قررت محكمة «جنايات القاهرة»، التحفظ على أموال الناشط الحقوقي حسام بهجت، وجمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وبهي الدين حسن، رئيس مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومصطفى الحسن، مدير مركز هشام مبارك للقانون، وعبد الحفيظ طايل، رئيس المركز المصري للحق في التعليم، وأموال مراكزهم الحقوقية، في قضية المنظمات الحقوقية المعروفة ب«173 تمويل أجنبي».
التضارب في أعداد المنظمات الحقوقية، التي يتتبع النظام المصري أموالها، يعني أن الأحكام الأخيرة ليست آخر حلقات الانتقام من الحقوقيين المصريين
وبذلك، يرتفع عدد الممنوعين من التصرف في أموالهم إلى 12 ناشطًا حقوقيًا.
اقرأ/ي أيضًا: مشهلاتي الحكومة..برلمان مصر يستهزئ بالدستور
عودة القضية «173 تمويل أجنبي»
بعد مرور أكثر من 4 سنوات على تفجيرها، عادت مجددًا بإسنادها إلى هيئة تحقيق جديدة، فيما يشبه عودة نية الانتقام من منظمات المجتمع المدني مجددًا، وبدأت بقرارات استدعاء ومنع من السفر والتصرف في الأموال لعدد من النشطاء الحقوقيين.
وانقسمت القضية، في وقت مبكر، إلى قضيتين بعد اقتحام فروع منظمات المجتمع المدني الأجنبية في مصر، وعدد من المنظمات المصرية في نهاية ديسمبر 2011. وانتهت القضية الأولى الخاصة بالمنظمات الأجنبية بمعاقبة المتهمين بالحبس لفترات متباينة أقصاها 5 سنوات.
أمّا الفصل الثاني من القضية، والذي بدأت أحداثه أواخر 2011، وأعيد فتحها الآن، فتم قصره على المنظمات المحليّة، التي أبلغ عنها تقرير لجنة تقصي الحقائق -المشكّلة بقرار من مجلس الوزراء- في قضايا التمويل الأجنبي، ونشاط منظمات المجتمع المدني داخل مصر.
وكانت آخر حلقاته أمس، بتأييد منع 12 حقوقيًا من التصرف في أموالهم.
لعنة أمن الدولة
زعمت أوراق القضية «173 تمويل أجنبي»، التي استندت إلى تحريات جهاز أمن الدولة، أن النشطاء الحقوقيين يتلقون تمويلات بغرض استغلالها في أنشطة إجرامية عبر كيان «خارج على القانون».
كان الرد جاهزًا لدى المنظمات الحقوقية، فقدّمت، ليلة صدور الحكم، بيانًا مشتركًا سردت فيه بعض كواليس القضية. قالت:
1. في التحريات الخاصة بإحدى المنظمات، قدم المصدر الأمني 107 فيديو لعمل المنظمة من على موقعها الخاص على شبكة الإنترنت، وشهد أمام القاضي أن عمل المنظمة استهدف الإضرار بالأمن القومي، وزعزعة الاستقرار في مصر، والتشجيع على الفوضى وانهيار الأمن، وتشجيع الانقسام داخل المجتمع المصري، والترويج لفشل النظام.
2. في حيثيات الحكم الصادر في 15 حزيران/يونيو الماضي بتأييد طلب قضاة التحقيق بتجميد الأصول والأموال الخاصة بمركز أندلس لدراسات التسامح ومديره أحمد سميح، اعتمد القاضي على تقرير أعده ضابط الأمن الوطني العقيد محمود علي محمود، مسببًا قبوله للطلب -استنادًا لشهادة ضابط الأمن الوطني- بأن المركز استقبل أموالًا أجنبية في مقابل نشر معلومات خاطئة، تستهدف الإضرار بصورة مصر، ونشر الفوضى وإضعاف مؤسسات الدولة، وإحداث انقسامات في المجتمع المصري.
3. ادّعت المحكمة أن هناك منظمات متورّطة في «نشر ادعاءات كاذبة عن وجود تمييز ضد المسيحيين الأقباط والبهائيين بهدف الإضرار بالأمن القومي، وتشويه صورة البلاد في الخارج، ونشر بيانات كاذبة بشأن وجود فتنة طائفية في مصر».
اقرأ/ي أيضًا: ما الذي سيحدث إذا انسحبت كلينتون من الانتخابات؟
السجن.. في انتظار من؟
هناك تضارب في أعداد من تشملهم دائرة الخطر. ولها ثلاثة مصادر:
1. النيابة قدّمت لهيئة المحكمة أوراقًا ومستندات تؤكد أن الحسابات البنكية الشخصية والخاصة بـ 13 منظمة أخرى «معرّضة للتجميد».
2. تقرير لجنة تقصي الحقائق أكد أن 37 منظمة معرّضة للضبط والإحضار منذ 2011.3. قدّم قاضي التحقيق استفسارًا إلى مصلحة الضرائب يسأل فيه عن الموقف الحالي لـ 25 منظمة مصرية، وفقًا لما نشرته صحف القاهرة.
التضارب في أعداد المنظمات الحقوقية، التي يتتبع النظام المصري أموالها، يشير إلى أن مجموعة أخرى من الحقوقيين ستتعرّض للمنع من السفر، وتجميد أرصدتها، ما يعني أنّ جلسة أمس ليست آخر حلقات الانتقام من المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر.
العقوبات المحتملة
عام 2012، كانت أقصى عقوبة ممكنة للمتهمين بتلقي تمويلات أجنبية السجن لمدة خمس سنوات، لكن الآن، بعد تعديل المادة 78 من قانون العقوبات ارتفعت العقوبة إلى السجن المؤبد للنشطاء، وربما تصل إلى إغلاق المنظمات كما جرى مع أفرع المنظمات الأمريكية بالقاهرة قبل ثلاث سنوات على يد المجلس العسكري.
غضب دولي
خارج الحدود، كانت جهات حقوقية دولية تتابع مسلسل قمع المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر، بقدر كبير من الاهتمام.
وتعليقًا على الأحكام، دعت منظمة «العفو الدولية» السلطات المصرية لإلغاء تجميد الحسابات المصرفية لحقوقيين ومؤسسات حقوقية في البلاد، معتبرة ذلك "قمعًا لحركة حقوق الإنسان". ودعت «العفو الدولية» إلى إلغاء تجميد الحسابات المصرفية للحقوقيين، ووصف مدير منطقة الشرق الأوسط في المنظمة فيليب لوثر، قرار المحكمة بأنه سوء استخدام صارخ لنظام العدالة الجنائية، لمنع الناس من التحدث علنًا عن حالة حقوق الإنسان المتدهورة بشدة في مصر.
وعبرت «هيومن رايتس مونيتور» عن غضبها من القرارات المتلاحقة بشأن الحقوقيين، وأدانت قرار التحفظ على الأموال والاعتقالات والملاحقات القضائية في مصر خلال الأشهر الماضية.
اقرأ/ي أيضًا: