ألترا صوت- فريق التحرير
يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُهُ الورق، ولغته الخيال.
بلال محمد شلش (1987-): زميل أبحاث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. مؤسس مبادرة وَثِّقْ فلسطين. منشغل حاليًا بالبحث في تاريخ الفعل العسكري الفلسطيني خلال حرب 1947- 1949، وفي تاريخ المقاومة المسلحة خلال انتفاضة الأقصى 2000- 2005. كجزء من اهتمامه البحثي في تاريخ المقاومة الفلسطينية المسلحة، وتاريخ الحركات السياسية الفلسطينية المعاصرة. حاصل على منحة برنامج ماجستير الدراسات الإسرائيلية في جامعة بيرزيت، وسبق وأنهى ماجستير تاريخ عربي وإسلامي في جامعة بيرزيت. صدر له عدد من الكتب والبحوث المحكمة، وسيصدر له قريبًا: يافا دمٌ على حجر.. حامية يافا وفعلها العسكري: دراسة ووثائق (كانون الأول/ ديسمبر 1947- نيسان/ أبريل 1948). بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2018. في مجلدين.
- ما الذي جاء بك إلى عالم الكتب؟
أول هدية أتذكرها كانت مجموعة قصص اشترتها لي والدتي، وحين أستذكر بعض طفولتي، أول مشهد يحضر كتاب قديم طبع في عشرينيات القرن الماضي، بعض أوراقه ممزقة فلا يستطيع القارئ تبين المتن الذي كتب على هامش الكتاب الأصلي، كان والدي يحمله ليلًا ويبدأ بالقراءة منه بعد اجتماعنا حوله، بعد حين علمت أنه نسخة من "فتوح الشام" للواقدي.
- ما هو الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثيرًا في حياتك؟
لا كتاب محدد، لكن سيرة "أنيس صايغ عن أنيس صايغ" من الكتب الأكثر حضورًا في حياتي، وحضر حديثًا سيرة بعض الشهداء والمقاومين المحكية في نص "تبغ وزيتون حكايات من زمن مقاوم" خصوصًا بعض حكايا الشهيد علي أبو طوق، والشهيد يعقوب سمور "راسم".
- من هو كاتبك المفضل، ولماذا أصبح كذلك؟
لا أدري من هو كاتبي المفضل، لكن احب كثيرًا نصوص أكرم زعيتر، خصوصًا يومياته التي تنشر، والتي فرحت جدًا حين علمت أن بقيتها سترى النور قريبًا عن المركز العربي للأبحاث؛ إذ أرى في هذه اليوميات انعكاس لواقع فلسطين خلال فترة الاستعمار البريطاني لها، بآمالها وأحلامها وانتكاستها وانتصاراتها، وكثيرًا ما أعود لقراءة اليوميات بين الفينة والأخرى للتأسيس لشغلي البحثي حول تأريخ المقاومة الفلسطينية المسلحة في حرب 1947- 1949، وحاليًا أعيش رحلة ممتعة مع زعيتر ونصوصه أزامن فيها بين نص اليوميات ونصوص الصحف، فأعود لما دونه زعيتر في الصحف الفلسطينية المختلفة خلال فترة الاستعمار البريطاني، وألحظ صدى بعض هذه الكتابات الذي لم تعكسه اليوميات في أحيان، وأقرأ تحولات المدى الطويل من خلال نصوص مقالات زعيتر وبعض صحبه ممن نادوا بالسلاح مبكرًا.
أحب أيضًا نصوص المؤرخ وأستاذنا الدكتور وجيه كوثراني، أحب في كوثراني شغفه بمدرسة الحوليات الفرنسية ومحاولته تبيئة جديدها النظري في دراساته لمنطقة بلاد الشام.
- هل تكتب ملاحظات أو ملخصات لما تقرأه عادة؟
أقتبس أحيانًا من بعض النصوص، وفي الكتب المرجعية الخص وادون ملاحظاتي على هامش الكتب، ومنذ العام 2010 تقريبًا أدون ملاحظاتي واقتباساتي إلكترونيًا لسهولة استعادتها عند الحاجة في شغلي البحثي.
