02-مايو-2024
خشية من الجنائية الدولية

(Getty) قلق في إسرائيل من إمكانية تحرك الجنائية الدولية ضد نتنياهو أو وزير الأمن أو رئيس أركان جيش الاحتلال

تكشف تقارير صحفية عن "قلق وخشية" في إسرائيل من صدور أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي وشخصيات في المستوى السياسي والأمني من قبل المحكمة الجنائية الدولية، في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.

وبحسب تقرير في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن نتنياهو يشعر بـ"ضغوط هائلة" نتيحة الخشية من إصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين كبار.

ووفق التقرير الإسرائيلي: "ضَغط نتنياهو نفسه على المؤسسة الأمنية الإسرائيلية مرارًا وتكرارًا لإرسال المزيد من المساعدات الغذائية والإنسانية إلى غزة، على اعتبار أن القيام بذلك، سوف يساهم في تأخير أوامر الاعتقال أو منعها".

خشية في إسرائيل من تحرك قريب للجنائية الدولية وإصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغير من المسؤولين في إسرائيل

وأشار التقرير إلى أن نتنياهو سعى خلال الأسبوعين الماضيين إلى فتح حاجز إيرز (بيت حانون) بشكل عاجل. وقال أحد كبار المسؤولين الأمنيين في إسرائيل: "نفس الشخص [أي نتنياهو] الذي ضغط علينا باستمرار لقصف معابر قطاع غزة، في بداية الحرب، وقال إنه لم يعد هناك أي اتصال بين غزة وإسرائيل، هو الشخص الذي الذي يطالب الآن بفتح معبر إيريز في أسرع وقت ممكن". وأعلنت دولة الاحتلال يوم أمس، عن إعادة فتح حاجز إيرز/بيت حانون.

كما ناشدت إسرائيل، في الأيام الأخيرة، رئيس مجلس النواب في الولايات المتحدة، وأعضاء بارزين في مجلس الشيوخ، الضغط على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، من أجل منع صدور أي مذكرة اعتقال.

وقال مسؤول إسرائيلي: "إذا صدرت مثل هذه الأوامر، فإن حرية التنقل الدولية لنتنياهو ستكون معادلة لحرية التنقل التي يتمتع بها فلاديمير بوتين"، ويواجه بوتين مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية منذ آذار/مارس 2023.

ويوضح تقرير "يديعوت أحرونوت": "إصدار مذكرات اعتقال ضد شخصيات إسرائيلية يشكل لحظة خطيرة. وليس فقط بالنسبة لمكانة إسرائيل، بل أيضًا بالنسبة للنظام الأمني ​​ككل"، مشيرًا إلى إمكانية ملاحقة جنود جيش الاحتلال وانعكاس ذلك على تفكير دولة الاحتلال في "أي حرب مستقبلية".

خطوة إسرائيلية هجومية

قال مسؤولان إسرائيليان وأميركيون إن الحكومة الإسرائيلية "حذرت إدارة بايدن من أنه إذا أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق قادة إسرائيليين، فإنها ستتخذ خطوات انتقامية ضد السلطة الفلسطينية قد تؤدي إلى انهيارها"، بحسب موقع "أكسيوس".

وخلال الأسابيع القليلة الماضية، أبلغت إسرائيل الولايات المتحدة أن لديها معلومات تشير إلى أن مسؤولي السلطة الفلسطينية يضغطون على المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية لإصدار أوامر اعتقال ضد القادة الإسرائيليين، حسبما قال مسؤولان إسرائيليان.

وقال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون إن إسرائيل أبلغت إدارة بايدن أنه إذا صدرت مذكرات اعتقال، فإنها ستعتبر السلطة الفلسطينية مسؤولة وستنتقم بإجراء قوي قد يؤدي إلى انهيارها.

ومن بين الإجراءات المحتملة تجميد تحويل عائدات الضرائب التي تجمعها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية.

وقال مسؤول إسرائيلي كبير لموقع "أكسيوس" إن التهديد بإصدار مذكرات اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية حقيقي، وشدد على أنه إذا حدث مثل هذا السيناريو، فمن المرجح أن تتخذ الحكومة الإسرائيلية قرارًا رسميًا بـ"معاقبة السلطة الفلسطينية، مما قد يؤدي إلى انهيارها".

وقد أثيرت مسألة أوامر الاعتقال المحتملة التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية خلال مكالمة هاتفية بين نتنياهو والرئيس الأميركي بايدن يوم الأحد الماضي، حيث طلب نتنياهو المساعدة من بايد. وقالت مصادر أميركية إن بايدن أبلغ نتنياهو خلال المكالمة أن التقرير الذي بثته القناة الـ12 الإسرائيلية والذي أشار إلى أن الولايات المتحدة ربما أعطت "الضوء الأخضر" للمحكمة الجنائية الدولية لإصدار أوامر اعتقال ضد القادة الإسرائيليين غير صحيح.

