أطلت أزمة الخبز برأسها من جديد في لبنان، مع الحديث عن قرب نفاذ مخزون الطحين وتوقّف الأفران عن إنتاج الخبز، وعاد معها المواطنون إلى الوقوف في طوابير طويلة أمام الأفران للحصول على رغيف خبز، ما أعاد إلى أذهانهم وقوفهم صيفًا في الطوابير للحصول على الوقود، قبل أن تختفي هذه الأخيرة بعد رفع الدعم عن المحروقات، وبالتالي فإن اللبنانيين يتخوّفون من أن تكون أزمة الخبز اليوم هي تمهيدًا لرفع الدعم عنه، في ظل انتشار أخبار في مواقع التواصل، تتوقع وصول سعر ربطة الخبز إلى 30 ألف ليرة، أي أكثر من ضعف سعر الربطة الحالي.
60 % من القمح في لبنان يتم استيراده من أوكرانيا، مع العلم أن لبنان يستهلك بين 40 و50 ألف طن شهريًا لتغطية السوق المحلية.
الاصطفاف في الطوابير من أجل الحصول على أبسط مقومات الحياة كالخبز، لم يخلُ من إشكالات ومناوشات، بسبب الضغط النفسي الكبير الذي يعيشه المواطنون اليوم في ظل ارتفاع الأسعار الجنوني، وانهيار القدرة الشرائية، والتردي في الخدمات كالكهرباء والإنترنت، وقد وصلت هذه المناوشات إلى إطلاق نار وسقوط جريح، قرب أحد الأفران في الضاحية الجنوبية لبيروت مساء الإثنين، فيما امتنعت الأفران عن تسليم الخبز صباح الثلاثاء، لتخلو معظم بيوت اللبنانيين من الخبز على أنواعه، بالتزامن مع شهر رمضان عند المسلمين، وفترة الصوم عند المسيحيين.
وفي الوقت الذي تلقى فيه اللبنانيون أخبارًا سارة إن جاز التعبير، حول موافقة مصرف لبنان على فتح اعتماد لإحدى المطاحن لاستيراد الطحين، بعد توافق حكومي على سلفة بـ 15 مليون دولار لإحدى المطاحن، على أن تتبعها مطاحن أخرى في الساعات القادمة، فإن اللبناني يدرك اليوم أنه أمام حلول ترقيعية قصيرة المدى، وأن الارتطام الكبير وما سيليه من غياب للأمن الغذائي واستفحال المجاعة قادم لا محالة، بعد ما ثبت بالدليل والتجربة عجز الطبقة السياسية في إدارة شؤون البلاد، وانزلاق الوضع المعيشي نحو الهاوية يومًا بعد آخر.
في أبرز المواقف حول قضية رغيف الخبز، تخوّف النائب المعارض أسامة سعد من أن تكون أزمة الخبز والطحين اليوم، هي تمهيدًا لرفع الدعم عن رغيف الخبز كما حصل في السابق مع سلع أساسية أخرى، وحذّر من "النتائج الكارثية لمثل هذا الإجراء على الأوضاع المعيشية لغالبية اللبنانيين من ذوي الدخل المحدود والفقراء" في وقت نفى وزير الزراعة عباس الحج حسن نية الحكومة رفع الدعم عن القمح، مشيرًا إلى أن الأمور ستعود إلى طبيعتها في الأيام القادمة.
غضب في مواقع التواصل بسبب أزمة القمح
قضية انقطاع الخبز تصدّرت اهتمامات ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان، مستخدمين بشكل أساسي وسمي #الخبز و#انقطع_الخبز للتعبير عن سخطهم من الحال التي وصلت إليها البلاد، وفي أبرز التغريدات كتب المخرج سعيد الماروق على حسابه في تويتر: " في شهر الصوم الخبز مقطوع، قطعوا عنهم أصواتكم غيروهم في الانتخابات غيروا كل هيدي الجوه الوقحة وهيدي الأحزاب المنافقة"
في شهر الصوم #الخبز_مقطوع قطعوا عنهم اصواتكم غيروهم في الانتخابات غيروا كل هيدي الوجوه الوقحة وكل هيدي الاحزاب المنافقة اقطعوا صوتكم عنهم #انتخابات_لبنان_٢٠٢٢
— sᴀɪᴅ ᴇʟ ᴍᴀʀᴏᴜᴋ (@Saidelmarouk) April 12, 2022
الناشط سام مهنا كتب من جهته : " أقولها بحسرة، مع هذه الطغمة الحاقدة لا يوجد بصيص أمل لحل أزمات المحروقات والأدوية والمواد الأساسية في لبنان، لم يعد هناك أي شيء في البلد حتى رغيف الخبز لم يعد متوفراً للمواطن !!
دخلنا مرحلة الموت جوعاً ومرضاً...
وبعدو بقلك هيهات منّا الذلّة.
أقولها بحسرة، مع هذه الطغمة الحاقدة لا يوجد بصيص أمل لحل أزمات المحروقات والأدوية والمواد الأساسية في #لبنان
لم يعد هناك أي شيء في البلد حتى رغيف الخبز لم يعد متوفراً للمواطن !!
دخلنا مرحلة الموت جوعاً ومرضاً...
وبعدو بقلك هيهات منّا الذلّة pic.twitter.com/CUqClZC6QF— Sam Mehana (@MehanaSam) April 11, 2022
أما الناشطة سوزان بربري، فقد اعتبرت بدورها أن من عجائب الانتخابات اللبنانية أنها تقرب المرشحين من بعضهم بعدما كانوا كالديوك، فيما تتلذّذ الدولة في بهدلة الناس أمام الأفران للحصول على ربطة خبز، بحسب وصفها.
اخ يا حنان اخ
من عجائب #الانتخابات_النيابية تقرب المرشحين لبعضهم البعض بحنان من بعدما كانوا متل الديوك ضد بعض هالكرسي شو بتعمل ! الى تلذذ #الدولة ف بهدلة #الناس امام #الافران للحصول ع ربطة #الخبز كتير هلقد ما ف ضمير كتير عم ينزل #اللبناني من طوابير الى اخرى بكفي— Suzanne Berbery (@SuzanneBerbery2) April 11, 2022
تجدر الإشارة إلى أن أزمة الطحين بدأت في الظهور في لبنان منذ العام 2019، على إثر انهيار النظام المصرفي، ما حدّ من قدرة الدولة على استيراد القمح، وقدرة المصرف المركزي على دعم المواد الأساسية، بسبب الشح بالدولار، وقد زاد من حجم الأزمة اندلاع الحرب في أوكرانيا، على اعتبار أن 60 % من القمح في لبنان يتم استيراده من أوكرانيا، مع العلم أن لبنان يستهلك بين 40 و50 ألف طن شهريًا لتغطية السوق المحلية.