توفي ليلة أمس الجمعة، الأول من أيلول/ سبتمبر، الفنان العراقي ياس خضر (1938 – 2023) عن عمر ناهز 85 عامًا، بعد معاناة طويلة مع المرض في إحدى مستشفيات بغداد.
ولد خضر في مدينة النجف، جنوب غرب بغداد، عام 1938 لعائلة دينية ملتزمة، فكان في طفولته قارئًا للقرآن الذي اكتشف عبره فرادة صوته الذي اشتغل على صقله وتطويره في شبابه عبر الغناء في الأعراس والحفلات إلى أن التقى بالموسيقار جميل بشير، الذي ذكر في أحد حواراته أنه تتلمذ على يده.
تميّزت أغاني الراحل بانسجام صوته مع الكلمات وقدرته على التعبير عن معانيها وما تُحيل إليه
وفي أواخر ستينيات القرن الفائت، التقى خضر بالموسيقار محمد جواد أموري الذي سجّل معه أغنية "الهدل"، التي بثتها إذاعة القوات المسلحة آنذاك. ومع أن اسم الأغنية طغى على اسم مغنيها، إلا أنها كانت بداية مسيرته الفنية التي تعاون خلالها مع أهم الشعراء والملحنين في زمنه.
وتُعد أغنية "المكيَّر" التي كتب كلماتها زامل سعيد فتّاح ولحّنها كمال السيد، الأغنية التي أبرزت فرادة وخصوصية صوته، وقدّمته للمستمع العراقي. لكن صوت خضر كان دائم التبدّل والتطوّر والقدرة على مفاجأة المستمع، فمع بداية السبعينيات، شهدت تجربته تحولًا هائلًا بعد تعاونه مع الموسيقار طالب القره غولي، الذي لحّن له أغنيته الشهيرة "ليل البنفسج" التي كتب كلماتها الشاعر مظفر النواب، وجرى منعها في العراق بعد صدورها مباشرةً من قِبل نظام البعث لأسباب مجهولة لكن البعض يُعيدها إلى موقف النواب من النظام.
لحّن طالب القره غولي عدة أغان أخرى للراحل، منها: "روحي" التي قام نظام البعث بمنعها أيضًا، و"الريل وحمد"، و"حن وأنا حن"، وجميعها من كلمات الراحل مظفر النواب. كما لحّن له أغنية "إعزاز" لزامل سعيد فتّاح. وإلى جانب القره غولي، تعاون خضر مع عدة ملحنين عراقيين، منهم محمد جوادي أموري، ورضا علي، ويحيى حمدي، ومحمد نوشي، ومحمد عبد المحسن، وكمال السيد.
تميّزت أغاني ياس خضر بانسجام صوته مع الكلمات وقدرته على التعبير عن معانيها وما تُحيل إليه، ناهيك عن الحزن الذي منحه صوته بُعدًا ومعانٍ مختلفة وبعيدة عن توسّل شفقة المستمع أو تعاطفه. حزنٌ عَنونَ معظم أغانيه التي كانت، بشكل أو بآخر، انعكاسًا لأحوال المجتمع العراقي الغارق في الحزن واليأس والقهر.