وأكد بايدن خلال الاتصال أن الولايات المتحدة تعارض تحقيق المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل.

وقال مسؤولان أميركيان إن إدارة بايدن أبلغت مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية على انفراد أن أوامر الاعتقال ضد القادة الإسرائيليين ستكون خطأ وأن الولايات المتحدة لا تدعم هذا الإجراء.

وقال مسؤول أميركي: "إننا نشجع المحكمة الجنائية الدولية بهدوء على عدم القيام بذلك. فذلك سوف يفجر كل شيء. وسوف تنتقم إسرائيل من السلطة الفلسطينية".

وأضاف المسؤول أنه على الرغم من وجود ضغوط على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرات الاعتقال هذه، فإن إدارة بايدن لا تعتقد أن هذه الخطوة وشيكة كما يعتقد الإسرائيليون.

وسُئل المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي، يوم الثلاثاء، خلال مؤتمر صحفي حول تهديدات المشرعين الجمهوريين بإصدار تشريع ضد المحكمة الجنائية الدولية. وقال كيربي إن الولايات المتحدة تعارض تحقيق المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل، لكنه أكد أنها تعارض أيضًا التهديدات والترهيب ضد قضاة المحكمة.

وشعر المسؤولون الإسرائيليون بالقلق من تصريحات كيربي وسألوا البيت الأبيض عما إذا كان ذلك يمثل تغييرًا في الموقف الأميركي. وقال البيت الأبيض إنه لم يحدث أي تغيير.

وكان وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، أعلن مؤخرًا أن في حال إصدار أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين فإنه سيوقف تحويل عائدات الضرائب إلى السلطة. مضيفًا أنه بعث مؤخرًا برسالة إلى نتنياهو، طلب منه إبلاغ العالم بأن إسرائيل ستعمل لتقويض السلطة في حال صدور هذه الأوامر.

قلق من القائمة السوداء

وأشارت مصادر إعلامية، إلى أنه في الشهر المقبل، سيتم نشر تقرير باسم الأمم المتحدة، يُذكر فيه الدول والمنظمات التي تنتهك حقوق الأطفال في مناطق النزاع. وتخشى إسرائيل من أن يتم إدراجها للمرة الأولى في التقرير، في ظل الحرب على غزة، وتدخل إلى "القائمة السوداء إلى جانب داعش والقاعدة"، بحسب ما ورد في صحيفة "يديعوت أحرونوت".

ومن المنتظر أن يُنشر الشهر المقبل تقرير كتبته مبعوثة الأمم المتحدة للأطفال ومناطق الحرب فيرجينيا غامبا، وتعمل إسرائيل خلف الكواليس في محاولة لشطب أجزاء من التقرير. وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية: "في العام الماضي أيضًا كانت هناك محاولة لتغيير المسودة، حيث قام السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان بتنظيم زيارة إلى إسرائيل واجتماع مع رئيس أركان جيش الاحتلال آنذاك أفيف كوخافي، مما أدى إلى نجاح الضغوط وعدم إدراج إسرائيل في التقرير".

طريقة للضغط على نتنياهو

وفي تقرير للصحفي الإسرائيلي أنشيل فيفر، قال: "ما مدى جدية تهديد المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وغيره من كبار المسؤولين الإسرائيليين؟ ’خطير للغاية’، بحسب مصادر في مجلس الأمن القومي، الذي في نهاية المطاف، موجود لتقييم مدى خطورة التهديدات التي يتعرض لها أمن إسرائيل".

وأضاف في مقالته المنشورة على صحيفة "هآرتس": "من الجدية أن يتحدث الدبلوماسيون الهادئون عادة في وزارة الخارجية عن ’أجواء الذعر’. ولكن لا يوجد مكان يتم فيه التعامل مع التهديد بجدية أكبر مما هو عليه في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، حيث أصبح موضوع الجنائية الدولية خلال الأسبوع الماضي مصدر القلق الأكبر والأكثر إلحاحًا من أي شيء آخر. أكثر من الخطط الحالية للعملية في رفح. أكثر من احتمال التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن وعودة حماس إلى مناطق غزة التي غادرها الجيش الإسرائيلي. وخطير للغاية لدرجة أن نتنياهو نشر يوم الثلاثاء مقطع فيديو يحذر من أي أوامر اعتقال محتملة".

وأوضح أحد كتاب سيرة نتنياهو والمعروف بمعارضته: "لكن هل يعني أي من هذا في الواقع أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان يخطط لإصدار أوامر اعتقال ضد كبار المسؤولين الإسرائيليين؟ في الإدارات الحكومية ذات الصلة، يتحدثون بشكل قاتم عن ’مؤشرات’ تشير إلى أنه يجري إعداد أوامر الاعتقال. لكن حتى الآن، لم يصدر مثل هذا الكلام من مكتب خان في محكمة الأمم المتحدة في لاهاي".

