20-نوفمبر-2024
احتجاجات في إسرائيل

(Getty) ليس لدى حكومة الاحتلال خطة واضحة لما بعد الحرب على غزة

شهدت الفترة الأخيرة تزايد التحذيرات من اقتراب إسرائيل من حافة الهاوية، تارةً بسبب الانقسام المجتمعي الحاد حول التجنيد والإصلاحات القضائية، وتارةً أخرى بسبب المواقف من الحرب الدائرة التي لا يبدو أن لها نهاية، أو على الأصح لا يريد نتنياهو وفريقه الحكومي أن يضع لها نهايةً رغم تداعياتها الاقتصادية الكبيرة واستنزافها لجيش الاحتلال، إلى الحد الذي تراجعت معه الرغبة في التجنيد لدى الشباب الإسرائيلي.

وأطلقت صحيفة "جيروزاليم بوست" أحدث هذه التحذيرات، حيث أشارت إلى رصدها شعورًا متزايدًا بأن دولة الاحتلال مندفعة بسرعة قصوى نحو حافة الهاوية، وأن القائمين على القرار فيها غير قادرين على استخدام المكابح. وحتى إذا استطاع هؤلاء التوقف، فإنهم لا يملكون، حسب الصحيفة، خطة لما يجب فعله بعد ذلك. 

ولعل السبب في هذه الحالة، حسب الكاتب الإسرائيلي شيروين بومرانتز، يكمن في عجز الفريق الحكومي الحالي عن تصور الكيفية التي يجب أن تتعامل بها إسرائيل مع الوضع في غزة ولبنان والضفة الغربية بعد أن تضع الحرب أوزارها، إذ لا توجد لديهم خطة أو رؤية واضحة لما يسمى اليوم التالي.

لم يعد الكثيرون في إسرائيل يفهمون الغرض من استمرار الحرب على غزة

فالحرب على غزة التي تسببت، حسب "جيروزاليم بوست" في مقتل "المئات من أفضل الشباب الإسرائيلي، ما تزال مستمرة"، على الرغم من صعوبة فهم الغرض منها بعد تدمير قطاع غزة بشكلٍ شبه كلي وتجريد حركة "حماس" من قوتها الصلبة وإضعافها وقتل زعيمها يحيى السنوار.

وهذا، بحسب الصحيفة الإسرائيلية، أقصى ما يمكن للحرب تحقيقه، فلا سبيل إلى القضاء على حركة مقاومة/فكرية بشكلٍ كلي. ومما يزيد حسابات حكومة نتنياهو تعقيدًا أن نحو 100 من الأسرى الإسرائيليين لا يزالون محتجزين في غزة، وما لا تريد حكومة نتنياهو الاعتراف به أنه من المستحيل أيضًا استعادة كل هؤلاء أحياء، وأن هذا يقتضي تقديم التنازلات المطلوبة بدل الاستمرار في معركة صفرية ستزيد كلفتُها الاقتصادية والبشرية كلما طالت مدتُها.

وهنا لا بد من طرح التساؤل الذي تتجنب حكومة نتنياهو طرحه، وهو: هل تستطيع إسرائيل أن تحقق شيئًا من مواصلة الحرب؟

حالة من الشك تسود الإسرائيليين

ترى "جيروزاليم بوست" أن الشكوك تملأ قلوب الإسرائيليين حول ما إذا كان استمرار الحرب كفيلًا بتحقيق شيء مهم بعد كل ما حدث. وبالنسبة إلى أهالي الأسرى تعد الإجابة واضحة، فمن دون إنهاء الحرب لا أمل لديهم بلقاء أبنائهم، ولذلك يحملون نتنياهو المسؤولية عن مصيرهم. فالأولوية عنده هي لمستقبله السياسي ومستقبل ائتلافه الحكومي.

لكن باعثًا آخر من بواعث الشك في قلوب الإسرائيليين من أهمية استمرار الحرب يتمثل في انخفاض نسبة الالتحاق بالخدمة العسكرية بين جنود الاحتياط إلى 25%، وهي نسبة تكفي، حسب "جيروزاليم بوست"، لإثارة قلق جيش الاحتلال الإسرائيلي نفسه من جدوى استمرار الحرب.

إنهاء الحرب

بناءً على ما سبق، تعتبر أوساط إسرائيلية متعددة أن الهدف الأول حاليًا ينبغي أن يكون تحديد كيفية إنهاء الحرب في غزة، ولو اقتضى أن يكون ذلك من جانب واحد، وتضيف "جيروزاليم بوست" أن اليوم التالي للحرب أن يشمل "إنشاء سلطة حاكمة متعددة الجنسيات تعمل لصالح ورفاهية السكان المتبقين في غزة".

أما الهدف الثاني، فينبغي أن يكون "وضع خطة للتعافي الاقتصادي لمعالجة أفضل السبل لاستعادة إنتاجية إسرائيل" حسب الصحيفة، ذلك أن تلك الإنتاجية تضررت بشكلٍ كبير بسبب الحرب التي كلفت الاقتصاد الإسرائيلي ثمنًا باهظًا، ولكن أيضا بسبب إحجام المستثمرين عن تمويل الشركات الناشئة التي كانت تقليديًا بمنزلة محرك النمو للتنمية التكنولوجية في إسرائيل حسب "جيروزاليم بوست".

لكن هذه الأهداف تبدو بعيدة المنال، في ظل حالة الانقسام المجتمعي والسياسي في إسرائيل، فعلى الرغم من الأوضاع الصعبة، أصدر وزير العدل ياريف ليفين نداءً جديدًا لإعادة قضية الإصلاح القضائي إلى طاولة النقاش، متجاهلًا أن هذه القضية، حسب الصحيفة، هي التي خلقت الانقسام الهائل في المجتمع في الفترة التي سبقت السابع من تشرين الأول/أكتوبر. كما أنه في أقصى اليمين أيضًا توجد دعوات جديدة لفرض السيادة الإسرائيلية على كامل الأراضي الفلسطينية وإعادة احتلال غزة.