ألترا صوت - فريق التحرير
إذا كانت هناك من كلمة يمكن أن نختزل عبرها ما جرى خلال هذا العام الذي يشارف على نهايته، فإن "الفقد" ستلخص بشكلٍ واضح ودقيق حصيلة 12 شهرًا، فقد فيها العالم مئات آلاف الضحايا بسبب تفشي وباء كورونا المستجد، فيما بدا الجميع على شفير المصير نفسه، بعد أن تخطت نسبة الإصابات حاجز المليون إصابة حول العالم منذ وقتٍ طويل.
وفي المقابل، لم يكن هذا العام جيدًا بالنسبة إلى المشهد الأدبي، في ظل الأزمة التي ضربت قطاع النشر، وتأجيل معارض الكتب، بالإضافة إلى فقد شخصيات أدبية لها حضورها وتأثيرها في هذا المشهد. نستعرض لكم أبرز 5 أدباء عرب رحلوا خلال 2020.
بندر عبد الحميد
تنتمي تجربة الشاعر السوري بندر عبد الحميد (1950 – 2020) إلى ما أسماه الناقد والباحث محمد جمال باروت في كتابه "الشعر يكتب اسمه"، بـ"مشاغل الإنسان الصغير" التي تُعبّر، بحسب باروت، عن انتقال الشاعر الجديد من الذات إلى الآخر، وتمثل تحول الإنسان أو إله شخص يجسد أفعال الحياة.
وسعى الشاعر الذي غادر عالمنا منتصف شباط/ فبراير الفائت، إلى تخليص القصيدة من حمولتها الأيديولوجية التي هيمنت، خلال سبعينيات القرن الماضي، على المشهدين الشعريين السوري والعربي، عبر الاهتمام بما هو يومي وعادي، ليقدّم بذلك قصيدة تعبّر بإجماع النقّاد عن مواقف الذات ورغباتها تجاه الكون، مصحوبةً بسردٍ نثري يومي للأحداث والتجارب التي يعيشها الشاعر، كما تكشف أيضًا عن إحساسه بها، وطبيعة تفاعله معها.
صلاح ستيتية
يصف الشاعر اللبناني صلاح ستيتية (1929 – 2020) علاقته بالشعر بقوله إنه مثّل دائمًا المعادل لحياته، عدا عن أنه: "يعطي أجنحة للحياة، أي أنه يعطيها مدى وتوجهًا في الاتجاهات كلها بالطبع، ويعطيها معنى، المعاني الممكنة كلها... الكلمة تضيء مصباحًا". والشعر عند مؤلف "أين الكلمة"، بحسب النقّاد، عملية متواصلة للغة والكلمة والفكرة والصورة، بالإضافة إلى علاقة الشعر بالوجود وبالعدم وبالموجود وبطباع أيضًا.
الشاعر الذي غيّبه الموت في 20 أيار/ مايو الفائت، بسّط مفهومه للقصيدة بقوله: "وهي تكف عن أن تكون وصفًا، وتسميات، ومخزونًا سطحيًا، ستكون القصيدة عقدة منة القوى المستهلكة داخل الفعل نفسه الذي يعقد بعضها إلى بعض، والآيلة إلى مادة غير مرئية، ومجال مغناطيسي".
إلياس فركوح
يوصف الكاتب والناشر الأردني إلياس فركوح (1948 – 2020)، بأنه أحد المجددين في دم القصة والرواية العربيتين خلال العقود الأربعة الماضية، وفقًا للناقد الأردني فخري صالح، الذي رأى أن فركوح منح الكتابة السردية تلك القدرة على وصف الأعماق، وتأمل الفراغ الداخلي للشخصيات، متوسلًا هذه القدرة في الحفر على دواخل الشخصية القصصية.
صاحب "أرض اليمبوس" غادر عالمنا في 15 تموز/ يوليو الفائت، تاركًا خلفه إرثًا أدبيًا موزعًا على القصة القصيرة والرواية، حاول فيه التعرف على الواقع الاجتماعي والسياسي الذي يحيط بشخصياته ويؤسس عوالمها، وسعى في الوقت بحسب صالح، إلى تذويب: "فعل الانفصال عن الأشياء وتحويله إلى نقيضه: أي إلى فعل اتصال والتحام بالموجودات والعالم عبر تذويب كل ما يمكن أن يكون فاصلًا سواء كان فاصلًا زمانيًا أو مكانيًا".
سعيد الكفراوي
ارتبطت تجربة الكاتب والقاص المصري سعيد الكفراوي، الذي غادر عالمنا منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت بالقرية وعوالمها، حتى وصف بأنه أحد الكتّاب "الفلاحين" القلائل الذين تمكنوا، من خلال ما قدموه من أعمال أدبية، أن يحافظوا على وجدان وتاريخ وروح تلك القرية، ونقل جميع ما سبق إلى القارئ دون أن يفقد خصوصيته أو حميميته.
انشغل سعيد الكفراوي خلال تجربته القصصية الفارقة في المشهد الأدبي المصري، وبحسب ما ذكره في مقابلة تلفزيونية، بأسئلة: "الأحلام، والحيوان والإنسان، والحياة والموت، والريف والمدينة، الطفولة والكهولة، المكان والزمان". ويعود سبب اختياره للقصة القصيرة دون غيرها من الأجناس الأدبية إلى كونها: "نبوءة نواجه خلالها أهوال الحياة والموت. إنها فعلًا نبوءة أو حلم، حتى لو كانت مادتها الواقع الذي نحياه".
رفعت سلّام
يتفق القراء والنقاد على وصف الشاعر والمترجم المصري رفعت سلّام (1951 – 2020)، بالمغامر أحيانًا والمشاكس أحيانًا أخرى، كنايةً عن رغبة لا نهائية بالتجديد والخروج عن قواعد سابقة رأى الكاتب الذي غادرنا مطلع كانون الأول/ ديسمبر الجاري، أنها تفرض على الشاعر من خارجه، كما لو أنها أسلاكًا شائكة تحيط به رغمًا عنه.
يعتبر رفعت سلّام أحد المؤسسين للمشهد الشعري المصري الذي ظهر في سبعينيات القرن الفائت، ليرتبط اسمه منذ ذلك الوقت بما سيعرف بـ "جيل السبعينيات"، الذي حمل على عاتقه مهمة تجديد القصيدة، والتأسيس لسياق جديد وصوت خاص يختلف عما كان سائدًا آنذاك، ويخرج عن المألوف، ويستطيع التطور واحتواء ما يظهر من تجارب شعرية جديدة.
ولكن بقاء مؤلف "هكذا قلت للهاوية" داخل هذه الجماعة لم يدم لوقتٍ طويل، حيث افترق عنها ليؤسس سياقًا خاصًا به، بدا قائمًا على: "تعدد الأصوات، وتعدد البنية، وإعادة صياغة الصفحة الشعرية على غير مثال، وفتح فضاء القصيدة على مصاريعه، بلا قيود أو حدود. مغامرة حتى الحدود القصوى الممكنة"، وفقًا لما جاء في كلمة غلاف أعماله الشعرية التي صدرت في جزأين عن "الهيئة العامة المصرية للكتاب" عام 2014.
اقرأ/ي أيضًا: