أُسدل الستار على فعاليات "أيام قرطاج الموسيقية" في تونس، التي انتظمت من 9 إلى 17 نيسان/أبريل، بحفل الاختتام الذي أثثته فرقة "فارفينا" البوركينية في تكريم للموسيقى الأفريقية. وتوزّعت في نهاية الحفل جوائز المسابقة الرسمية، رغم سيطرة تونس على العروض المشاركة فيها بتسعة عروض من أصل اثني عشر عرضًا، فقد استطاع عرض "ناتال"، وهو العرض الوحيد من السينغال، اقتناص الجائزة الأولى وهي جائزة التانيت الذهبي. وتحصّل العرضان التونسيان للموسيقيين صبري مصباح ونصر الدين شلبي على الجائزتين الثانية والثالثة على التوالي.
يمثّل مهرجان "أيام قرطاج الموسيقية" أهم حدث موسيقي في تونس
وتمثّل أيام قرطاج الموسيقية أهم حدث موسيقي بتونس، وهي وريثة "مهرجان الأغنية التونسية" الذي انطلق في الثمانينات قبل أن يتحول عام 2005 إلى "مهرجان الموسيقى التونسية"، قبل تغيير اسمه إلى "أيام قرطاج الموسيقية" التي انعقدت دورتها الثالثة قبل أيام. لتندرج بذلك في إطار سلسلة التظاهرات الثقافية السنوية بتونس، التي تضم كذلك "أيام قرطاج السينمائية" و"أيام قرطاج المسرحية"، وعلى غرار السنة الفارطة، ترأس هذه الدّورة الأكاديمي في العلوم الموسيقية حمدي مخلوف.
اقرأ/ي أيضًا: تونس تودّع أولاد حمد
افتتح الدورة عرض "عطور" للموسيقي التونسي محمد علي كمون، وهو لوحة موسيقية مزجت بين أنماط مختلفة من التراث الموسيقي التونسي أثراه بالفنون البصرية. وقد انطلق العرض بلفتة تكريمية لفقيد الشعر في تونس الصغير أولاد أحمد الذي وفاه الأجل بداية الشهر الجاري، من خلال قراءة بعض قصائده. وتضمّنت اللّوحة عروضًا من التاريخ الوطني لتونس، خاصة مع تزامن حفل افتتاح الدورة مع يوم عيد الشهداء.
وتكوّنت لجنة تحكيم المسابقة الرّسمية في الدورة من موسيقيين من تونس والأردن ولبنان وفرنسا ومدغشقر، وترأسها الفنان التونسي عدنان الشواشي. حيث ضمت ضمن أعضائها الفنانة اللبنانية أميمة الخليل، والموسيقي الأردني رائد عصفور. واقتصرت المنافسة على المشاريع الموسيقية الجديدة والمبتكرة والتي تقدم على شكل عروض مباشرة من حاملي الجنسية التونسية، أو إحدى جنسيات البلدان العربية والأفريقية، وذلك وفق الشروط المحدّدة للمسابقة الرسمية.
اقرأ/ي أيضًا: قاسم سعودي.. تعال نكتب في بغداد
وتضمّنت هذه الدورة لجانًا خاصّة أسدت جوائز لموسيقيين تونسيين تتمثّل في دعم انتاجهم وتسويقه في الأسواق الخارجية. وقد بلغت الاعتمادات المخصّصة من وزارة الثقافة للدورة الحالية 750 ألف دينار (375 ألف دولار)، وذلك بالإضافة إلى دعم بعض المستثمرين.
لم تحصر "أيام قرطاج الموسيقية" فعالياتها في العاصمة التونسية فقط
وإضافة للعروض الرسمية، تضمّنت الدورة عروضًا موسيقية خارج المسابقة الرسمية، انتظم جزء منها خارج العاصمة. حيث بلغ عدد العروض أكثر من 25 عرضًا فنيًا من تونس والمغرب ومصر وغانا وبوركينا فاسو والبينين والسنغال والسودان، تضمنت أنماطا موسيقية من مدارس مختلفة. وعربيًا، قدمت الفرقة المصرية الاسكندرانية "مسار إجباري" عرضًا بإحدى قاعات العاصمة شهد حضورًا جماهيريًا هامًا.
وشهدت هذه الدورة تنظيم "صالون الصناعات الموسيقية" ضمن فعالياتها، وهو صالون يتضمن عرضًا لآخر الابتكارات في الصناعة الموسيقية مثلّ فرصة للتلاقي بين الموسيقيين والمنتجين والصناعيين. وقدّم الباحث التونسي الطاهر بن سويسي ابتكاره المتمثّل في عود من ألياف الكربون. واختبر العازف العراقي نصير شمّة هذا العود الذي وصف صوته بالمتوازن مضيفًا بأن "عود الكربون هو تغيير جذري في المادة الخام التي تصنع منها الآلة". وصرّح شمّة في مؤتمر صحفي "ندعم كل التجارب التي تتميز بالجرأة والمبنية على العلم والابتكار ورغبة حقيقية في التطوير".
وعلى غرار الدورة الأخيرة لأيام قرطاج السينمائية وكذلك المسرحية، لم تشذ أيام قرطاج الموسيقية عن البدعة الحسنة المُستحدثة في التظاهرات الثقافية الكبرى في تونس، بعدم حصر فعالياتها في العاصمة، وتنظيم بعضها في الجهات الداخلية للبلاد. حيث انتظم ثلاثون عرضًا بإحدى عشرة مدينة تونسية. ويأتي هذا التوجه في إطار تفعيل لا مركزية النشاط الثقافي بتونس، حيث انسحب التمييز السلبي بين المناطق الساحلية والمناطق الداخلية، طيلة العقود الماضية، على الشأن الثقافي، وهو ما استوجب تداركه بعد الثورة.
اقرأ/ي أيضًا: