07-يونيو-2018

المهم اليوم، والواضح مؤخرًا هو انكشاف لعب الإمارات والسعودية بالأخبار الكاذبة (Getty)

من خلال المتابعة والقراءة اليومية حول أي شأن خليجي، يمكن لأي صحفي يتابع ما تنشره المواقع والصحف المصرية والإماراتية والسعودية، أن يكشف الشبكة التي نشأت في السنوات الخمس الماضية، بعد السيطرة المباشرة بالتملك والشراء الإماراتي السعودي للإعلام المصري.

يمكن لأي صحفي يتابع ما تنشره المواقع والصحف المصرية والإماراتية والسعودية، أن يتلمس جهد شبكة  الأخبار الكاذبة التي نشأت في السنوات الـ5 الماضية

تتطابق التقارير والمواد بشكل تام وتنشر ضمن حملة موحّدة، ما يشير إلى نوع من المركزة بالعمل، يمكن تصوّره كشبكة واضحة ترسل لها تقارير معدة باستعجال، تتهم فيها قطر بدعم تنظيم ما، أو تتحدث عن نزاعات داخلية في قطر، أو أي تهم كانت تتعلق بقطر ومن تعتبرهم الإمارات والسعودية خصومها. ثم تتصدر هذه المواد المواقع المختلفة خلال يوم واحد بل ساعات. ويمكن عبر جوجل مثلا الوصول إلى هذا التطابق التام في المحتوى المنشور بين كل هذه المواقع. حتى كأنهم تلقوا التقرير المطلوب نشره بالإيميل ونشروه مباشرة دون أي تعديل أو تغيير.

اقرأ/ي أيضًا: المركز العربي يرد على وكالة الأنباء الفرنسية ويطالبها بالاعتذار

في حالات أكثر جهدًا، ينشر موقع تقريرًا بمعلومات زائفة، اليوم السابع أو مصراوي أو الدستور مثلا، ثم تبدأ المواقع الأخرى، مصرية وإماراتية وسعودية، بنسبة التقرير أو المعلومات له وتخترع مواد وتحليلات بناء على ما نشر الموقع ذاك، وهو جزء أساسي في شبكة تبادل المواد والأخبار وما بات يسمى Fake News. ويتم تبادل الأدوار أحيانًا بأن تنشر صحيفة عكاظ السعودية تقريرًا ثم تستند إليه المواقع المصرية والإماراتية. وفي حالات كثيرة يستعاض عن ذكر الموقع المصري بالقول: حسب مصادر مصرية، فيتحول الموقع بأخباره المزيفة لمصدر تنسب له الشبكة كلها، وهكذا. ويحسب لوسائل الإعلام الإماراتية والسعودية مأسسة ما يمكن تسميته بـ "تبييض الأخبار"، على غرار تبييض الأموال.

تعتمد هذه الأساليب بشكل أساسي على الضخ الهائل لكميات كبيرة من الروابط والصفحات التي تتناول المادة نفسها، فتجد خبرًا كاذبًا تتداوله عشرات المواقع، بغض النظر عن قيمتها الصحفية وحجم جمهورها. والمأمول هنا هو أن يخلق هذا الكم الكبير الزائف، رأيًا عامًا زائفًا، وتفلح حملات التشويه وغيرها، على الأقل في إزعاج الخصوم أو تجييش رأي عام محلي ضد عدو خارجي.

المهم اليوم، والواضح مؤخرًا هو انكشاف هذه اللعبة أو الأسلوب، وتحوّلها إلى موضة قديمة، بل والتسليم أخيرًا لحقيقة أن القراء يدركون أن كل ما ينشر في شبكة المواقع هذه مدسوس وزائف، وبات واضحًا لغير المختص طريقة إدارة هذه الشبكات.

وهنا كان لا بد من تغيير الأسلوب والتوجه نحو اختصار للجهد والوقت مع زيادة المصداقية للمواد الزائفة تلك. وكان الخيار كما يبدو هو دس مواد قليلة، وعلى فترات متباعدة، في وكالات صحفية وازنة حول العالم.

مثلًا: نشر تقرير في وكالة كوكالة الأنباء الفرنسية، مرة في السنة، يعادل في قيمته الجهد المبذول في المواقع الصفراء. فالوكالة نظرًا لتاريخها تقع في موقع محايد بالنسبة للجمهور، وبالتالي قيمة ما تنشر أهم وأكبر وهذا أولًا. ثانيًا أن الوكالة ومن خلال شبكة مشتركيها من مواقع إعلامية ومؤسسات صحفية حول العالم وبكل اللغات، تقوم مقام الشبكة التي سعت الإمارات والسعودية لإنشائها، بل هي أكفأ وأوسع انتشارًا بالضرورة.

اقرأ/ي أيضًا: إعلام إسرائيل الحاقد على عزمي بشارة

يُفبرك التقرير أو يعدّ برسائل مبطّنة وبقليل من المهنية، وعلى الأغلب تلعب العلاقات الشخصية والمهنية دورا في تمريره، ويشتغل عليه صحفي مدفوع، فتنشره الوكالة، وخلال ساعات يكون لدى كل وسائل الإعلام المشتركة مع الوكالة. هذا الأسلوب الجديد المتبع. ولكن لحسن الحظ فإن ما يكشف هذا التزييف، هو المواقع والجهات الإعلامية التي تسارع لنشر التقرير الواصل من الوكالة.

يدرك القراء أن كل ما ينشر في شبكة المواقع الإماراتية السعودية المصرية مدسوس وزائف، وبات واضحًا لغير المختص طريقة إدارة شبكات التضليل هذه

فلنأخذ التقرير عن عزمي بشارة المنشور عبر الوكالة الفرنسية أخيرًا كمثال. التقرير مليء بالادعاءات التي تتعامل معها الوكالة كحقائق، وبغياب أي رد لعزمي بشارة على ما يرد في التقرير، واستخدام محللين أجانب منهم من يعمل لصالح الإمارات، بدون وجود أي رأي قطري أو خليجي، بالإضافة إلى أنه منجز في دبي التي تسجن من يعارض موقفها السياسي من قطر ولو بمقالة صحفية، بدل أن ينجز في الدوحة حيث القصة موضوع التقرير أصلا.

هذا التقرير أرسلته الوكالة الفرنسية بكل اللغات لكل مشتركيها حول العالم، ولكن متابعة أماكن نشره تثبت فشل الحملة المعدّة، والتي تورطت فيها الفرنسية. نجد أن المواقع المصرية والسعودية والإماراتية التي هي الشبكة التقليدية للهجوم على عزمي بشارة، هي وحدها من نشرت التقرير واهتمت به. يضاف إليها الإعلام الإسرائيلي، واليميني منه تحديدًا.

من حسن الحظ أن المشتركين في الوكالة الفرنسية لديهم أيضًا أدواتهم في التقييم والتحقق التحريري، ومن الواضح أن أدواتهم هذه المرة كانت أكفأ وأدق وأكثر مهنية من الوكالة نفسها، فامتنعوا عن نشره.

 

* نشر هذا المقال أيضًا عبر النسخة الإنجليزية لموقع وصحيفة العربي الجديد. 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

اقتحام الوكالة الفرنسية العلني لحقل "البروباغندا".. سقطة المؤسسة بألف

افتراء فرانس برس على عزمي بشارة.. هنا الإمارات!