الحرب لعبة مجنونة، يقول البعض إنها لعبة ذكية أيضًا يلعبها السياسيون في بلد ما بالتضامن، لتحسين الوضع الاقتصادي لبلدانهم على حساب بلدان أخرى، كما فعلت امريكا مرارًا. والحرب لعبة يمكن أن يلعبها سياسيون آخرون لرفع مستوى شعبيتهم المنخفضة أو لتحقيق هاجس إمبراطوري في التوسع، أو ينجرّون إليها مكرهين كما يفعل بوتين الآن في غزوة أوكرانيا.
أما تحسين الوضع الاقتصادي عن طريق الدفع للحرب، أو خوض الحرب فعلًا، فهو أمر يمكن أن يحدث في أمريكا فقط، المكان الوحيد لتوليد المال بلا حساب وبلا حدود، وأيضًا والأهم توليد المال بلا رصيد من ذهب أو أي مقابل ذي قيمة.
الحرب لعبة مجنونة، يقول البعض إنها لعبة ذكية أيضًا يلعبها السياسيون في بلد ما بالتضامن، لتحسين الوضع الاقتصادي لبلدانهم على حساب بلدان أخرى، كما فعلت امريكا مرارًا
تدفع أمريكا للحرب في أوروبا فتعلن دول أوروبية تخصيص مبالغ هائلة تحول لجيوشها، فتتحرك سوق السلاح في أوروبا وأمريكا وفي كل مكان من العالم، وتنشط دورة اقتصادية كاملة مرتبطة بالشركات، ينتعش اقتصاد أمريكا، ومن ثم اقتصاد الصين، والى حد ما اقتصاد أوروبا، ويخسر الروبل الروسي أربعين في المئة من قيمته خلال عشرة أيام.. لكن مهلًا ماذا لو استمرت الحرب لشهرين أو ستة شهور؟ سترتفع الأسعار في كل أوروبا ويزداد الفقراء عددًا وسترتفع أعداد اللاجئين الهاربين من أوكرانيا، وربما أيضًا من دول مجاورة لها. ستعاني أوروبا من أزمة اقتصادية، كذلك روسيا التي ربما تدمر اقتصاديًا، وسوف تصعد الحركات القومية نازية فاشية، وتستولي على الحكم في كل أوروبا.
أما أمريكا فوحدها التي ستخرج من الحرب منتصرة لأنها لن تعاني من أزمة اقتصادية، بسبب توليد الدولار بلا رصيد، ما يعني أنها تستطيع شراء كل شيء من أي مكان دون مقابل سوى الأوراق النقدية، وفوق ذلك ربما تربح سياسيًا وعسكريًا.
كيف يمكن وقف الحرب؟
أفضل ما يمكن فعله حيال الهجوم الروسي على أوكرانيا هو استمرار المفاوضات، أو التفاوض بشكل متقطع للتخفيف من الوحشية من الجنون، من الوصول إلى حالة القطيعة الكلية التي هي أقرب مرحلة الى تنفيذ التهديد بالنووي.
فمن الخطأ الاستجابة للتهديد الروسي بتهديد أوروبي مقابل. على الساسة الأوروبيين ألا ينجروا إلى لعبة الكاوبوي الأمريكي الذي يناور في مكان بعيد عن أرضه. يناور في أرضهم وعلى حساب شعوبهم معتبرًا أوروبا أرضًا وشعوبًا ساحة لمعاركه وصبواته السياسية. وهذا التفكير الأمريكي المغامر انتقل إلى الروس فذهبوا الى احتلال شرق أوكرانيا بسبب مسعى أمريكي لتوسيع الناتو.
لا شك أن فكرة التمدد الجغرافي العسكري الذي طرحه الأمريكان عبر نشر صواريخ الناتو في أوكرانيا كان الشرارة التي أشعلت النار في رأس بوتين والمنظومة الأمنية الروسية.
لا شك أن فكرة التمدد الجغرافي العسكري الذي طرحه الأمريكان عبر نشر صواريخ الناتو في أوكرانيا كان الشرارة التي أشعلت النار في رأس بوتين والمنظومة الأمنية الروسية
ما هي المنفعة التي تجنيها شعوب أوروبا من توسيع حدود الناتو وضم دول جديدة إليها؟ لا شيء. المنتفع الوحيد هي شركات السلاح وبعض السياسيين المرتشين المرتبطين بهذه الشركات والمتعيشين عليها. سياسيون، وربما أحزاب، يعملون كخدم وعبيد عند شركات السلاح الأمريكية والأوروبية.
في المحصلة لا بد من إعطاء ضمانات لروسيا بعدم ضم أوكرانيا إلى الناتو، فهو أمر يشعر الروس بالخطر وهو إن وقع فسيغير خارطة أوروبا.
التخلص التام من السلاح النووي
ماذا ينفع روسيا وأوروبا لو جرى إطلاق صاروخ روسي واحد مجهز برؤوس نووية باتجاه وارسو أو برلين أو باريس أو لندن؟ لا شيء. ستكون نهاية البشرية، آنئذ لن تنفع المخابئ المجهزة ضد الإشعاع النووي لذلك فأصحاب شركات السلاح سيموتون أيضًا.
كما جرى إخراج روسيا من مجلس الأمن، يجب انتزاع الخيار النووي من أيدي كل الدول التي تملكه، لا سيما روسيا وأمريكا، ربما عن طريق تأسيس هيئات وطنية في كل بلد يملك ترسانة من السلاح النووي لها صلاحيات فوق رئاسية وفوق دستورية، على شاكلة مجلس الحكماء الأوروبي. مهمة هذه الهيئات في كل بلد نووي أولًا إيقاف كلي للخيار النووي، ثانيًا إتلاف الأسلحة النووية الأشد فتكًا، وصولًا للتخلص منها كليًا، خطوةً بخطوةٍ، وبالتزامن بين كل البلدان النووية.