدرب، أو تجربته المهنية مع المنتخبات أو الفرق الأخرى، إنما تعتمد فقط عمّا قدّمه للمنتخب المغربي، ومن هذه النقطة نشير إلى أن تقييم ما قدمه مدرب بعينه للمنتخب المغربي اعتمدنا فيه على معيارين أساسيين، وهما الألقاب والمشاركة في كأس العالم.
أفضل 3 مدرّبين في تاريخ المنتخب المغربي
- وليد الركراكي
يعتبر وليد الركراكي من أحد لاعبي المنتخب المغربي، والذين كرّسوا خبرتهم الكروية من أجل دخول معترك التدريب، ونجحوا في كرة القدم على الصعيدين، اللعب والتدريب.
الركراكي بدأ مسيرته التدريبية مع الفتح الرباطي، ومنح فريقه إنجازين كبيرين، تمثّلا بالتتويج بلقبي الدوري المغربي وكأس العرش، قبل أن يرحل إلى قطر، من أجل إنجاز استثنائي آخر ينتظره هناك، فتوّج مع الدحيل بلقب بطولة الدوري القطري.
عاد الركراكي إلى المغرب وتحديدًا إلى الدار البيضاء، وهناك درّب أحمر كازابلانكا نادي الوداد، وسيطر على البطولات وتسيّدها بكل اقتدار. إذ قاد المدرب المغربي وليد الركراكي للفوز بالدوري المغربي ودوري أبطال أفريقيا، كلّ ذلك حدث في عام 2022، لكنّ هذه السنة لم تنته بعد، والإنجاز الأكبر لم يأت أيضًا.
قبل ثلاثة أشهر فقط من بداية كأس العالم 2022، كانت الأنظار تتجه حول المدرب البوسني وحيد خليلوزيتش مدرّب المنتخب المغربي، والذي عوّلت عليه الجماهير كثيرًا من أجل تحقيق نتيجة إيجابية في كأس العالم 2022.
لكن المدرب البوسني خلخل البيت المغربي من الداخل، وتصاعدت الخلافات بينه وبين اللاعبين، خصوصًا حكيم زياش الذي اعتزل دوليًا لهذا السبب، وهنا قرر الاتحاد المغربي لكرة القدم إنهاء التعاقد مع خليلوزيتش، والتوقيع مع المدرب وليد الركراكي.
هذا النبأ صعق المتابعين، خصوصًا أن الركراكي لا يملك تجربة دولية كتلك التي يملكها مدرب المغرب السابق، فما بالك لو أن تعيينه أتى في وقت حرج، قبل أسابيع قليلة من بداية كأس العالم.
الركراكي وعد الجمعور المغربي في المؤتمر الصحفي التقديمي له بأن: "نفعل كل شيء ونقاتل لنرفع راية المغرب في كأس العالم ونفرحكم".
ونوّه إلى التحدي الكبير الذي ينتظر منتخب بلاده، رافضًا فكرة المشاركة دون الوصول إلى مرحلة خروج المغلوب، وأشار إلى أن اللاعبين "يعرفون أن التحدي كبير، ليس أمامنا وقت كثير، لكننا متفقون جميعًا على أننا لا نريد الذهاب إلى كأس العالم لنخوض ثلاث مباريات فقط". وأضاف "أعرف الضغط الموجود لكن هذا تحد بالنسبة لي".
إذن كما رأيتم جميعًا، وليد ركراكي رفع راية التحدي فور وصوله لمنصبه، وكلّم تعلمون أنه كسب التحدّي، وكسبه بأبهى طريقة ممكنة.
وليد الركراكي وعد الجماهير بأن لا يلعب في ثلاث مباريات فقط بكأس العالم 2022، أي أنه وعدهم بالعبور إلى دور الستّة عشر، ولعب 4 مباريات على أقل تقدير، لمعادلة إنجاز المنتخب المغربي في عام 1986، حينما تخطى مرحلة المجموعات للمرّة الأولى في تاريخه.
لكنّ وليد الركراكي لم يكتف بإزاحة فرق كبيرة من مجموعته واحتلال المركز الأول فيها، بل وصلت مسيرته لأبعد من ذلك بكثير، فمع تعادله مع كرواتيا وفوزه على بلجيكا وكندا، بلغ ثمن النهائي، ضاربًا موعدًا تاريخيًا مع إسبانيا.
كلّكم تتذكرون كيف أقصت المغرب منتخب إسبانيا من ثمن النهائي، أتبعتها بالإطاحة بالبرتغال في ربع النهائي، لتسجّل إنجازًا تاريخيًا غير مسبوق، جعلها الفريق العربي والأفريقي الوحيد الذي يصل إلى نصف النهائي.الركراكي وعد الجمهور المغربي أن لا يكتفي بثلاث مباريات في كأس العالم، لكنّه فاجأ الجميع حينما قاد فريقه للعب سبع مباريات، وهو العدد الذي لعبت به أربع فرق فقط من أصل 32 فريقًا في كأس العالم 2022، وهي الأرجنتين البطلة وفرنسا الوصيفة وكرواتيا الثالثة والمغرب الرابعة.
بعد هذا الإنجاز التاريخي، صنّف الاتحاد الدولي للتأريخ والإحصاء المدرّب وليد الركراكي، كثالث أفضل مدرّب في العام 2022، خلف مدربي الأرجنتين وفرنسا، اللذان نالا المركزين الأول والثاني في كأس العالم، وتفوّق على مدربين كبار أمثال لويس فان غال وهيرفي رينارد وهاجيمي مورياسو وغيرهم.
