06-أبريل-2024
تعد الضربة المباشرة لإسرائيل من قبل إيران أحد أسوأ السيناريوهات التي تستعد لها إدارة بايدن

تعد الضربة المباشرة لإسرائيل من قبل إيران أحد أسوأ السيناريوهات التي تستعد لها إدارة بايدن (epaimages)

قال مسؤولون أمريكيون إنهم يستعدون لضربات "انتقامية" إيرانية محتملة، في أعقاب اغتيال إسرائيل لقيادي في الحرس الثوري في قصف على العاصمة السورية دمشق، مطلع الشهر الحالي.

وبحسب "نيويورك تايمز" تم وضع القوات العسكرية الأمريكية في المنطقة في حالة تأهب قصوى. ووضعت إسرائيل أيضًا جيشها في حالة تأهب قصوى، وفقًا لمسؤول إسرائيلي، وألغت إجازات الوحدات القتالية، واستدعت بعض جنود الاحتياط إلى وحدات الدفاع الجوي، وحجبت إشارات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS).

يقدر المحللون العسكريون الأمريكيون أنه من المرجح أن تقوم إيران بضرب إسرائيل نفسها بدلًا من قيام مجموعات حليفة لها بمهاجمة القوات الأمريكية في المنطقة

وقال مسؤولان إيرانيان طلبا عدم الكشف عن هويتهما لأنهما غير مخولين بالحديث علنًا، إن إيران وضعت جميع قواتها المسلحة في حالة تأهب قصوى وتم اتخاذ قرار بأن إيران يجب أن ترد بشكل مباشر هذه المرة لخلق الردع.

وفي الأشهر الماضية، قتلت إسرائيل ما لا يقل عن 18 عضوًا في فيلق القدس. لكن الغارة الجوية في دمشق كانت خارجة عن المألوف، سواء من حيث قتل العديد من الشخصيات البارزة في وقت واحد، أو من حيث ضرب مبنى دبلوماسي.

ويقدر المحللون العسكريون الأمريكيون أنه من المرجح أن تقوم إيران بضرب إسرائيل نفسها بدلًا من قيام مجموعات حليفة لها بمهاجمة القوات الأمريكية في المنطقة، بما في ذلك في العراق وسوريا، كما فعلوا أكثر من 170 مرة في الأشهر الأربعة التي أعقبت الحرب على غزة.

وقال مسؤول أمني إسرائيلي إن المحللين الإسرائيليين توصلوا إلى نفس النتيجة، وهي أن إيران نفسها ستهاجم ولن تتحرك من خلال حزب الله، أقرب حليف لها، والذي دخل الحرب منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبيل اجتماع مجلس الوزراء الأمني ​​المصغر بشأن هجوم إيراني محتمل، يوم الخميس: "سنعرف كيف ندافع عن أنفسنا وسنتصرف وفقًا للمبدأ البسيط المتمثل في من يؤذينا أو يخطط لإيذاءنا، سوف نؤذيهم"، بحسب تعبيره.

قال اللفتنانت جنرال ألكسوس جي. جرينكويتش، القائد الأعلى للقوات الجوية الأمريكية في المنطقة: "من المنظور العسكري، فإن أكبر ما يقلقني هو: هل يؤدي هذا إلى بعض الأمور؟ نوع من التصعيد الإقليمي؟ نحن نراقب بعناية شديدة، ونستمع إلى ما يقوله الإيرانيون فيما يتعلق بكيفية الرد".

وأضاف: "ما زلت أعتقد أن الإيرانيين غير مهتمين بصراع إقليمي أوسع نطاقًا. إنهم يريدون الاستفادة من الأزمة كما هي، لكنهم غير مهتمين بالحرب مع إسرائيل، أو الحرب مع الولايات المتحدة، أو الحرب مع أي شخص آخر في الوقت الحالي".

من جانبه، قال الجنرال حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري الإسلامي الإيراني، للحشد الذي حضر جنازة القيادي في الحرس الثوري محمد رضا زاهدي: "رجالنا الشجعان سيعاقبون النظام الصهيوني". وأضاف: "نحذر من أن أي عمل يقوم به أي عدو ضد نظامنا المقدس لن يمر دون رد، وأن فن الأمة الإيرانية هو كسر قوة الإمبراطوريات".

وبحسب "إني بي سي نيوز"، يشعر مسؤولو إدارة بايدن بالقلق من أن إيران ربما تخطط لضرب أهداف داخل إسرائيل ردًا على الغارات الجوية الإسرائيلية في سوريا هذا الأسبوع والتي أسفرت عن مقتل العديد من كبار المسؤولين الإيرانيين.

وقال المسؤولون إن أي رد انتقامي داخل إسرائيل من المتوقع أن يركز على أهداف عسكرية أو استخباراتية، وليس على المدنيين. وقالوا أيضًا إن الإدارة الأمريكية بدأت في دراسة الخيارات المتعلقة بكيفية الرد على مختلف التحركات الانتقامية المحتملة من جانب إيران. 

