30-مارس-2024
ما هو الذكاء العاطفي  وما فوائده؟

بتطبيق مهارات الذكاء العاطفي يصل الأشخاص للنجاح المهني والشخصي في مختلف مجالات الحياة

عندما يتعلق الأمر بالنجاح والسعادة في الحياة، فإن معدل الذكاء العاطفي لا يقل أهميةً عن معدل الذكاء الاجتماعي أو الشخصي أو الأكاديمي. فالعديد من الأشخاص الأذكياء أكاديميًا يجدون صعوبةً في التفاعل مع الآخرين، أو يصعب عليهم إدارة علاقاتهم الشخصية، فيمكن للذكاء الأكاديمي أن يمنح الأشخاص فرصة دخول الجامعة مثلًا أو الحصول على وظيفةٍ جديدة، ولكن الذكاء العاطفي هو الذي يساعد في إدارة التوتر والضغوط في الحياة اليومية والمواقف الحرجة، ويعزز العلاقات الإنسانية ويساعد الآخرين على التعبير عن أنفسهم بشكلٍ فعالٍ، وتطوير مهارات التواصل لديهم، وإدراك مشاعر الآخرين بالإضافة لمشاعر الشخص الخاصة. فما هو الذكاء العاطفي بالتحديد؟

 

تعريف الذكاء العاطفي

يشير مفهوم الذكاء العاطفي إلى القدرة على إدراك وفهم المشاعر الخاصة بالفرد، وإدارتها بفعالية، بالإضافة إلى القدرة على إدراك وفهم عواطف الآخرين، وإدراك تأثير المشاعر والعواطف على السلوك الإنساني، سواءً بشكلٍ إيجابيٍ أو سلبيٍ، من خلال المزج بين التفكير والمشاعر لاتخاذ القرار الأمثل. يتم تعريف الذكاء العاطفي عادةً من خلال 5 سماتٍ أساسية، وهي:

  1. الإدراك الذاتي للعواطف

تدور هذه السمة حول الوعي الذاتي، من خلال فهم الشخص لمشاعره في أوقاتٍ ومواقف مختلفة، وفهم كيف تؤثر مشاعر الفرد على سلوكه، والتعبير عن مشاعره بشكلٍ صحيحٍ مما يساعده في بناء علاقاتٍ صحيةٍ والتواصل بفعاليةٍ مع الآخرين، مما يسهم في تحسين العلاقات الشخصية والاجتماعية ويعزز ثقة الشخص بنفسه، ويعزز نموه الذاتي.

  1. الإدارة الذاتية للعواطف

إدارة العواطف بحيث يملك الفرد القدرة على التنظيم والتحكم بعواطفه المضطربة، وضبطها حيث يصبح تأثيرها أكثر إيجابيةً، وهذا لا يعني إخفاء الفرد لمشاعره بل انتظار الوقت والمكان المناسبين للتعبير عنها، وقدرة الفرد على الحد من القرارات المتهورة عن طريق التفكير قبل التصرف، وإدراك الفرد تأثيره على الآخرين وتحمل مسؤولية أفعاله.

  1. المهارات الاجتماعية

عندما يصبح الفرد قادرًا على فهم المشاعر وتحليلها، يصبح من الأسهل عليه توجيه تصرفاته بطريقةٍ تعزز التواصل الفعال مع الآخرين، فالمهارات الاجتماعية تلعب دورًا مهمًا في الذكاء العاطفي، فمثلًا مهارات التواصل اللفظي وغير اللفظي، تمكن الشخص من التعبير عن مشاعره، بالإضافة لفهم مشاعر الآخرين بشكلٍ أفضل، كذلك الاستماع الفعال للآخرين، وغيرها من المهارات الاجتماعية التي تعزز الثقة والتواصل الفعال بين الفرد والأشخاص الآخرين.

  1. التعاطف

يكون التعاطف من خلال التعرف على الحالات العاطفية للأشخاص، وفهم مشاعرهم عن طريق رؤية الأشياء من وجهة نظرهم الخاصة، ومراعاة مشاعرهم بشكلٍ عميق وصادق، والتصرف بشكلٍ يظهر الاهتمام والدعم والتفهم .التعاطف عنصرٌ أساسيٌ في الذكاء العاطفي لأنه يسمح بالتواصل الفعال مع الآخرين والاستجابة لاحتياجاتهم العاطفية.