لذلك ومما لا شك فيه، يعتبر وليد الركراكي بإنجازه الاستثنائي، أفضل مدرّب في تاريخ المنتخب المغربي حتى الآن. - الروماني جورج مارداريسكو
قاد هذا المدرب الروماني المعروف بفيرجيل مارداريسكو المنتخب المغربي لإنجازه الوحيد في كأس أمم أفريقيا.
فعلى الرغم من صولات وجولات المغربيين في كأس العالم، إلا أن بطولة كأس أمم أفريقيا تمثّل عقدة لهم، ولم يحظوا بالتتويج بها سوى مرّة واحدة، والفضل يعود فيها للمدرب الروماني مارداريسكو، والذي في سيرته التدريبية لن يجد المتابعين أهم مما فعله مع المغاربة.
المغرب شاركت في كأس أمم أفريقيا عام 1976 بعد معاناة كبيرة في التصفيات، فاضطرت في المراحل الأخيرة إلى خوض ركلات الترجيح كي تبلغ النهائيات.
المعاناة استمرّت في نهائيات البطولة التي أقيمت بأثيوبيا، بسبب ظروف الحرب الأهلية التي تعيشها البلاد، فكان على اللاعبين خوض تدريباتهم في أماكن غير صالحة للتدريب، ناهيك عن ظروف حظر التجوال المرافقة، والرعب الذي يتسرب لنفوس اللاعبين من الأحداث الجارية هناك.
لكن اللحظات الأكثر رعبًا كانت باشتعال الطائرة التي تقلّهم من مدينة إلى أخرى خلال البطولة، فاشتعل أحد محركاتها وكادت تهبط وتتسبب بوفاة جميع اللاعبين والكادر التدريبي للفريق، إلا أن قائد الطائرة نجح في جعلها تهبط بسلام، ونجا كل من فيها بأعجوبة.
ومع كل الظروف قدّمت المغرب مستويات مميزة بالبطولة، وكانت المباراة الختامية أمام غينيا، وقتها لم يكن هناك مباراة نهائية وتلعب البطولة بنظام التجمع، حينها كان على المغرب التعادل لكي تظفر بالبطولة.
لكنّ غينيا سجّلت هدفًا مبكرًا، وطرد الحكم أحد لاعبي المنتخب المغربي، واضطر الفريق لإكمال المباراة ناقص الصفوف، ومع ذلك نجحت المغرب بقيادة المدرب الروماني مارداريسكو في تحقيق التعادل، وكسب البطولة الأفريقية للمرّة الأولى والوحيدة في تاريخها، هذا الإنجاز يستحق على إثره أن يكون المدرب في الترتيب الثاني كأفضل مدرب في تاريخ منتخب المغرب، بعد وليد الركراكي. - المهدي فاريا
قلّما تجد مدرّبًا أحبّ البلد التي درّب فيها، مثلما فعل المهدي فاريا في المغرب، لقد كان لهذا المدرب البرازيلي الفضل في العديد من الإنجازات في الكرة المغربية، وأحب المغرب، واعتنق الإسلام، فحوّل اسمه من جوزيه فاريا إلى المهدي فاريا.
بدأت إنجازات مدرب منتخب المغرب مع نادي الجيش الملكي، وجعله أول فريق مغربي يتوّج بدوري أبطال أفريقيا.
ومن ثم تسلّم مهمّة تدريب المغرب في كأس العالم التي أقيمت بالمكسيك عام 1986، وقتها كانت المغرب تلعب بمجموعة صعبة تضم إنجلترا والبرتغال وبولندا، وكل المؤشرات دلّت على أن المغرب ستودّع من الدور الأول، وستكون بوابة عبور للدور الثاني بالنسبة للفرق الأخرى.
لكنّ كتيبة المهدي فاريا، قلبت المعطيات، وأحكمت دفاعاتها بشكل جيّد، فلم تتلق شباكها أي هدف أمام بولندا وإنجلترا، ورغم تلقيها هدفًا أمام البرتغال، إلا أن أسود الأطلس سجّلوا ثلاثة في شباك البرتغاليين.
بذلك أصبحت المغرب أوّل فريق عربي وأفريقي يصل إلى الدور الثاني من كأس العالم، ولم يطيح بها من البطولة سوى منتخب ألمانيا القوي، والذي نال وصافة البطولة السابقة، وبطولة 1986 الحالية، وتوّج باللقب في 1990، وهو أمر يدلّ على قوّة المانشافت في ذاك الوقت، علمًا أن هدف الفوز كان في الدقائق الأخيرة من المباراة عبر لوثر ماتيوس.
قد يستحق العديد من المدرّبين التواجد في قائمة أفضل ثلاثة مدربين في تاريخ المنتخب المغربي، ولكن المعيار الأهم في هذه التقييمات كان الحضور في كأس العالم، إضافة إلى التتويج بالبطولات، مع عدم إغفال ما قام به المدرب هيرفي رينارد في كأس العالم 2018، والفرنسي هنري ميشيل في مونديال فرنسا 1998، وبادو الزاكي في كأس أمم أفريقيا 2004، والتي نال وصافتها خلف المنتخب التونسي.