ضربت هولندا موعدًا مع البرتغال في نهائي النسخة الأولى من دوري أمم أوروبا، إثر فوزها على إنجلترا في نصف نهائي البطولة بثلاثة أهداف لواحد بعد تمديد المباراة لشوطين إضافيين، حيث انتهى الوقت الأصلي بالتعادل الإيجابي، بذلك ستواجه إنجلترا الأحد منتخب سويسرا للصراع على الميدالية البرونزية، بينما تلعب هولندا في اليوم نفسه مع البرتغال المضيفة من أجل الذهب.
وُضعت هولندا مع فرق قوية للغاية في دور المجموعات، فحوت مجموعتها بطلي آخر نسختين من كأس العالم ألمانيا وفرنسا، ورغم كلّ ذلك استطاعت هولندا أن تقلب الطاولة على فرنسا التي كانت قريبة من التأهّل، وسرقت منها بطاقة التأهل الوحيدة من المجموعة، كما تسببت بهبوط ألمانيا إلى المستوى B.
ضربت هولندا موعدًا مع البرتغال في نهائي النسخة الأولى من دوري أمم أوروبا، وفشل الإنجليز في الوصول لنهائي بطولة كبرى منذ 1966
بدأت الآمال تنعقد على هذا الجيل الجديد من المنتخب الهولندي، فلم لا يدخل التاريخ كأوّل بطل لدوري أمم أوروبا، الكرة الهولندية معروفة بالنحس الذي لازمها في كأس العالم، فوصلت لنهائي المونديال 3 مرّات أعوام 1974 و1978و 2010 دون أن تنجح برفع الكأس، ولا يوجد في خزائن الاتحاد الهولندي لكرة القدم سوى كأس يورو 1988 التي رفعها فان باستن ورفاقه، ولإعادة الأمجاد من جديد سيكون على فان دايك حاليًّا أن يقود رفاقه لتخطّي إنجلترا والوصول للنهائي الأوّل للطواحين منذ نهائي مونديال 2010، وذلك إن حدث سيعني طيّ حقبة سوداء في سمعة الكرة البرتقالية التي فشلت في التواجد بآخر حدثين مهمّين في كرة القدم العالميّة، إذ لم تلعب في يورو 2016 وكأس العالم بروسيا 2018، كل الظروف مواتية للهولنديين كي يخلعوا رداءهم الأسود، فهم يمتلكون نجومًا سطعوا في الآونة الأخيرة مع أياكس آمستردام كدي ليخت وفان دي بيك ودي يونغ، إضافة إلى نجوم ليفربول كفان دايك وفينالدوم.
بالمقابل سعت إنجلترا لخوض النهائي الثاني بتاريخها العريق في البطولات الكبرى، حيث كان النهائي الوحيد في ختام مونديال 1966 الذي استضافته بنفسها وحينها حازت على لقبها المونديالي اليتيم، الظروف سانحة لتأكيد علو كعب الكرة الإنجليزية التي تطوّرت كثيرًا في الآونة الأخيرة على الأصعدة كافّة، المدرّب ساوثغيت قاد الفريق لمربّع الكبار في مونديال روسيا 2018، وقبل ذلك نالت إنجلترا بطولات الفئات العمريّة لكأسي العالم وأوروبا، إلى أن اختُتم هذا الموسم باكتساح الأندية الإنجليزية للبطولات الأوروبية واحتكارها له بشكل غير مسبوق، فوصلت 4 أندية إنجليزية لنهائي الدوري الأوروبي كذلك دوري أبطال أوروبا، وهو أمر لم يحدث من قبل، وإن دل على شيء سيكون من الواضح أن الكرة الإنجليزية تعيش طفرة ستنعكس إيجابًا على منتخب الأسود الثلاث.
اقرأ/ي أيضًا: وكأنه يلعب لوحده.. هاتريك رونالدو يقود البرتغال إلى نهائي دوري أمم أوروبا
لم تكن مسيرة إنجلترا نحو نصف النهائي مثالية للغاية، بل احتاج فريق الأسود الثلاثة للدراما من أجل حجز مكانه في الدور نصف النهائي، في مجموعة وضعته بجوار إسبانيا وكرواتيا، فمع خسارة الإنجليز في ميدانهم بالجولة الأولى أمام إسبانيا وتعادلهم بالثانية مع كرواتيا، لم ينل الأسود الثلاثة في الذهاب كلّه سوى نقطة واحدة، بالمقابل حازت إسبانيا على ست نقاط من فوزين أحدهما كان تاريخيًا ومهينًا بحقّ وصيف المونديال كرواتيا التي تلقّت شباكها 6 أهداف إسبانيّة، إذن حسمت إسبانيا الأمور وستكون أوّل المتأهّلين للدور نصف النهائي، لأنّها لم تعد تحتاج سوى لنقطة واحدة من مباراتين أمام فريق هزمته في ميدانه وآخر أذلّته بسداسية، لكنّ الأمور لم تسر كما أراد لها لويس آنريكيه.