  1. التحفيز الذاتي

يتم تحفيز الأشخاص الأذكياء عاطفيًا بأشياءٍ تتجاوز المكافآت الخارجية مثل المال والشهرة، هم يسعون للحصول على مكافآتٍ داخليةٍ من خلال الشعور بالإنجاز في تحقيق أهدافهم الشخصية، والوصول للرضا الداخلي، الأذكياء عاطفيًا لديهم القدرة على تحديد أهدافهم والتوجه نحو العمل لتحقيقها بشغف، فهم يسعون باستمرارٍ لتحسين أدائهم والتركيز على أهدافهم. 

القادة الذين يتمتعون بمستوياتٍ عاليةٍ من الذكاء العاطفي، أكثر نجاحًا في أدوارهم

فوائد الذكاء العاطفي

لا تقتصر أهمية وفوائد الذكاء العاطفي على من يشغلون مناصب قياديةٍ فقط، بل إنها مهارةٌ يجب امتلاكها في المواقف المختلفة، فهو يتيح لنا استجابةً فعالة، كيف يحسن الذكاء العاطفي الاستجابات؟ وما هي أهمية الذكاء العاطفي؟

  1. تحسين العلاقات في مكان العمل

يعطي الذكاء العاطفي الفرصة للأشخاص بالتعرف على مشاعر الآخرين وفهمها والتواصل بشكلٍ أكثر فعالية، وتعزيز علاقاتٍ صحيةٍ في مكان العمل، وهو مفتاحٌ للتعاون الناجح بين الزملاء في العمل. ويساعد الذكاء العاطفي على إدارة التوتر والصراعات في بيئة العمل أيضًا. 

  1. زيادة الثقة بالنفس

الذكاء العاطفي مهمٌ في تعلم كيفية إدارة العواطف وفهمها بشكلٍ أكثر فعالية، والتعرف على الاستجابات المناسبة للمواقف المختلفة والتعبير عنها. ويجعل الشخص أكثر وعيًا بذاته ويساعده على فهم كيف تؤثر عواطفه على سلوكه وردود أفعاله، مما يساعد في بناء علاقاتٍ صحيةٍ مع نفسه ومع الآخرين، ونتيجة لذلك تزيد ثقة الشخص بنفسه.

  1. اتخاذ قرارات أفضل

إن الذكاء العاطفي قد يكون أداةً مهمةً لاتخاذ قراراتٍ أفضل، فعندما يكون الفرد على اتصالٍ بعواطفه، يستطيع فهمها وإدارتها بشكلٍ صحيح، حينها يمكنه تحسين القرارات الخاصة به في مختلف مجالات حياته، في العمل والعلاقات الشخصية والحياة بشكلٍ عام.

  1. القدرة على القيادة  

القادة الذين يتمتعون بمستوياتٍ عاليةٍ من الذكاء العاطفي، أكثر نجاحًا في أدوارهم. لديهم القدرة على حل المشكلات بشكلٍ أفضل، وتحفيز فريقهم، وفهم مشاعرهم واحتياجاتهم. كل تلك الأدوات مهمةٌ ولازمةٌ لتعزيز التعاون في الفريق وبناء الثقة بينهم وتحقيق الأهداف، وإحداث تغييراتٍ إيجابيةٍ داخل المؤسسة.

  1. مستوى أعلى من السعادة والصحة

إدراك العواطف وفهم المشاعر تُمكن الشخص من مواجهة التحديات في الحياة بطريقةٍ أكثر فعالية، مما يقلل مستويات الضغط والتوتر لديه. والقدرة على فهم مشاعر الآخرين يساعد في بناء علاقاتٍ صحيةٍ، وبالتالي زيادة مستوى الرضا والسعادة في الحياة.

  1. التكيف مع التغيرات

يمكن استخدام مهارات الذكاء العاطفي للتكيف مع الظروف المتغيرة في المواقف المختلفة بشكلٍ أفضل، من خلال فهم الشخص لمشاعره ومشاعر الآخرين، والاستجابة لها بشكل منطقي وسليمٍ دون الاندفاع، مما يسهل التعامل مع المواقف الصعبة والتكيف مع التغيرات.

