لا تزال الأخبار الواردة من مفاوضات جنيف-4 بين وفدي النظام والمعارضة السورية، تشير إلى أنها لن تؤدي إلى بوادر أي اتفاق بين جميع الأطراف، وذلك بسبب استمرار قوات النظام في استهدافها لمناطق سيطرة المعارضة، إضافة لسلسلة التفجيرات التي ضربت مواقع أمنية للنظام السوري، أمس السبت، في مدينة "حمص" وسط سوريا.
ليس متوقعًا أن تشهد الجولة الرابعة من مباحثات جنيف بين النظام السوري والمعارضة أي انفراج، بسبب استمرار النظام في قصف مناطق المعارضة
وعلى خلاف ما نقلته وكالة "الأناضول" التركية، اليوم الأحد، عن أن المبعوث الدولي إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، قدم وثيقة للوفود المشاركة في "جنيف" تتضمن "وضع مقاربة جديدة لعملية الانتقال السياسي في سوريا"، فإنه ليس متوقعًا أن تشهد الجولة الحالية أي انفراج، والذي يشكل أحد عقباته هذه المرة، وفدا منصتي "موسكو" و"القاهرة" المقربتين من روسيا، واللذان أضيفا لوفد "هيئة المفاوضات العليا" ضمن هذه الجولة.
اقرأ/ي أيضًا: بعد تعثر طويل..معركة الباب وجنيف مجددًا
وقالت "الأناضول" إن الوثيقة التي حصلت على نسخة منها، حث فيها المبعوث الأممي جميع الأطراف على بحث "المسائل الثلاثة (الإدارة، الدستور، الانتخابات) بشكل متواز"، مشددًا على أنه "لا اتفاق على شيء منفرد، ما لم يتم الاتفاق على جميع الأمور"، حيثُ كان من المتوقع أن يبدأ نقاشها اليوم مع جميع الوفود، إلا أن الوفود المشاركة طلبت منحها المزيد من الوقت حتى تتمكن من تقييم الوثيقة.
وطغت أخبار التفجيرات التي ضربت مبنييّ "أمن الدولة" و"الأمن العسكري" وسط سوريا، أمس السبت، على سير عملية المفاوضات، حيثُ اعتبرت منصة "موسكو" في تصريح صحفي أن "المستهدف الأساسي بجرائم اليوم هو محادثات جنيف نفسها، ومن ورائها الحل السياسي..."، دون أن تذكر أي إدانة للتصعيد العسكري في حي "الوعر" الحمصي المحاصر من قبل النظام السوري.
وتبنت لاحقًا هيئة "تحرير الشام" التفجيرات التي قتل على إثرها 42 عنصرًا، بينهم رئيسا الفرعين عينهما، وقالت الهيئة في منشور لها على موقع تويتر إن "5 انغماسيين يقتحمون فرعي أمن الدولة والأمن العسكري بحمص مما أدى لمقتل أكثر من 40 بينهم رئيس فرع الأمن العسكري حسن دعبول وعدد من كبار الضباط".
وعقب تداول وسائل الإعلام على نطاق واسع خبر التفجيرات، شنت مقاتلات النظام السوري وفق ما نقل "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أكثر من 20 غارة جوية استهدفت حي "الوعر" الحمصي المحاصر، وهو آخر الأحياء التي تسيطر عليها قوات المعارضة داخل المدينة، ويخضع لحصار خانق تفرضه قوات النظام والميليشيات الداعمة لها منذ أكثر من عامين، وأشار المرصد أن القصف الجوي أدى لإصابة 50 شخصًا على الأقل، بينما شاعت الاتهامات للنظام باستخدام ذخائر محرمة دوليًا من بينها الفسفور الأبيض، ما ينذر باحتمال غارات كيماوية أيضًا على غرار مجازر سابقة لطيران النظام في ريف دمشق وغيره من مناطق سيطرة المعارضة.
واتهم عضو وفد المعارضة، فاتح حسوم، النظام السوري بالوقوف خلف التفجيرات التي ضربت مواقع النظام الأمنية، مشيرًا إلى أن "المنطقة التي يتواجد فيها الفرع الأمني هي منطقة أمنية شديدة، وخاضعة للمراقبة الدائمة، ولا يمكن أن تتم أي عملية أمنية إلا بتسهيلات من قوى أمنية أخرى تمتلك نفوذًا أمنيًا للوصول إلى قلب تلك المناطق".
وكما كان متوقعًا استثمر وفد النظام السوري التفجيرات التي ضربت مواقعه الأمنية، حيث طالب رئيس الوفد، بشار الجعفري، المبعوث الأممي ووفد المعارضة أن يصدروا بيانًا يدين التفجيرات، مشيرًا إلى أنهم لن يجلسوا على طاولة المفاوضات المباشرة ما لم يكن هناك "وفد موحد يدين الإرهاب" على حد تعبيره، فيما اعتبر دي ميستورا في تصريح صحفي أن منفذي التفجيرات يحاولون "التأثير على مجريات المحادثات".
من خلال دعمها لقوات النظام في هجماته ضد مناطق المعارضة، تحاول إيران إفشال أي عملية انتقال سياسي من الممكن الاتفاق عليها
وأعرب معظم السوريين عبر منصات التواصل الاجتماعي عن عدم تفاؤلهم بجولة المفاوضات الحالية، والتي اعتبروا أنها ستكون مثل الجولات السابقات، ولن تقدم أي اتفاق جديد على الصعيد السياسي، مستذكرين التفجيرات السابقة، وكانت مزامنة لأي اجتماع دولي من أجل سوريا، ما يؤثر سلبيًا على مجريات الاجتماع نتيجة استثماره من قبل النظام السوري كورقة ضغط أمام الأطراف الدولية تكون لصالحه.
اقرأ/ي أيضًا: اقتراب داعش من الجولان..تذكرة إسرائيل المجانية
وحتى اللحظة لا تزال أجواء المفاوضات غير مشجعة، رغم الجهود الدبلوماسية التي تبذل للتوصل لاتفاق نهائي يقضي بانتقال سياسي للسلطة، وهو ما يرفضه النظام السوري، وحليفه الإيراني، ويقابله إصرار المعارضة السورية على عدم تواجد أي دور إيراني في مسرى عملية المفاوضات، أو مستقبل سوريا، فيما تحاول روسيا أن تمارس ضغوطًا على وفد المعارضة من بوابة المنصتين آنفتي الذكر.
كذلك لا يمكن تجاهل التوتر التركي-الإيراني الذي ارتفعت وتيرته مؤخرًا، وظهر واضحًا في تصريحات صحفية لمسؤولين من البلدين، وحققت تركيا مكسبًا مهمًا بالتزامن مع انعقاد الجلسة الافتتاحية للمفاوضات في جنيف، عندما تمكنت من إحكام سيطرتها على مدينة "الباب" من قبضة تنظيم "الدولة الإسلامية" شرق حلب، وإعلانها التجهيز لعملية السيطرة على مدينة "الرقة" أكبر معاقل التنظيم في سوريا والعراق.
وفي الوقت الذي تحاول تركيا بذل جهود دبلوماسية مضاعفة لتوحيد القوى في مواجهة تنظيم الدولة شمال سوريا، يأتي في مقدمته ضمانة أطراف دولية لالتزام النظام السوري والميليشيات الأجنبية باتفاق وقف إطلاق النار الموقع نهاية العام الفائت، تلعب إيران دورًا معاكسًا من خلال دعمها لقوات النظام في هجماته ضد المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة محاولة إفشال أي عملية انتقال سياسي من الممكن أن يتفق عليها جميع الأطراف.
اقرأ/ي أيضًا: