في ظل الأزمات الكثيرة التي يعيشها اللبنانيون اليوم، من انقطاع المحروقات والكهرباء بشكل شبه تام، والارتفاع الجنوني للأسعار، وزيادة نسبة البطالة بشكل غير مسبوق، وانهيار القطاعات المختلفة، تبرز مشكلة الدواء بشكل خاص، مع انقطاع معظم الأدوية، الأمر الذي يهدّد حياة آلاف اللبنانيين بشكل جدي، وخاصة ذوي الأمراض المزمنة، والسرطان على أنواعه.
يطال النقص في الأدوية في لبنان كافة الأنواع، من أدوية الأمراض المزمنة، حتى أدوية الصداع والمسكنات والالتهابات، بالإضافة إلى أدوية السرطان، ناهيك عن حليب الأطفال
وفي هذا السيّاق، نفّذت نقابة الأطباء وقفة احتجاجية في مبنى النقابة في بيروت، بمشاركة وفد من نقابة الممرضين والممرضات، ونقابة الصيادلة، يوم الجمعة 20 آب/أغسطس، للتضامن مع مرضى السرطان في لبنان، بعد صدور تقارير تشير إلى النقص الحاد في أدوية السرطان، ما يجعل القسم الأكبر من المرضى غير قادر على متابعة علاجه، الأمر الذي يشكّل خطرًا داهمًا على حياتهم.
اقرأ/ي أيضًا: الشرطة الباكستانية تحقق في حادثة تحرش أكثر من 400 رجل بفتاة في حديقة عامة
بينما يطال النقص في الأدوية في لبنان كافة الأنواع، من أدوية الأمراض المزمنة، حتى أدوية الصداع والمسكنات والالتهابات، بالإضافة إلى أدوية السرطان، ناهيك عن حليب الأطفال، ما يعكس حجم التحدي الذي يعيشه اللبنانيون اليوم، في ظل الغياب التام للسلطات الطبية، وعجز وزارة الصحة عن اتّخاذ الإجراءات للوقوف في وجه الكارثة القادمة، وفشل مصرف لبنان مع القوى السياسية في إيجاد الصيغ اللازمة لاستيراد الأدوية، في ظل الشح الكبير في الدولار الأمريكي، ما يعيق قدرة الدولة شبه المفلسة في دعم سعر الدواء، فيما لا يتمّ اتخاذ الإجراءات اللازمة، لمكافحة احتكار بعض شركات أدوية لكميات كبيرة من الأدوية، طمعًا في بيعها بأسعار مرتفعة بعد رفع الدعم عنها.
للاطّلاع على سير العمل في الصيدليات، كان لألترا صوت حديث مع نور سلمان التي تعمل في إحدى صيدليات جنوب لبنان، وأشارت إلى أن "الصيادلة دفعوا ثمنًا كبيرًا بسبب الأزمة التي يعيشها لبنان اليوم حيث أن أرباحهم انخفضت بشكل كبير، ولم يعودوا قادرين على تأمين مصاريفهم في ظل الارتفاع الجنوني في الأسعار"، وتطرقت في حديثها إلى الضغط النفسي الذي يعيشونه بشكل يومي، ومعاينتهم لمعاناة المواطنين، حيث "لا يقدرون على تأمين معظم الأدوية لهم، إضافة إلى المشادّات التي تحصل مع الزبائن الّذين يصرّون على الحصول على كميات كبيرة من الأدوية تكفيهم لعدة أسابيع"، فيما يبدو على ارتباط بتراجع الثقة بالدولة اللبنانية، ووزارة الصحة ووعودها وكل ما يصدر عنها.
وقد حازت قضية انقطاع الدواء على اهتمام ناشطي السوشيال ميديا في لبنان منذ بواكير الأزمة المعيشية، وتم مؤخرًا التركيز بشكل خاص على الشح الكبير في أدوية السرطان، فقالت الناشطة جيسي إن انقطاع أدوية السرطان، يهدد حياة المصابين به، وإن الدولة تسرق منهم الأمل وفرص النجاة، وطلبت الناشطة فرح فرّان من المسؤولين إظهار الرحمة لمرضى السرطان، وخاصةً الأطفال منهم، ووصفت الحالة التي يعيشها الواقع الصحي في لبنان اليوم بالكارثي. بينما اعتبر الناشط زياد عبد الصمد، أن حلّ مشكلة الدواء في لبنان يكون عبر مكافحة الاحتكار، ووقف التهريب، ودعم شركات الصناعة الوطنية لإنتاج الدواء، لا عبر تسوّل الدواء الإيراني، السوري، المصري أو الأردني، فيما أشار الناشط أحمد الحسن إلى أن منظومة العار في لبنان تجتمع وتتناقش كأن البلد بخير، ورأى أن الأمر سيزيد من كره اللبنانيين لهم، وتوقّع أن يؤدي انقطاع الدواء، الخبز، المحروقات وغيرها، إشعال ثورة في صدور اللبنانيين ستنفجر في وجه الطبقة الحاكمة.
هذا ويبدو أن أزمة الدواء في طريقها إلى مزيد من التعقيد وفرض الأثمان على صحة المواطن اللبناني، لتضاف معاناته في رحلة الحصول على الدواء إلى ما يشهده من مشكلات في تأمين مختلف الاحتياجات الأساسية الأخرى، فالبعض يجول على أكثر من عشر صيدليات للحصول علي قرص دواء لألم الأسنان، وغالبًا يعود خائبَا، وكما هي الحال في بقية المواد المقطوعة، تبرز ظاهرة احتكار الدواء التي تفاقم من الأزمة وتزيد الطين البلة، من كبار المستوردين وأصحاب المستودعات وبعض الصيدليات، إلى بعض المواطنين الذين يستثمرون في الأزمة، فيخبئون بعض العلب ويبيعونها في السوق السوداء بأسعار خيالية، بل أن بعض العمليات تتم أحيانَا "اونلاين" وبشكل معلن.
اقرأ/ي أيضًا:
نتائج الثانوية العامة تثير موجة انتقادات عبر منصات التواصل في مصر
إدانات عربية عبر السوشيال ميديا للتطبيع بعد مرور عام على إعلان "اتفاق أبراهام"