ينتظر عشاق الكالتشيو بداية الموسم الكروي الجديد، والذي يحمل تجدد المنافسة بين كبار الدوري الإيطالي لتحقيق اللقب، بعدما أنهى إنتر ميلان موسم 2020/2021 هيمنة يوفنتوس التي استمرت 9 مواسم متتالية، حيث كان فوز الإنتر باللقب نقطة تحول في الدوري، الذي تناوب على الفوز به إنتر وميلان ونابولي في المواسم الثلاثة الأخيرة.
استعاد ميلان بعضًا من إرثه الكروي عندما توّج بلقب الدوري موسم 2021/2022، في موسم شهد منافسة شرسة بين قطبي ميلانو، انتهت لأصحاب اللونين الأحمر والأسود.
الاستقرار المادي والإداري هو حجر الأساس لنجاح أي مشروع فريق كروي في العالم، وهذا ما فعله ملّاك الميلان، مع تعيين باولو مالديني مديرًا فنيًا للفريق رفقة فريدريك ماسارا، وإعطاء الثقة الكاملة للمدرب بيولي لإتمام عمله الذي بدأ به، فسارت الرياح كما تشتهيها سفينة الروسونييري وتحقق لقب الدوري بعد غياب طويل.
نجاح إداري كبير للأسطورة مالديني
وجدت مجموعة إليوت نفسها أمام خيار وحيد لا ثاني له، الاستحواذ على النادي هو الحل لاستعادة المال الذي اقترضه الصينيون، الذين كانوا عبارة عن أداة استخدمها الراحل برلسكوني لعملية غسيل أموال واضحة، فماذا على إليوت فعله لتعويض الأموال المهدرة؟
بدأت إليوت بالاعتماد على الوجوه الميلانية القديمة وأصحاب الخبرات، فتم التعاقد مع ليوناردو وبوبان ومالديني، لكن الأخير استمر وحيدًا بعد استقالة ليوناردو وبوبان بسبب شح الأموال في النادي والقيود المالية في إيطاليا.
لا يختلف اثنان على أن مالديني كانت له اليد اليمنى في عودة الميلان لمنصات التتويج، من خلال التعاقد مع لاعبين كان الميلان بأمسّ الحاجة لهم، فاعتمد في البداية على الأسماء الشابة التي لم تلق ترحيبًا من جمهور الروسونييري، كهيرنانديز وبن ناصر وتعاقد مع لاعب الوسط ساندرو تونالي مقابل 17 مليون يورو، ونجح في كسب رافائيل لياو نجم الفريق الأول حاليًا مقابل 24 مليون يورو، إضافة لتأمين مركز حراسة المرمى بالتعاقد مع مايك ماينان (13 مليون يورو).
عقلية مالديني الاحترافية وحياته الكروية في الملاعب، كانت تحتم عليه إضافة قائد وعنصر خبرة لهذه المجموعة الشابة، فطلب من الإدارة التعاقد مع زلاتان إبراهيموفيتش الذي لم يتردد لحظة بقبول العرض، شخصية قيادية مفعمة بحيوية الشباب والتحدي، جعلت جميع عناصر الفريق تبحث عن الانتصارات فقط.
صبر إدارة ميلان كانت مفتاح الفرج، حيث أخذ المدرب ستيفانو بيولي وقتًا كافيًا لتنفيذ أفكاره، فتطور اللاعبون بشكل لافت، وأصبح شباب الأمس رجالًا أشداء، تمكنوا من إعادة راية الدوري للقلعة الحمراء والسوداء بعد السنين العجاف.
اعتمد بيولي في معظم مبارياته على الرسم التكتيكي 4-2-3-1، حيث ركز على الظهيرين في توسيع الملعب، وهذه كانت خطته للخروج بالكرة عند تكتل الخصم في منتصف الملعب، وقام بالمهمة ثيو ولياو على الجهة اليسرى وكالابريا ميسياس أو ساليميكرز على الجهة اليمنى، وفي حال لعب الخصم بطريقة كلاسيكية أو عبر الأطراف، فإن أسلوب ميلان يتحول للاختراق من العمق عبر لياو ودياز أو فتح مساحات أمام هيرنانديز.
ثورة الميلان مستمرة.. فهل يكتب لها النجاح؟
لم يكن الموسم الماضي بالنسبة للميلانيستا مرضيًا على الصعيد المحلي، فالفريق المتوّج ببطولة الدوري ابتعد مبكرًا عن الصدارة، بسبب عدم وجود دكّة بدلاء تعوض لاعبي الفريق الأساسيين، هذه المشكلة عالجها بيولي على الصعيد الأوروبي بإراحة اللاعبين للذهاب بعيدًا قدر الإمكان في البطولة الأعرق.
مع بداية ميركاتو صيف 2023، قررت إدارة ميلان الاستمرار بالثورة، لكنها فاجأت جمهورها بقرار مبكر وغريب، كان إقالة مالديني من منصبه بسبب خلافات معه واختلاف في وجهات النظر، اتبعته بخبر بيع تونالي لنيوكاسل بـ80 مليون يورو.
مع مرور عدة أيام بات كل شيء واضح للجميع، إدارة الروسونييري عملت في صمت قبل بدء الميركاتو وأخذت موافقة عدد من اللاعبين، وحسمت صفقة انتقال تونالي إلى نيوكاسل مع إعلان تخصيص مبلغ 75 مليون يورو للميركاتو.
أصبح في صندوق النادي 155 مليون يورو، بدأت إدارة ميلان تحركاتها السريعة، وخصوصًا خط الوسط حيث تم التعاقد مع اللاعب الهولندي رايندرز من نادي الكمار، والإنجليزي روبن تشيك من تشيلسي، ولاعب نادي فالنسيا يونس موسى.
إضافة للتعاقد مع الامريكي بوليسيتش قادمًا من تشيلسي، والنيجيري صامويل تشاكويزي من فياريال، والمهاجم أوكافور والحارس سبورتيللو، بكلفة إجمالية وصلت لـ124 مليون، أي فعليًا لم ينته ميركاتو ميلان بعد.
وداع ابراهيموفيتش وعودة دياز إلى فريقه ريال مدريد، يجب أن يتداركهما بيولي مع عناصره الجديدة، وجمهور الميلان لن يسمح هذا المرة بالتخبط، الذي قد يؤثر على ذهنية اللاعبين، فحسم الدوري أو الكأس سيعيد الميلان إلى مكانه الحقيقي، ويذكره بماضيه الأبيض الجميل.