وقال أحد كبار مساعدي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الجمعة، إن طهران بعثت برسالة مكتوبة إلى الولايات المتحدة تحذرها من الانجرار إلى القتال بين إسرائيل وإيران، بحسب ما نشر محمد جمشيدي على "إكس".

وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي إن التقارير التي تفيد بأن الولايات المتحدة طلبت من إيران عدم استهداف المنشآت الأمريكية هي "ببساطة خاطئة" و"تلفيق إيراني". وأضاف: "تلقينا رسالة من إيران بعد الضربة في دمشق. وردًا على ذلك، أوضحنا أننا لسنا وراء الهجوم. كما حذرنا إيران من استخدام الضربة كذريعة لمزيد من التصعيد في المنطقة أو مهاجمة المنشآت أو الأفراد الأمريكيين"، وفق قوله.

وقالت شبكة "سي إن إن": إن "الولايات المتحدة في حالة تأهب قصوى وتستعد بنشاط لهجوم كبير خلال الأسبوع المقبل من قبل إيران يستهدف الأصول الإسرائيلية أو الأمريكية في المنطقة ردًا على الغارة الإسرائيلية يوم الإثنين في دمشق".

وقال مسؤول أمريكي إن كبار المسؤولين الأمريكيين يعتقدون حاليًا أن الهجوم من جانب إيران أمر "حتمي"، وهو رأي يشاركهم فيه نظراؤهم الإسرائيليون. وتعمل الحكومتان، أي الإسرائيلي والأمريكي، على اتخاذ موقف قبل الرد. وقال المسؤول إنه حتى يوم الجمعة، لم تعرف الحكومتان متى أو كيف تخطط إيران للرد.

وأوضحت "سي إن إن": "تعد الضربة المباشرة لإسرائيل من قبل إيران أحد أسوأ السيناريوهات التي تستعد لها إدارة بايدن، لأنها ستضمن تصعيدًا سريعًا للوضع المضطرب بالفعل في الشرق الأوسط. ويمكن أن تؤدي مثل هذه الضربة إلى توسيع نطاق الحرب إلى صراع إقليمي أوسع، وهو أمر سعى بايدن منذ فترة طويلة إلى تجنبه".

ونقلت شبكة "سي بي إس" عن مصادر استخبارية أمريكية، أن الولايات المتحدة حصلت على معلومات تشير إلى أن الرد الإيراني سيكون بصواريخ بعيدة المدى وسرب من مُسيّرات "شاهد". فيما أشارت إلى أن  موعد الهجوم الإيراني غير معروف بعد، لكن التقديرات ترجح أنه سيكون قبل نهاية شهر رمضان.

كما رجحت المصادر أن الرد سيكون قويًا، وربما من خلال استهداف مقر دبلوماسي إسرائيلي من خلال طائرات مسيرة وصواريخ بعيدة المدى.

وقال منسق مجلس الأمن القومي للاتصالات الاستراتيجية جون كيربي إن الرئيس الأمريكي بايدن ناقش في اتصاله الهاتفي الخميس مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "التهديدات الإيرانية" لإسرائيل. موضحًا: "لقد كان هناك نقاش بين الزعيمين حول التهديد العملي والعلني الذي تشكله إيران لأمن إسرائيل في اليوم الأخير أو نحو ذلك، وأوضح الرئيس بوضوح شديد لرئيس الوزراء نتنياهو أنه يمكنه الاعتماد على الدعم الأمريكي".

ووضح كيربي ما سبق بالقول: "مساعدتهم في الدفاع عن النفس ضد التهديدات المباشرة والعلنية التي تشكلها إيران"، وفق تعبيره. 

وخلال كلمة له، قال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، في وقت سابق من مساء اليوم: إن "الرد آتٍ لا محالة" على القصف الإسرائيلي للقنصلية الإيرانية في دمشق.

وفي أثناء كلمة نصر الله، أعلن عن زيارة وزير الأمن الإسرائيلية يوآف غالانت إلى القاعدة الجوية في تل نوف. وقال جالانت: "الاستعداد والتأهب واليقظة ليست مرادفات للذعر والخوف". وأضاف "لقد تعرض العدو لضربات قوية في كل مكان ولذلك فهو يبحث عن سبل للرد. نحن مستعدون بدفاع متعدد الطبقات"، وفق قوله.

واستمر غالانت في القول: "إننا نهاجم أينما تقرر دولة إسرائيل ضد أي عدو، يمكن أن يكون في دمشق ويمكن أن يكون في بيروت. نحن نهاجم أينما قررنا، هجومنا قوي جدًا، جدًا. قوي ودقيق للغاية ويضرب العدو بقوة. ونتيجة لذلك فهو يبحث عن طرق للرد، وطرق الرد هذه يمكن أن تأتي من أي مكان، ونحن نستعد لمواجهة هذا الأمر"، بحسب تعبيره.

