26-أغسطس-2024
حراس سجون إسرائيليون

(AP) حراس سجون إسرائيليون عند مدخل سجن عوفر بالضفة الغربية المحتلة

اتهم تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" جيش الاحتلال الإسرائيلي بـ"احتجاز وتعذيب" فلسطينيين يعملون في مجال الرعاية الصحية بقطاع غزة، منذ اندلاع العدوان على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وقال تقرير المنظمة المعنية بحقوق الإنسان، الصادر اليوم الإثنين، إن "الجيش الإسرائيلي احتجز تعسفًا فلسطينيين يعملون في مجال الرعاية الصحية في غزة منذ بدء الأعمال العدائية في تشرين الأول/أكتوبر 2023".

وأضاف التقرير أن الاحتلال رحل الفلسطينيين "إلى منشآت الاحتجاز في إسرائيل"، مشيرًا إلى أن احتجاز الكوادر الطبية يأتي في سياق الهجمات العسكرية الإسرائيلية المتكررة على المستشفيات في غزة، مما يساهم في التدهور الكارثي لنظام الرعاية الصحية في القطاع المحاصر.

ساهم احتجاز الكوادر الطبية في سجون الاحتلال بالتدهور الكارثي لنظام الرعاية الصحية في القطاع المحاصر

ووصف أطباء وممرضون ومسعفون مُفرج عنهم للمنظمة الحقوقية "سوء المعاملة في السجون الإسرائيلية، بما يشمل الإذلال، والضرب، والوضعيات المجهدة القسرية، والتقييد وعصب الأعين لفترات طويلة، والحرمان من الرعاية الطبية".

وأبلغت الكوادر الطبية "هيومن رايتس ووتش" أيضًا عن تعرضهم للتعذيب، بما في ذلك "الاغتصاب والاعتداء الجنسي من قبل القوات الإسرائيلية، والحرمان من الرعاية الطبية، وظروف الاحتجاز السيئة لعموم المحتجزين".

وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في "هيومن رايتس ووتش"، بلقيس جراح: "تواصل الحكومة الإسرائيلية إساءة معاملة الكوادر الطبية الفلسطينية بعيدًا عن الأعين، وعليها التوقف فورًا"، مضيفةً أنه "ينبغي إجراء تحقيق شامل في التعذيب وغيره من ضروب إساءة معاملة الأطباء والممرضين والمُسعفين، ومعاقبة الجناة بشكل مناسب، بما في ذلك من قبل’المحكمة الجنائية الدولية".

وتشير المنظمة الحقوقية إلى أنها قابلت بين آذار/مارس وحزيران/يونيو 2024، ثمانية فلسطينيين عاملين في مجال الرعاية الصحية اعتقلهم الجيش الإسرائيلي من غزة بين تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر 2023.

وقالت المنظمة إن الاحتلال "احتجزهم دون اتهامات لمدد تتراوح بين سبعة أيام وخمسة أشهر"، وأضافت أنه "اعتُقل ستة منهم أثناء العمل عقب الحصار الإسرائيلي للمستشفيات أو أثناء عمليات إخلاء المستشفيات التي قالوا إنها جرت بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي".

ولفتت "هيومن رايتس ووتش" إلى أنه "لم يقل أي من العاملين في الرعاية الصحية إنهم أُبلغوا بسبب احتجازهم أو اتُهموا بارتكاب جريمة"، وتابعت أنها تحدثت "مع سبعة أشخاص شهدوا اعتقال جنود إسرائيليين لعمال  الرعاية الصحية أثناء قيامهم بواجباتهم".

وأضاف المنظمة الحقوقية أن جميع العاملين في الرعاية الصحية الذين قابلتهم قدموا روايات مماثلة عن إساءة المعاملة في السجون الإسرائيلية، موضحة أنهم "بعد أن كانوا في غزة، رُحلوا إلى منشآت الاحتجاز في إسرائيل، منها قاعدة سدي تيمان العسكرية في صحراء النقب وسجن عسقلان، أو نُقلوا قسرًا إلى قاعدة عنتوت  العسكرية بالقرب من القدس الشرقية، وسجن عوفر في الضفة الغربية المحتلة".

قال الجميع في شهاداتهم إنهم "جُردوا من ملابسهم، وضُربوا، وعُصبت أعينهم، وقُيّدت أيديهم لأسابيع عديدة متتالية، وتعرضوا للضغط حتى يعترفوا بأنهم أعضاء في حركة "حماس"، مع تهديدات مختلفة بالاحتجاز لأجل غير محدد والاغتصاب وقتل عائلاتهم في غزة".