وتابع قائلًا: "ليس الجميع في المؤسسة القانونية والأمنية الإسرائيلية مقتنعين تمامًا بأن أوامر الاعتقال وشيكة. ويتذكر البعض حالة ذعر مماثلة أحاطت بحرب سابقة على غزة في صيف عام 2014، عندما كان نتنياهو يخشى مرة أخرى من إصدار مذكرة اعتقال ضده من المحكمة الجنائية الدولية. وهناك حديث أيضًا عن كيفية استغلال التهديد بمثل هذه المذكرة للتأثير على عملية صنع القرار الإسرائيلية، وكيف يمكن التأثير على المدعي العام في أي من الاتجاهين. قد تكون العدالة عمياء، لكن عملية العدالة الدولية مسيسة إلى حد كبير"، وفق قوله.

وأشار فيفر إلى أنه "سواء صدرت أوامر الاعتقال أم لا، فقد كان لها تأثير بالفعل. ولا يمكن فصلها عن تأجيل أي تحرك لبدء إجلاء المدنيين الفلسطينيين تمهيدًا لعملية رفح، وعن استعداد نتنياهو المفاجئ لقبول الاقتراح المصري بشأن اتفاق التبادل يشمل استعادة حرية الفلسطينيين بالحركة في غزة، والأهم من أي شيء آخر، الإجراءات العلنية المتزايدة التي تتخذها إسرائيل لإعادة خطوط الإمداد إلى غزة بعد أشهر طويلة من العرقلة. ويعترف المسؤولون الإسرائيليون بأن هذه الأمور ترتبط الآن بشكل مباشر بالجهود العاجلة التي تبذلها الحكومة لدرء أوامر الاعتقال".

وتابع الصحفي الإسرائيلي: ما سبق "جزء من اتجاه أوسع للإدراك المتأخر بأن تكاليف هذه الحرب على الجبهة الدولية يمكن أن تصبح غير محتملة، سواء بالنسبة لإسرائيل كدولة أو لبعض الأفراد الإسرائيليين. وفي حين أن الكثير، وربما حتى الأغلبية، من الإسرائيليين لا يهتمون بشكل خاص إذا كان نتنياهو (والسيدة سارة نتنياهو) قد يضطران إلى التخلي عن ميله للسفر إلى الخارج بتمويل من الدولة، فإن الأمر لا يتعلق به فقط. فقد تم ذكر شخصيات بارزة أخرى، بما في ذلك وزير الأمن يوآف غالانت ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، كأهداف محتملة لأوامر الاعتقال. وفي نهاية المطاف، سوف يشعر بالأثر مئات الآلاف من الإسرائيليين، الذين من المتوقع أن تُطرح عليهم أسئلة صعبة عندما يهبطون على مدى السنوات المقبلة في بلدان مختلفة حيث قد ترغب السلطات في معرفة ما إذا كانوا قد قاتلوا في غزة".

وذكر انعكاس القصف الإسرائيلي على عمال منظمة المطبخ المركزي العالمي، والإدانات الدولية الواسعة، بما في ذلك من إدارة بايدن، متابعًا القول: "في الشهر اللاحق [لقصف عمال المنظمة الدولية]، شهدنا أن الحكومة الإسرائيلية بدأت أخيرًا في أخذ المناشدات والتحذيرات الأميركية على محمل الجد، ليس فقط على الجبهة الإنسانية، ولكن في مشاورات أكثر كثافة بشأن عملية رفح، التي بدأت تبدو وكأنها عملية وشيكة. وظهر الفيتو الأميركي في مجلس الأمن ضد مقترح الدولة الفلسطينية، والرد المحدود على الضربة الصاروخية والطائرات المُسيّرة الإيرانية. والتغيير المهم الآخر هو منح نتنياهو أخيرًا لفريق التفاوض الإسرائيلي تفويضًا أوسع في المحادثات حول صفقة التبادل".

وحول تأثير الضغط الدولي، قال: "كانت هناك تهديدات أخرى معلقة فوق رأس الحكومة. ولم تعلن الإدارة الأميركية بعد ما إذا كانت ستفرض عقوبات على أي وحدة تابعة للجيش الإسرائيلي أو الشرطة الإسرائيلية بموجب قانون ليهي بسبب مسؤوليتها عن انتهاكات حقوق الإنسان. لكن حقيقة أن مصادر وزارة الخارجية الأميركية قد سربت مرارًا وتكرارًا أنها تدرس مثل هذه العقوبات تشير إلى أن الإدارة تشعر أنها وجدت النقاط الأكثر حساسية للحكومة الإسرائيلية وتمارس الضغوط. وحتى الآن، يبدو أن هذه هي الطريقة الأكثر فعالية لتحقيق النتائج".