15-أغسطس-2024
ثورة بنغلادش

(AP) طلاب بنغلادش يتجنّدون ضد الثورة المضادة

دخلت احتجاجات بنغلادش مرحلة جديدة بإطلاق "الحراك الطلابي ضد التمييز"، الذي قاد المظاهرات خلال الأسابيع الماضية، ما أسماه بـ"أسبوع المقاومة"، وذلك لتحقيق جملة من المطالب أبرزها الإصلاح الإداري والقانوني في الدولة، وبهدف قطع الطريق أمام ما أسماه بـ"أجندة الثورة المضادّة" في البلاد، ومحاولة إفشال الثورة بعدما نجحت في التخلص من رأس النظام، رئيسة الوزراء الشيخة حسينة واجد، وعددٍ من المسؤولين السياسيين في نظامها.

ومن أبرز هؤلاء المسؤولين وزير الخارجية حسن محمود، وجنيد أحمد بالاك وزير البريد والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الذي يتهمه الحراك الطلابي بالوقوف وراء الأمر بقطع بث شبكة الإنترنت عن المواطنين خلال فترة الاحتجاجات، بالإضافة إلى وزير العدل السابق أنيس الحق، والمستشار الاقتصادي للشيخة حسينة ورجل الأعمال سلمان فرحان.

وفي التفاصيل، نقلت وسائل إعلام عالمية عن الناشط الطلابي أختر حسين قوله للصحفيين إن: "هناك محاولات لإفشال ثورتنا من خلال ثورة مضادة، وقد أعلنا أسبوع المقاومة هذا لمواجهة ذلك"، في حين قال غلام مشكاة تشودري، وهو منسق آخر في الحراك الطلابي، إن حزب رابطة عوامي: "ما زال يحلم بالرجوع إلى السلطة بالدماء ولكننا سنقاوم ذلك".

ووضع "الحراك الطلابي ضد التمييز" مجموعة من الأهداف العاجلة في "أسبوع المقاومة"، أبرزها: "تشكيل محكمةٍ للتعجيل بمحاكمة المتهمين بمقتل مئاتٍ في المواجهات"، خاصةً أنّ الحراك اتهم مسؤولين بعينهم بارتكاب "جرائم المذابح" ضدّ المحتجين دفاعًا عن حكم رئيسة الوزراء المستقيلة التي فرت إلى الهند الأسبوع الماضي.

أطلق الحراك الطلابي في بنغلادش جولة جديدة من الاحتجاجات تحت عنوان "أسبوع المقاومة" بهدف قطع الطريق على ما أسماه "الثورة المضادة"

وفي هذا السياق، طالب كل من سارجيس علم وحسنات عبد الله، وهما من منسقي الحراك الطلابي، بمحاكمة: "قادة حزب رابطة عوامي الحاكم سابقًا وغيرهم من الأطراف السياسية الحليفة معهم في التخطيط، والتدبير للاعتداءات التي حصلت بحق الأقليات، وأن يتم التعامل مع الحقوق المشروعة للأقليات من قبل الحكومة المؤقتة".

كما شملت مطالب "الحراك الطلابي" إقالة: "كل المسؤولين في الحكومة والقضاء والأجهزة الأمنية ممن شرّعوا المحاكمات والقتل خلال الحراك الطلابي"، حسب بيانهم. إضافةً إلى أن: "يلقى كل من حوكم ولاقى تمييزًا فرصًا قانونية متساوية للدفاع عن نفسه".

في ذات السياق، قدّم الحزب الوطني المعارض خطابًا إلى مقر الأمم المتحدة في العاصمة داكا يطالب فيه: "بتحقيق دولي غير حزبي في القتل الجماعي من قبل الحكومة السابقة خلال المظاهرات".

وتفاعلًا مع هذه الدعوات، قال وزير العدل في الحكومة المؤقتة، عاصف نذرول، إن الحكومة: "ستبادر إلى تشكيل محكمة دولية تسعى لأن يعمل محققوها تحت إشراف الأمم المتحدة"، مضيفًا أنه:  "في المقابل سيتم سحب كل القضايا المرفوعة خلال الأسابيع الماضية ضد المتظاهرين مع نهاية شهر آب/أغسطس الجاري".

وكان محامون في بنغلادش رفعوا الثلاثاء الماضي أول قضية ضد رئيسة الوزراء المستقيلة حسينة واجد وعدد من المسؤولين السياسيين والأمنيين السابقين بتهمة قتل المواطن أبو سعيد، الذي سُجّلت حادثة قتله أمام العدسات والكاميرات منتصف تموز/يوليو المنصرم.

وعلى الرغم من عدم وجود إحصائية رسمية لضحايا الاحتجاجات وجرحاها، فإن مصادر تتحدث عن مقتل ما لا يقل عن 580 شخصًا خلال الأحداث الأخيرة.

ومنذ الإطاحة بحكم الشيخة حسينة واجد، تم تجريد نحو 30 ضابطًا في الشرطة من مسؤولياتهم، أبرزهم رئيس الفرع الخاص بالشرطة والمفتش العام للشرطة، ومفوض شرطة داكا الذي أحيل إلى التقاعد.

كما طالت التغييرات مدير قوات التدخل السريع، ومدير معهد الجيش للعلوم والتكنولوجيا، ومديري الكلية والأكاديمية العسكريتين، والإدارة العامة للمخابرات العسكرية، وإدارة مخابرات الأمن الوطني، ومدير قوات الأنصار والدفاع الريفي.

وتعليقًا على هذه التغييرات، قال مساعد المفتش العام للشرطة البنغلادشية، محمد معين الإسلام، إنه: تم تشكيل لجنة لإعادة تقديم الشرطة للمواطنين بزي رسمي وشعارين جديدين بسبب تزايد عدم الثقة بين الناس تجاه الشرطة، وستكون هذه اللجنة برئاسة محمد عطاء الكبرياء نائب المفتش العام للشرطة ".

كما أقرّ المفتش العام الجديد للشرطة الذي تم تعيينه قبل أيام بأن: "الكثير من عناصر الشرطة قتلوا وجرحوا وعذبوا بسبب بعض الضباط غير المهنيين والمفرطين في طموحهم"، وأنهم: "خرجوا عن قواعد الشرطة المهنية وانتهكوا حقوق الإنسان"، مضيفًا أنه: "بسببهم حدث هذا العنف وسقط هؤلاء الضحايا".

ووعد معين الإسلام بالتحقيق في كل حادثة قتل، معتذرًا للمواطنين عن: "تقصير الشرطة وعدم أدائها مسؤولياتها حسب المأمول خلال الحراك الطلابي المبرَّر ضد التمييز".

يشار إلى أنّ الحركة الطلابية نجحت في إسقاط بعض الأسماء المهمة في قطاع القضاء، أبرزهم قاضي القضاة وعدد من زملائه.

ويقول قاضي القضاة الجديد سيد رفعت أحمد، الذي استلم رئاسة محكمة التمييز. أعلى محاكم البلاد، إن: "سياسة القمع كانت سائدةً لا روح العدالة التي دمرت خلال سنوات"، مؤكدًا على نهاية "عهد القمع"، ومحذرًا القضاة من "الوقوع في الأخطاء مجددًا"، معربًا عن امتنانه للطلبة بـ: "إطلاقهم حركة يقظةٍ عظيمة في وجه اللامساواة"، حسب تعبيره.