يتحدث البعض عن أن اللعب بأسلوب 3-5-2 أصبح خطة قديمة وولّى عليها الزمن، ولكن من شاهد بطولة كأس الأمم الأوروبية الأخيرة التي أقيمت في فرنسا سيغيّر رأيه حين يرى كيف تمكّن المدرب الإيطالي المخضرم أنطونيو كونتي، المدير الفني لمنتخب إيطاليا حينها، من تحقيق إنجاز تكتيكي باستخدام أسلوب اللعب بطريقة 3-5-2 من خلال مجموعة من اللاعبين غير المعروفين، ليثبت أن تطبيق خطة اللعب ونجاحها يعود إلى المدرب بالدرجة الأولى وليس لأن الخطة أصبحت تتناسب أو لا تتناسب مع الكرة الحديثة وفقًا لنجاحها أو فشلها مع فرق أخرى.
الميزة الكبرى لخطة 3-4-3 هي توزيع مهام لاعبي الارتكاز الدفاعية على عدد أكبر من اللاعبين
الطفرة التي صنعها كونتي مع يوفنتوس ثم المنتخب الإيطالي بطريقة 3-5-2 لم يفكر أن يكررها حين انتقل صيف العام الماضي إلى العاصمة الإنجليزية لتدريب فريقه الحالي تشيلسي، وذلك لعلمه الجيد بأن إيقاع الدوري الإنجليزي سريع جدًا وأن اللجوء إلى تلك الخطة قد يضع "البلوز" في مشكلة على شاكلة ما حدث العام الماضي مع المدرب الهولندي لويس فان غال أثناء تدريبه لفريق مانشستر يونايتد، حيث لم يستطع الهولندي المخضرم تحقيق النجاح بعد أن فشل في إيجاد توازن خططي على أرض الملعب يتناسب مع جودة لاعبيه وإمكانياتهم.
اقرأ/ي أيضًا: كيف فكك كونتي شيفرة تشيلسي؟
في الموسم الحالي من البريميرليج، بدأ تشيلسي مبارياته الأولى بتجربة عدد من أساليب اللعب، فلعب بخطة 4-2-4 ثم حاول اللعب بخطة 4-3-3 ثم جرّب حظه مع طريقة 4-2-3-1، وكانت النتائج غير مرضية مما جعل المدرب الإيطالي يلجأ إلى كارته السحري ويلعب بأسلوب 3-4-3، ليبدأ "البلوز" في تقديم سلسلة من العروض الجيدة دفاعيًا وهجوميًا جعلتهم يحققون 13 فوزًا متتاليًا في الدوري ليعادلوا الرقم القياسي المسجل باسم أرسنال في موسم 2002.
النجاح المبهر لتشيلسي تحت قيادة كونتي في تصدّر "أقوى دوري في العالم" بفارق 7 نقاط كاملة عن أقرب منافسيه وتحقيق المدرب الإيطالي لإنجاز قياسي في عامه التدريبي الأول بإنجلترا دفع عددًا من فرق الدوري الأخرى إلى محاولة تقليده، حتى ولو كان يواجه تشيلسي نفسه مثلما فعل الأرجنتيني ماوريسيو بوتشيتينو مدرب توتنهام في اللقاء الذي انتهى بفوز فريقه على تشيلسي بنتيجة 2-0، ليرتقي إلى المركز الثاني في جدول ترتيب الدوري.
لكن الأمر لم يتوقف عند حدود إنجلترا، فقد اتبع المدرب الألماني توماس توخيل مدرب بورسيا دورتموند نفس طريقة اللعب للتغلب على مشكلاته الدفاعية هذا الموسم، وربما نرى هذه الخطة قريبًا في إيطاليا مع روما أو يوفينتوس.
