28-ديسمبر-2020

على كوتينيو أن يلعب أوراقه الأخيرة مع البارسا قبل احتراقها (Getty)

يعتبر كوتينيو من ألمع نجوم الكرة خلال العقد الأخير، فقد برز نجمهُ باكراً رغم وجوده على دكة البدلاء في انتر ميلان، لتبدأ حكاية التألق الحقيقي بعد إتمام انتقاله لليفربول.

قدم كوتينيو مع الريدز مستوياتٍ مبهرةً خلال عدة مواسم متتالية، الأمر الذي فتح الباب لانتقاله إلى برشلونة في ٢٠١٧، لتبدأ التكهنات حول مستقبله بعد أن قدم مستوياتٍ باهتةً لم ترقَ إلى حجم التطلعات، فلم يسطع نجم كوتينيو في الكامب نو ولم يقدم الأداء المأمول.

وبعد توالي الخيبات والخروج من دوري الأبطال في مباراة الريمونتادا الشهيرة أمام ليفربول، وجد المسؤولون في برشلونة الحل بإعارة اللاعب إلى بايرن ميونيخ لعلّه يستعيد بعضاً من مستواه الحقيقي، إلا أن ذلك لم يحدث وزاد كوتينيو الطين بلة بتسجيله الهدفين السابع والثامن في مباراة للذكرى أمام ناديه الأساسي.

كوتينيو يسجّل في شباك البارسا 

"هناك ديكٌ واحدٌ في برشلونة" مقولة شهيرة لخوان لابورتا الرئيس السابق للبلوغرانا، تؤكد وجود لاعب محوري واحد فقط في برشلونة وهو ميسي، وأن طريقة اللعب تُصمم بشكل يخدم نجم الفريق الأول دون غيره.

من الصعب في كرة القدم الحديثة منح حرية التحرك لعدة لاعبين في الفريق، وغالبًا ما يتمتع بالحرية المطلقة نجم الفريق الأساسي، وذلك هو الحال مع ميسي في برشلونة أو رونالدو في ريال مدريد سابقًا، وذلك للتعقيد البالغ في الخطط والأدوار الدفاعية التي يتعين على جميع اللاعبين ممارستها، فخط الدفاع الأول أصبح خط الهجوم الذي يطبق الضغط على الخصم حامل الكرة، ليمنع بناء الهجمات من الخلف، لذلك ينبغي على كافة اللاعبين الالتزام بالواجبات الدفاعية، والأمر سيان بالنسبة للجانب الهجومي، حيث الأدوار والمساحات مقسمة بشكل واضح لا يترك مجالاً لحرية الحركة غير المحسوبة، والتي قد تكلف الفريق الكثير في حال فقدان الكرة والارتداد الهجومي من الخصم.

كلّفت صفقة كوتينيو نادي برشلونة قرابة 142 مليون جنيه إسترليني، وهو أمرٌ كفيلٌ بإحداث الإرهاق النفسي لأي لاعبٍ يريد إثبات جدارته بمبلغ كهذا

في ليفربول، كان كوتينيو هو اللاعب الذي يتمتع بحرية الحركة، سواء خلف المهاجمين عندما لعب المدرب السابق "برندان روجرز" بخطة الجوهرة أو Diamond 4-4-2،  أو تحت قيادة كلوب عندما لعب بخطته المعتادة 4-3-3، ففي الحالة الأولى كان كوتينيو يتحرك خلف سواريز وستوريدج بحرية كبيرة على كامل عرض الملعب دون الالتزام بمساحة معينة، وفي الحالة الثانية كان لاعب وسط في التشكيلة على الورق، إلا أنه كانت له حرية الاختيار فيما يتعلق بالشق الهجومي وصناعة اللعب والتواجد في مختلف المناطق من الملعب حسب ما يراه، وذلك ما منحه الفرصة للتألق بشكل كبير مع ليفربول.

الحال تغير في برشلونة، فتم إلزامه بمركز الجناح الأيسر، وهو ما لا يلائم طبيعته الهجومية، وكان ميسي هو اللاعب الوحيد الذي يستطيع التحرك كيفما شاء في المستطيل الأخضر، وبطبيعة الحال، لا يحتمل الفريق تحرير لاعبَين من الواجبات التكتيكية والفنية بشكل كامل، لما لذلك من تأثير على شكل المجموعة، ولما قد يسببه ذلك من إرباك في حالتي الهجوم والدفاع، الأمر الذي تسبب في تقييد حركة كوتينيو وعدم قدرته على ممارسة أدواره الإبداعية في صناعة اللعب، بعكس نيمار الذي فهم اللعبة باكرًا واستطاع التأقلم مع وجوده على الرواق الأيسر.

الأمر الآخر الذي يزيد من تعقيد قصة كوتينيو، هو الرقم الكبير الذي دفعه برشلونة إلى إدارة ليفربول التي نجحت في كسب كافة الإضافات المالية على الصفقة، والتي دفع آخرها الشهر الماضي وتبلغ قيمتها الكلية 36 مليون جنيه استرليني، مقسمة إلى عدة دفعات مضافًة إلى 106 مليون جنيه، وهي القيمة الأساسية للصفقة، ليصبح المبلغ النهائي 142 مليون جنيه استرليني، وهو رقم كبير للغاية وكفيل بإحداث الإرهاق النفسي لأي لاعبٍ يريد إثبات جدارته بمبلغ كهذا.

مما لا شك فيه أن كوتينيو يمتلك الإمكانيات الفنية والمهارية التي تؤهله للعب أدوار أساسية في أي فريق ينضم إليه، وفي الوضع الحالي والأزمة المالية التي يمر بها برشلونة لن يستبعد خيار بيع كوتينيو، بعد أن اقترب من استنفاذ فرصه مع الفريق، فصفقة كهذه قد تكون مغرية من الجانب المالي بالإضافة إلى التخلص من راتب اللاعب الكبير، مما يسمح لإدارة برشلونة جلب لاعبين جدد لتطبيق فلسفة الكرة الشاملة التي ينتهجها كومان ابن المدرسة الهولندية ونجم برشلونة السابق.

وعلى أية حال، من غير المتوقع أن يتم بيع كوتينيو في سوق الانتقالات الشتوي، وسيؤجل الموضوع إلى الصيف القادم، مما يمنح الفرصة لكوتينيو للعب أوراقه الأخيرة قبل احتراقها، وقبل وصوله إلى المحطة الأخيرة في مشواره مع الكتلان.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كوتينيو وبرشلونة: "حبيتك بالصيف.. حبيتك بالشتا"

فيليب كوتينيو.. ما الفارق بين ليفربول والبرازيل؟