10-نوفمبر-2016

نقوش عربية في قصر الحمراء في غرناطة

أشرف الباحث خوان كاستيا برازاليس على عمل رقمي، ترجم معظم نقوش قصر الحمراء، وهذه مقالة مترجمة عن جريدة "الباييس" الإسبانية.


الدعاية هي دعامة السلطة. في القرن الثامن عشر في إسبانيا استخدمتها العائلة النزرية بكل قوتها، فما كان منها إلا أن دعمت هذا النوع من الدعاية بالكتابة على كل شيء؛ الجسور والحوائط والسقوف في قصر الحمراء. كانت نتيجة هذه الممارسة المكثفة أن الـ 10 آلاف نقش كتابي في قصر الحمراء ليست نقوشًا لآيات قرانية أو قصائد ناعمة. معظم الأبيات تحكي مآثر وبطولات وغزوات السلطان، وأعظمها تركيبًا على الإطلاق تلك التي عنوانها "لا غالب إلا الله"، والتي ترمز بالنسبة للقراء في ذلك العصر إلى صفة من يحكمهم باسم الله، وهذه هي إحدى الدراسات التي توصل لها الباحث المستعرب خوان كاستيا برازاليس الباحث في مدرسة الدراسات العربية CSIC.

إلى جانب فريق كبير من الباحثين قام باستعراض وتصنيف العشرة آلاف نقش. الخطة التي قام بها الباحثون كانت تشمل تحديد مكان النقش وترجمته وربطه بأساطير أو قصص مشابهة عنه، وتصويرها جميعها ورسم كل واحدة منها على ثلاثة أنواع من المواد: الخشب والحجر والجص.

الديكور العربي يختلف عن ديكور القصور الغربية والكاتدارئيات التي اعتادت رسم البشر والحيوانات

اقرأ/ي أيضًا: بلاط الغرباء.. من دمشق إلى بواتييه

يقول كاستيا: "إنه من الصعب إيجاد مكان في الحمراء بلا زينة حتى المقربضات (السقوف المعلقة) التي تمتلئ بالوجوه، تجد في كل وجه فيها نقشًا من الداخل والخارج"، ويضيف: "قضيت ساعات أكشف كل وجه فيها باحثًا عن شطر قصيدة هنا أوهناك". 

آلة دعائية 

الديكور العربي يختلف عن ديكور القصور الغربية والكاتدارئيات التي اعتادت رسم البشر والحيوانات، لذا فقد قام المهندسون العرب باستحضار أشكال هندسية ونباتية للزينة، في غياب تام للخامة البلاستيك لجؤوا أيضًا إلى الكتابة اليدوية. يقول كاستيا: "الحمراء ليست مليئة بالقصائد، ولا بالجمل التاريخية، لأن هدفًا أساسيًا من تلك النقوش كان التأكيد على الهوية، وهي أيضًا وسيلة دعائية رائجة".

"الجمل القصيرة الحماسية أمر معتاد في تمجيد الله عند المسلمين مثل القول: الشكر لله، العزة لله، تلك المقاطع القصيرة والجمل التي تتحدث بشكل قصير عن مفاهيم مجردة مثل السعادة والمجد والبركة، وتلك التي تتعلق بصاحب العرش"، وأخيرًا "النقوش القرآنية ويليها الأساطير الشعرية".

حسب كاتب المقال فإن العمل الذي قام به كاستيا أنهى خمسمائة عام من البحث في نقوش الحمراء، بدأت منذ استيلاء المسيحيين على الأندلس، فمنذ ذلك الوقت تحولت الحمراء إلى مكان للزيارة، ومساحة للزوار الفضوليين الذين يريدون أن يفهموا ماذا كُتب على جدران الحمراء وهل جملة "لا غالب إلا الله هي دعوة للحرب؟". مع العلم أن عمل كاستيا شمل فقط ترجمة القصائد، بينما بقيت الجمل القصيرة الأقل أهمية دون أن يشملها البحث. 

عمل مضن 

ترجم الأبيات الأولى الطبيب الغرناطي ألونسو ديل كاستيو عام 1564، ويرى كاستيا أن هذا المترجم حاول أن يصل إلى الكمال، ويقول كاستيا نفسه كان الأمر مستحيلًا لكثرة النقوش، لقد وجدنا نقوشًا في العليات، وعلى الدرج وعلى مواد مكدسة منذ قرون . 

قام اتحاد الجامعات الإسبانية بمنح مشروع ترجمة نقوش قصر الحمراء جائزة أفضل عمل وطني رقمي

بسؤال الباحث حول المقاييس التي اعتمدتها للتعامل مع النقوش، أجاب شارحًا أن كل سلطان أراد أن يترك أثرًا ما، لذا فإن المساحات صُممت لتُظهر النقوش، بل إن بعض النقوش ابتكرت خصيصًا لبعض المناسبات، وفي بعض الأحايين استخدمت أجزاء من نصوص مكتوبة بالفعل". 

اقرأ/ي أيضًا: "التراث" عند الجابري.. تمفصُلُ المغرب والمشرق

تصنيف النقوش تم وضعه فيما يسمى متن نصوص الحمراء، وهي نسخة ثنائية اللغة من ثمان كتب إلكترونية تفاعلية، تسمح للمستخدم معرفة تفاصيل كل نقش: المكان، الترجمة، الصورة، الرسم، السياق. 

قام اتحاد الجامعات الإسبانية بمنح هذا العمل جائزة أفضل عمل وطني رقمي، وقد أعلن السيد رينالدو فرينانديز مدير مشروع الحمراء، وهو أيضًا محرر العمل، أنه سيضع بين يدي الجمهور جزئين آخرين من الكتب الرقمية لتنقص من أسرار الحمراء 10 آلآف سر آخر.

اقرأ/ي أيضًا:

أندريس نيومان.. شعر يملأ فراغ الحاضر

تاريخ كتالونيا في 300 صفحة