لأن الإنجليز صعقوا الماتادور بميدانه في أوّل شوط بثلاثة أهداف، ولم ينجح هدفا إسبانيا بالشوط الثاني في تعديل النتيجة، كما استطاعت كرواتيا أن تتغلّب على إسبانيا بالجولة قبل الأخيرة في الدقيقة الـ90 بنتيجة 3-2، وهنا أصبحت كلّ فرق المجموعة تملك حظوظًا في التأهّل، كان على إسبانيا أن تنتظر تعادل إنجلترا مع كرواتيا كي تظفر ببطاقة التأهّل لنصف النهائي، بينما يكفي إنجلترا الفوز لتحقيق ذلك، كذلك الحال بالنسبة لكرواتيا، استطاعت إنجلترا حينها أن تقلب تأخّرها أمام ضيفها إلى فوز بالدقائق الأخيرة منحها بطاقة العبور لنصف النهائي، ولم يعد أمامها سوى هولندا للوصول إلى النهائي التاريخي الذي ستلاقي به البرتغال صاحبة الضيافة.
مع انطلاق صافرة بداية نصف النهائي، استحوذ الهولنديون على مجريات اللعب، ونجحت مخطّطات المدرّب رونالد كومان في إحكام السيطرة على خط الوسط باعتماده على فرينكي دي يونغ، بالمقابل لجأ ساوثغيت لمهارات لاعبه الشاب سانشو ومن أمامه راشفورد، ومنح حارسه بيكفورد الفريق حالة من الأمان بعد تألّقه اللافت في حماية مرماه، ورغم أفضليّة هولندا في الشوط الأوّل، كانت فرص إنجلترا أكثر وضوحًا، واستطاع ماركوس راشفورد أن يوقع المدافع دي ليخت في مصيدة ارتكاب الأخطاء بالمنطقة المحرّمة، فتسبّب قائد أياكس آمستردام بركلة جزاء نفّذها راشفورد بنجاح في الدقيقة 32، ولم تنجح محاولات الهولنديين لتعديل النتيجة إلى أن انتهى الشوط الأوّل.
أشرك ساوثغيت هاري كين بدلًا من راشفورد الذي بدت عليه علامات الإصابة، ولم يكن كين بنشاطه المعهود فاتّسم أداء الخطّ الهجومي بالبرود، باستثناء محاولات لسانشو الخطر، قبل أن يخرجه المدرّب من الملعب ويشرك لينغارد بدلًا عنه، بالمقابل زادت الطواحين الهولندية في دورانها، ولم يبطل مفعول هجماتها سوى أحد أمرين، فإما يتألّق الحارس بيكفورد ويمنع الهولنديين من هدف التعديل، أو يتصرّف المهاجم ممفيس ديباي برعونة منهيًا باستعراض مجهود بقيّة زملاءه.
اقرأ/ي أيضًا: دوري أمم أوروبا.. إنجلترا تكسب الرهان على حساب إسبانيا
وقبل نهاية المباراة بربع ساعة صحّح ماتياس دي ليخت الخطأ الذي ارتكبه في الشوط الأوّل، وسجّل برأسيّة متقنة هدف التعادل مستغلًا كرة مرفوعة من ركلة ركنيّة، ومع مرور الوقت استطاع لينغارد أن ينهي سلسلة جميلة من التمريرات في الشباك الهولندية، لكنّ حكم اللقاء أعلن بطلان صحّة الهدف مستعينًا بتقنيّة الفيديو، ولامست تسديدة ستيرلينغ القويّة عارضة سيليسين مع غروب شمس الشوط الثاني، ليعلن حكم اللقاء تمديد المباراة لوقتين إضافيين.
تكرر نسق المباراة على ذات المنوال في الشوطين الماضيين، سيطرة وأفضلية نسبية للهولنديين، مع تحسن طفيف على خطّ الوسط للإنجليز، واستمرّ الضغط الهولندي على الدفاعات الإنجليزية، وأسفر ذلك عن هفوة دفاعيّة غريبة من المدافع جون ستونز الذي منح الهولنديين فرصة تسجيل هدف التقدّم بالدقيقة 97، بكرة قطعها ممفيس ديباي من ستونز المرتبك وصوّبها تجاه المرمى، أنقذها بيكفورد ببراعة وعادت لمهاجم هولندا كوينسي بروميس، فصوّبها نحو الشباك قبل أن ترتطم بقدم كايل ووكر وتعانق الشباك، مرّت الدقائق التالية عصيبة على الإنجليز الذين حاولوا بشتّى الطرق تعديل النتيجة، إلى أن أتتهم رصاصة الرحمة بنيران صديقة أيضًا، عندما ارتكب روز باركلي خطأ قاتلًا ومرّر الكرة للخلف تجاه ممفيس ديباي المنفرد بالمرمى، هذا الأخير أعطى الكرة لزميله بروميس الذي سجّل هدف الحسم، لتمنح الدفاعات الإنجليزية فريق الطواحين بطاقة العبور لنهائي النسخة الأولى من دوري أمم أوروبا، والذي سيقام ليلة الأحد القادم مع البرتغال صاحبة الضيافة، فيما ستلعب إنجلترا مع سويسرا لتحديد المركزين الثالث والرابع في اليوم نفسه.
اقرأ/ي أيضًا:
طواحين هولندا تلتهم بطل العالم.. وألمانيا تهبط للمستوى B
أطفال زيدان مع لويس انريكي.. بداية عصر جديد لصناعة أمجاد الماتادور