من سمات الذكاء العاطفي
يساعد الذكاء العاطفي على إدارة التوتر والصراعات في بيئة العمل  

تنمية الذكاء العاطفي

الافتقار للذكاء العاطفي يمكن أن يؤدي للعديد من الصراعات في حياة الأفراد، في مكان العمل مثل سوء الفهم بسبب عدم القدرة على فهم أو التعرف على العواطف بشكلٍ صحيحٍ، وكذلك في المواقف الشخصية وفي الحياة بشكلٍ عام. كيف يمكن تنمية مهارات الذكاء العاطفي؟

  1. الوعي بالذات

على الشخص أن يراقب نفسه، ليعرف الأوقات التي يشعر بها بالقلق أو الغضب أو غيرها من المشاعر السلبية، ويقوم بإدراتها بشكلٍ صحيح. يمكن القيام بذلك من خلال الكتابة في الأوقات التي يشعر فيها الشخص بمشاعر قوية، وكتابة الملاحظات حول تلك المشاعر وأسبابها.

  1. التعاطف

تدرب الشخص على وضع نفسه مكان الآخرين، هو جوهر التعاطف. التفكير في مواقف الآخرين ومشاعرهم، يساعد على فهم شعورهم والاستجابة له بطريقةٍ تجعلهم مرتاحين، ويشعرهم بالاحترام والتقدير وهو صورةٌ من صور الدعم الاجتماعي. مما يعزز العلاقات الإنسانية الإيجابية، والتقدير المتبادل.

  1. تقبل النقد

من أهم خطوات تنمية الذكاء العاطفي، هو القدرة على تقبل وجهات النظر الأخرى، وتقبل الانتقاد والتعليقات، خاصةً السلبي منها، على الرغم من أنها خطوةٌ صعبة، إلا أنها تعني أن الشخص مستعدٌ لتحمل مسؤولية أفعاله، وهي فرصة للتعلم والنمو.

  1. التواصل بوضوح

الصراحة والوضوح في التعبير عن الأفكار والمشاعر، لتجنب اللبس وسوء التفاهم. بالإضافة لأهمية التوقيت المناسب لتوضيح تلك المشاعر والأفكار، وتساعد هذه الخطوة في تنمية الذكاء العاطفي، من خلال بناء علاقاتٍ صحيةٍ وقويةٍ، طابعها الوضوح والصراحة.

  1. الاستماع الفعال

ليس فقط الاستماع للآخرين عبر التواصل اللفظي، بل مراقبة ردود الأفعال غير اللفظية أيضًا. تخصيص وقتٍ للاستماع للآخرين يعد نوعًا من الاحترام والتقدير، الذي يساعد في تشكيل علاقاتٍ صحية. يكون الاستماع الفعال عن طريق طرح الأسئلة والإيماء، وتكرار النقاط المهمة، لإظهار الفهم والاهتمام للآخرين.

 

الذكاء العاطفي ضروريٌ للتعامل مع الأشخاص وتعزيز العلاقات الصحية في الحياة، عندما يطور الأشخاص مهاراتهم لإدراك مشاعرهم والتعبير عنها بشكلٍ صحيح، يحصلون على فرصٍ أفضل للنجاح في مختلف مجالات الحياة. بالإضافة لفهم مشاعر الآخرين والاستماع إليهم بشكلٍ فعال، والتعاطف معهم، يحسن العلاقات ويرفع مستويات الصحة والسعادة. ومن الجدير بالذكر أن الذكاء العاطفي مهارةٌ يمكن تنميتها وتطويرها من خلال التدريب باستخدام استراتيجياتٍ وخطواتٍ يمكن للجميع تطبيقها، حيث يساعد الذكاء العاطفي تجنب الأشخاص للمواقف الصعبة، ويساعدهم على التكيف مع المواقف المتغيرة، والسيطرة على المشاعر السلبية والتعبير عنها بشكلٍ سليمٍ وصحي. ونتيجةً لتطبيق مهارات الذكاء العاطفي يصل الأشخاص للنجاح المهني والشخصي في مختلف مجالات الحياة.