وأفاد عمال الرعاية الصحية أيضًا أنهم "تعرضوا للعقاب في الحجز بسبب الحركة أو التحدث، والعقاب الجماعي إذا تحدث محتجزون آخرون"، وقال أحدهم: "إذا تحدث شخص، فإنهم (الجنود) يعاقبون المستودع بأكمله (في سجن النقب) بشكل جماعي".

وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن الاحتجاز التعسفي المطول وإساءة معاملة الكوادر الطبية  فاقم الأزمة الصحية في غزة، مشيرةً إلى أنه منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أصيب أكثر من 92 ألف شخص في غزة، ولدى المستشفيات العاملة أقل من 1.500 سرير للمرضى المقيمين، ومع ذلك، سمحت السلطات الإسرائيلية لـ 35 بالمئة فقط من حوالي 14 ألف شخص طلبوا الإخلاء الطبي بمغادرة غزة، وفقا لتقرير "منظمة الصحة العالمية" في وقت سابق من الشهر الجاري.

وأوضحت المنظمة الحقوقية أن روايات الكوادر الطبية تتوافق مع التقارير المستقلة، منها تقارير مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأنروا"، ووسائل الإعلام الإسرائيلية، والجماعات الحقوقية.

وأفاد جميع عمال الرعاية الصحية الذين قابلتهم بأنهم "تعرضوا للإذلال وإساءة المعاملة والتعذيب، بما في ذلك التجريد من الملابس والضرب، والوضعيات المؤلمة لفترات طويلة، والتقييد شبه المستمر، وعصب العينين"، فيما قال البعض إنهم "تعرضوا للتهديد بالعنف الجنسي وباستخدام كلاب الهجوم".

كما وصف عمال الرعاية الصحية تعرضهم لـ"الضرب والإيذاء الجسدي بعد اعتقالهم، بما في ذلك اللكم، والركل بأحذية ذات مقدمة فولاذية صلبة، والصفع، والضرب بأعقاب البنادق على يد الجنود الإسرائيليين".

وكانت جميع التقارير الصادة عن الجهات التي ذكرتها "هيومن رايتس ووتش"، قد وثقت العشرات من روايات المعتقلين عن الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، والضرب، والعنف الجنسي، والاعترافات القسرية، والصعق بالكهرباء، وغيرها من أشكال التعذيب والانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون في منشآت الاحتجاز الإسرائيلية.

وأشارت المنظمة الحقوقية إلى أنها وجدت أن "السلطات الإسرائيلية لم توفر على مدى عقود مساءلة موثوقة عن التعذيب وغيره من الانتهاكات ضد المحتجزين الفلسطينيين"، داعية الدول الغربية إلى "دعم جهود العدالة الدولية الرامية إلى التصدي للانتهاكات الإسرائيلية ضد المحتجزين الفلسطينيين ومحاسبة المسؤولين عنها".

وشددت المنظمة الحقوقية على أنه "ينبغي للولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وغيرها من الدول الضغط على إسرائيل لإنهاء ممارسات الاحتجاز التعسفية، التي تشكل أحد جوانب القمع الممنهج الكامن وراء جرائم السلطات الإسرائيلية ضد الإنسانية والمتمثلة في الفصل العنصري والاضطهاد ضد الفلسطينيين".

وذكّرت بأن المحكمة الجنائية الدولية تدرس طلبات إصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين كبار بتهمة ارتكاب جرائم دولية خطيرة، وعليها التأكد من أن تحقيقاتها تتناول الانتهاكات ضد المحتجزين الفلسطينيين، مؤكدةً أنه ينبغي لحلفاء إسرائيل الضغط على الحكومة للسماح بشكل عاجل بمراقبة مستقلة لمرافق الاحتجاز.

وقالت جراح: "يسلط تعذيب الكوادر الطبية الفلسطينية الضوء على قضية أكبر بكثير تتمثل بمعاملة الحكومة الإسرائيلية للمحتجزين بشكل عام"، وأضافت أنه "ينبغي للحكومات أن تدعو السلطات الإسرائيلية علنًا إلى إطلاق سراح العاملين في الرعاية الصحية المحتجزين بشكل غير قانوني، ووقف إساءة المعاملة والظروف المروعة لجميع الفلسطينيين المحتجزين".