- هل تغيّرت علاقتك مع الكتب بعد دخول الكتاب الإلكتروني؟
كنت وما زلت أفضل الكتاب الورقي، خصوصًا في مجال اهتمامي البحثي الدقيق، لكن وقوعنا تحت نيران الاحتلال، وخشيتي على فقدان بعض مكتبتي في أي حرب مقبلة تدفعني للاهتمام بتصوير كتبي الكترونيًا؛ بالإضافة لذلك سرعة استرجاع النصوص تدفعني أيضًا للاهتمام بتوفير نسختين من الكتاب، كما أن قراري الذي اتخذته منذ سنوات بعدم إعارة أي كتاب من المكتبة لأي شخص، باستثناء شخص واحد، دفعني لتوفير آلة تصوير لمن يرغب أو يحتاج لبعض ما لدي.
عمومًا مكتبتي الإلكترونية أحاول ان أحاكي فيها مكتبتي الورقية، وأن أجعلها كذلك مكتبة تخصصية متاحة لي في أي وقت وأي مكان من خلال مزامنتها على شبكة الإنترنت.
- حدّثنا عن مكتبتك؟
بدأت مكتبتي بمجموعة الهدايا التي وفرتها والدتي، خلال السنوات التالية، وأنا بحدود العاشرة من عمري، كان واضحًا لوالدي مدى اهتمامي بحفظ ورعاية مكتبته، فطلبت منه بحركة طفولية أن يبيعني المكتبة فوافق ووقعته على عقد بذلك، فباعني إياها بـ30 شيكل، طبعًا هذا المبلغ على ما أذكر لم أدفعه، إذ كان مصروفي لمدة شهر.
خلال السنوات التالية بدأ اهتمامي بالإضافة على هذه المكتبة وتنوعت مشترياتي، إلى أن قررت منذ العام 2007 تقريبًا البدء بتأسيس مكتبة تخصصية في القضية الفلسطينية وتاريخها. فخلال هذا العام أعجبت بمكتبتين شخصيتين لأستاذين من أساتذتي في الجامعة، بالإضافة لقناعتي بعدم وجود مكتبة عامة توفر لي ما قد احتاجه مستقبلًا.
بدأت بشراء مجموعات من الكتب بشكل دوري، ومعظم دخلي الأساسي توجه لذلك، وأعدت بعض سيرة والدي في هذا الشأن، إذ كان يشير لكتابين من كتبه فيقول بأنه اشتراهما من معرض كتاب بكل راتبه، ولم يترك لأهله إلا ثمن رداء. وأنا في كثير من الأحيان أشتري بعض النوادر أو الكتب، من دون أن أترك لأهلي شيئًا، لكن "الكتاب رزقته معاه"، وما دفعته بالأمس حصدته اليوم. والآن في المكتبة التخصصية يتوفر لدي 1847 كتاب، كان آخرها مجموعة من الكتب النادرة منها "حرب المقاومة الشعبية" للجنرال جياب، طبعة دار الآداب عام 1967 بترجمة الأستاذين منير شفيق وناجي علوش. تحتل هذه المكتبة واجهة رئيسية في منزلي أسستها العام الماضي. تضاف إلى مكتبة ثانية تحتل أحد غرف المنزل وفيها مكتبة عامة شكلت مكتبة والدي نواتها.
عمومًا مكتبتي تنمو يوميًا والحمد لله، وفي أحيان كثيرة أبحث عن الكتاب في دول عربية مختلفة، وفي دول أجنبية، أو في مكتبات العدو للحصول على نسخة منه، إذ أبحث عن النوادر بالإضافة لمتابعة الجديد في مجال شغلي البحثي. وكتب المكتبة بلغات ثلاث، عربية وعبرية وإنجليزية. والأمل أن يتيسر لي المال والحيز الكافي لحفظها وتنميتها.
- ما الكتاب الذي تقرأه في الوقت الحالي؟
حاليًا أقرأ كتاب تحصلت عليه من مؤلفه، متعلق بالتاريخ الراهن، سبق وقرأته مصورًا لكن أقرأه الآن ورقيًا، وهو "تاريخ الزمن الراهن عندما يطرق المؤرخ باب الحاضر" لمؤلفه الدكتور التونسي فتحي ليسير، لأنني مهتم بالكتابة في بعض التاريخ الراهن، خصوصًا تاريخ المقاومة الفلسطينية المسلحة في انتفاضة الأقصى.
اقرأ/ي أيضًا: