على خطى الإمارات، أنشأت السعودية في وزارة اتصالاتها، منصبًا خاصًا بـ"السعادة"، حيث يتم تعيين موظف أو اختصاصي مسؤول عن سعادة الموظفين. وستكون من مهامه: "العمل مع فريق التواصل الداخلي في رسم خطة السنة للفعاليات والمبادرات الخاصة بتحقيق السعادة للموظفين، ووضع مؤشرات قياس لبيئة العمل لتقييم المبادرات وقياس نتائجها".
على خطى الإمارات، قررت وزارة الاتصالات السعودية إنشاء منصب موظف "السعادة"، الأمر الذي واجه سخرية كبيرة على السوشال ميديا
سخرية وانعدام للثقة
كثير من ردود الأفعال اعتبرت الأمر مزيدًا من التسطيح للفكرة الأساسية، وهي تهيئة بيئة عمل تزيد الإنتاجية، وهو ما يجب أن يكون أولوية، وأن الموضوع لا يحتاج إلى موظف للسعادة بقدر ما يحتاج إلى التعامل بجدية مع مسألة تطوير بيئة العمل وحقوق الموظفين ومستوى رضاهم.
اقرأ/ي أيضًا: الوجه الحقيقي لبلاد وزارة السعادة.. تمييز عنصري رسمي وممنهج تفرضه أبوظبي
آخرون اتخذوا موقفًا ساخرًا من الأمر، فدعوا الله أن "يوفق موظف السعادة وأن يجنبه متاعب القولون وأن يثبت عقله في رأسه"، ودعوا إلى إنشاء منصب آخر لـ"تفريغ الشحنات الكهربائية". واعتبر آخرون أن استحداث هذه الوظيفة ليس إلا هدرًا للمال العام، وتقاعسًا عن تعيين آلاف من العاطلين عن العمل في السعودية.
التناقضات سيد الموقف
هذه "السعادة" المؤسسية المزعومة في السعودية، لا تشمل الوافدين. وقد أكدت على ذلك تقارير صحفية، رصدت العنصرية التي أظهرتها مجموعة من القرارات التي أصدرتها السلطات السعودية للتضييق على العمالة الأجنبية فيها، كان من بينها منع الأجانب من العمل في 12 نشاطاً تجارياً جديداً، من بينها محلات الأجهزة الكهربائية ومواد البناء.
هذا بالإضافة إلى التضييق على عملهم في قطاعات الاتصال والتأمين والمراكز التجارية وزيادة الرسوم عليهم وعلى مرافقيهم، ما اضطر مئات الآلاف من الوافدين إلى مغادرة السعودية والعودة إلى بلدانهم الأصلية، وهو رقم تقدره وكالة بلومبيرغ بحوالي 700 ألف عامل وافد. بل وحتى ما يسمى "بالمكارم الملكية"، التي تمنحها السلطات السعودية للتخفيف من أعباء غلاء المعيشة، هي منح تخص السعوديين فقط، وهو ما يعتبر انتهاكاً لحقوق العمالة الوافدة في السعودية، ويطرح تساؤلاً ملحاً عما إذا كان منصب موظف السعادة المستحدث هذا، مختص بالحالة المزاجية للموظف السعودي فقط دون غيره، أم سيستفيد الموظفون الأجانب من خدماته أيضًا!
ويأتي هذا المنصب المستحدث المثير للجدل، في الوقت الذي تعاني فيه السعودية من أزمالت مالية، وصلت لدرجة تعرض الرياض لضغوط حكومات أجنبية من أجل الإسراع في حل مشكلة تأخر دفع الرواتب خاصة في القطاع الخاص، كما نقلت رويترز سابقًا. والتأخر في دفع الرواتب مشكلة قائمة للآن، يشتكي منها العاملون في قطاعات مختلفة بالسعودية، وخصوصًا العمالة الوافدة التي وصل تأخر رواتبها في بعض الحالات إلى عدة أشهر.
يجعل ذلك من هذه الوظيفة المستحدثة بلا داعٍ، دليلًا على فقدان الرؤية اللازمة لترتيب الأولويات، أو أنها ليست إلا محاولة للاستعراض لتحويل الانتباه بعيدًا عن أزمة حقيقية تعصف بسوق العمل السعودي.
انتهاكات لحقوق العمالة الوافدة
في تقرير سابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية، يعود لعام 2017، خاص بحقوق العمالة الوافدة في السعودية والتي تصل أعدادها إلى 10 ملايين عامل أجنبي تقريبًا، تمّ رصد المعاناة والانتهاكات التي يتعرض لها العمال الوافدون في السعودية، والتي تصل لدرجة الاستغلال في ظروف عمل جبري.
وتناول التقرير كذلك قضية تأخر دفع الرواتب، باعتبارها ظاهرة باتت متأصلة في سوق العمل السعودية، حيث قال التقرير إنه "في آب/أغسطس 2016، بات عشرات آلاف العاملين من دول جنوب آسيا تحديدًا، عالقين دون رواتب وغير قادرين على العودة لبلدانهم بسبب القيود من قبيل تأشيرة الخروج، واحتجاز جوازات السفر من قبل أصحاب العمل. ووصل الأمر، بحسب التقرير، إلى أن كثيرًا من هؤلاء العاملين، أصبحوا يعيشون على المساعدات الإنسانية التي توفرها لهم سفارات بلدانهم!
يرى مغردون سعوديون أن منصب موظف السعادة المستحدث ليس إلا إهدارًا للمال العام، في ظل وجود آلاف السعوديين العاطلين عن العمل
يُضاف إلى ذلك سياسة "السعودة" التي أطلقتها السلطات السعودية مؤخرًا من أجل توطين الوظائف بالسعودية، والتي أدت عشوائية تنفيذها إلى طرد العمالة الوافدة بطرق مهينة في الكثير من الحالات، وإنهاء تعاقداتهم دون صرف مستحقاتهم. ومع ذلك، لم تنجح سياسة السعودة في تحقيق أهدافها المعلنة حتى الآن!
اقرأ/ي أيضًا:
السعودية تطبّق رسوم مرافقي العمالة الوافدة.. وجه جديد لجباية الإفلاس؟
اعتقال مصري لإفطاره مع زميلة سعودية.. أين "ليبرالية" ابن سلمان؟!