وفي سياق متصل، أشارت "يديعوت أحرونوت" إلى أن الشعبة الأمنية في وزارة الخارجية الإسرائيلية قررت بالتنسيق مع الشاباك، الإغلاق المؤقت لعدد من البعثات الإسرائيلية حول العالم، وذلك بسبب التنبيهات الأمنية والخوف من هجمات انتقامية من إيران ، وصدرت تعليمات للمبعوثين بعدم الذهاب إلى البعثات وبقيت مغلقة.

وأخلت وزارة الخارجية سبع سفارات منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر (في مصر والأردن والبحرين والمغرب وأنقرة واسطنبول في تركيا، وفي تركمانستان) ولكن في أعقاب الاغتيال في دمشق، تم إعلان حالة التأهب القصوى في جميع سفارات العالم

وتابع التقرير الإسرائيلي، في بعض البلدان، كانت المبادئ التوجيهية صارمة للغاية لدرجة أنه تم منع الموظفين من مغادرة المنزل حتى إلى صالة الألعاب الرياضية الموجودة في المبنى أو إلى متجر قريب. ويقول مسؤولون في وزارة الخارجية الإسرائيلية: "اضطررنا أكثر من مرة إلى إخراج بعض الدبلوماسيين من بلد الخدمة بسبب التحذيرات والمخاطر".  

في بعض البلدان، صدرت تعليمات بعدم الذهاب إلى الأماكن المرتبطة بإسرائيل أو الإسرائيليين. وصدرت تعليمات للدبلوماسيين بزيادة اليقظة وكذلك "كسر" الروتين وتغيير المسارات وتقليل حركة المرور.

وقال دبلوماسي إسرائيلي يعمل في الخارج: "إنه أمر مخيف حقًا. لا نعرف إلى أين يتجه. لا شك أننا مكشوفون». وأشار أحد الدبلوماسيين: "منذ تشرين الأول/أكتوبر، كل خطوة وكل حركة نقوم بها تتطلب موافقة مسبقة. وهناك مناطق حتى في وسط المدينة يمنعنا دخولها خوفًا من مواجهة المتظاهرين أو العناصر المعادية".  

مؤخرًا، قال المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، يعقوب (كوبي) بليتشتاين، في مناقشة في لجنة فرعية تابعة للجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست، إنه بعد الحرب، طلب الشاباك مبلغًا إضافيًا قدره 100 مليون شيكل للأمن في سفارات إسرائيل حول العالم. وتوضح "يديعوت أحرونوت": "هذه إضافة دراماتيكية تضمنت تعزيزات أمنية كبيرة".

يشار إلى أنه تعرض مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، إلى قصف إسرائيلي، مطلع شهر نيسان/أبريل، مما أدى إلى تدميره بشكلٍ كامل، ومقتل القيادي في فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني محمد رضا زاهدي المعروف باسم "حسن مهدوي"، ونائبه العميد حاجي رحيمي.

حينها، ووصفت وسائل إعلام إسرائيلية القصف بـ"الهجوم الجريء في أعماق دمشق"، وبالإضافة إلى كونه "هجوم غير عادي".

وقال مراسل هيئة البث الإسرائيلية: عن اغتيال رضا زاهدي "إذا كان هذا صحيحًا، فهو اغتيال دراماتيكي". ووصف اغتيال زاهدي بأنه أكبر اغتيال إسرائيلي لشخصية إيران منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر.

وبعد القصف، قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية أهارون حاليفا: نحن أمام أيام معقدة، مضيفًا في تصريحات لـ"إذاعة الجيش الإسرائيلي": "لست واثقًا أن الأيام السيئة أصبحت من خلفنا"، وذلك على خلفية ترقب في إسرائيل لإمكانية حصول رد إيراني على استهداف قنصليتها في طهران، واغتيال القيادي في فيلق القدس محمد رضا زاهدي.

بحسب "إني بي سي نيوز"، يشعر مسؤولو إدارة بايدن بالقلق من أن إيران ربما تخطط لضرب أهداف داخل إسرائيل ردًا على الغارات الجوية الإسرائيلية في سوريا

وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إلى أن كلام حاليفا دليلٌ على أنه "في إسرائيل تؤخذ التهديدات الإيرانية على محمل الجد".

ورغم تصريحات حاليفا، إلّا أنّ المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، خرج للتقليل من أهميتها، والتأكيد على عدم حدوث أي تغير في الجبهة الداخلية.

وقد تكثفت في الأسبوع الماضي عمليات التشويش على نظام تحديد المواقع (GPS) التي تقوم بها إسرائيل منذ اندلاع الحرب، وامتدت في الأيام الأخيرة إلى تل أبيب والقدس.

وهدد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الثلاثاء، بأن اغتيال قائد فيلق القدس في سوريا ولبنان محمد رضا زاهدي، "لن يمر دون رد".