اقرأ/ي أيضًا: تشيلسي يقهر مدينة مانشستر بقطبيها
مميزاتها
الميزة الكبرى لهذه الخطة هي توزيع مهام لاعبي الارتكاز الدفاعية على عدد أكبر من اللاعبين، فإذا نظرنا إلى وسط الملعب سنجد 4 لاعبين منتشرين عرضيًا في الوضع الدفاعي والهجومي، وبالتالي يمكنهم بسهولة استعادة الكرة من أي مكان في الملعب سواء لجأ فريقهم إلى تطبيق أسلوب الضغط العالي أو تراجع للدفاع المتأخر في وسط ملعبه. الميزة الأخرى في الخطة هي خط الدفاع، فعندما تدافع بثلاثة لاعبين في القلب أفضل كثيرًا من أن تدافع بلاعبين فقط، لأن تحرك أحد قلبي الدفاع بمساندة الظهيرين الأيمن أو الأيسر لن يصنع فجوة وقتها في العمق من الممكن أن يستغلها المنافس للوصول إلى المرمى.
عندما تملك لاعبين يدافعان على الأطراف قبل أن تصل الكرة إلى خط دفاعك، فحتمًا يكون الفريق صعب الاختراق عبر الأجنحة، الأمر الذي يضطر الفريق المنافس لمحاولة الاختراق من القلب وهذا يتطلب لاعبين ذوي جودة كبيرة فضلًا عما يستلزمه من بطء في التحضير والهجوم. هذه ميزة أخرى في خطة 3-4-3، فالجناح الأيمن خلفه ظهير أيمن وخلفهما قلب دفاع يتحول إلى مدافع، ونفس الأمر على اليسار، لذلك من الصعب على المنافس أن يفكر في بناء هجماته من على الأطراف.
في خطة 3-4-3، الجناح خلفه ظهير وخلفهما قلب دفاع يتحول إلى مدافع، لذلك من الصعب على المنافس أن يفكر في بناء هجماته على الأطراف
شروطها
لكن ما سبق لا يعني أن أي فريق باستطاعته تطبيق الخطة والحصول على نتائج مبهرة مثل ما يحققه تشيلسي حاليًا أو ما ينتظر بروسيا دورتموند مستقبًلا بعد تشرّب اللاعبين للخطة، فقبل كل ذلك هناك متطلبات ينبغي توفرها في الفريق الذي يفكر في تغيير خطة لعبه إلى 3-4-3، فأولًا لا بد أن يمتلك لاعبًا أو لاعبين في خط الدفاع يمكنهما التحول إلى ظهير أيسر أو أيمن أو لاعب ارتكاز محوري في منتصف الملعب مثل سيزار أزبليكويتا وديفيد لويز في تشيلسي.
ثانيًا، أن يمتلك الفريق ظهيرين يمينًا ويسارًا من أصحاب اللياقة البدنية العالية أولًا، ومن الذين يجمعون بين إجادة الجمع بين المهام الدفاعية والهجومية معًا، فلا يستطيع أي ظهير أيمن أو أيسر التكيف مع تغيير مركزه من رباعي الخط الخلفي إلى رباعي خط الوسط، وهذه النقطة تحديدًا ستمثل اختبارًا لتشيلسي في حالة إصابة ظهيريه ماركوس ألونسو وفيكتور موسيس. وللتوثيق فقط، آخر مباراة لتشيلسي جمعته يوم السبت الماضي بحامل اللقب ليستر سيتي وشهدت تسجيل ماركوس ألونسو لهدفين في المباراة التي انتهت بفوز فريقه بنتيجة 3-0.
ثالثًا، أن تمتلك أجنحة هجومية متحركة بسرعات عالية وقادرة على التحول الهجومي إلى الدور الدفاعي، وقد تكون هذه الجزئية هي التي ألهمت كونتي اللعب بخطة 3-4-3 في ظل امتلاكه ثلاثيًا مثل إيدن هازار وبيدرو روديجز وويليان يملكون مهارة التحكم بالكرة وسرعة الارتداد والانضباط التكتيكي.
اقرأ/ي أيضًا: