إلى اليوم، ومنذ الانتخابات الأخيرة في أيلول/سبتمبر، لم تحظ ألمانيا بعد بائتلاف حاكم، بعد فشل كافة المحادثات التي يقودها حزب المستشارة أنجيلا ميركل مع الأحزاب الأُخرى. وبطبيعة الحال، يُلقي ذلك بظلاله على الاستقرار السياسي للبلاد المهددة بالوقوع في فوضى غير مسبوقة. مجلة فورين بوليسي نشرت مقالًا تحليليًا عن الموقف السياسي في ألمانيا على ضوء فشل محاولات تشكيل ائتلاف حاكم، ننقله لكم مترجمًا بتصرف في السطور التالية.
من المتوقع أن يستغرق الأمر بعض الوقت حتى تتمكن أقوى دولة في أوروبا من الحصول على حكومةٍ مستقرة، ومن المحتمل ألا تقودها أنجيلا ميركل!
انهيار المحادثات بين حزب ميركل والأحزاب الأخرى لتشكيل ائتلاف حاكم، هوى بألمانيا في مأزق سياسي غير معتادة عليه
قبل أقل من ساعة من منتصف ليلة الأحد الماضي، كان هناك وميض من الضوء في نهاية نفقٍ طويل، فيُعتقد على الأقل أن هناك ثلاثة من الأحزاب الألمانية الأربعة تشارك في محادثات الائتلاف التمهيدية الشاقة.
اقرأ/ي أيضًا: ميركل مستشارة ألمانيا للمرة الرابعة.. فوز ناقص وتحدّيات ضخمة
وتجدُر الإشارة إلى أن الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني، وحزبه الشقيق البافاري الاتحاد الاجتماعي المسيحي، وحزب الخضر، والديمقراطيون الليبراليون الأحرار، قد تعثروا في مفاوضاتٍ متوترة ومعقدة كانت قد بدأت منذ حوالي خمسة أسابيع، لم يحدث من قبل أن كانت مثل هذه المجموعة الواسعة والمتنوعة من الأطراف، هي الخيار الوحيد القابل للتحقيق العملي الممكن في ضوء نتائج الانتخابات الأخيرة، مما يُصعِّب المهمة بشكلٍ كبير.
وبعد التصويت مباشرةً في 24 أيلول/سبتمبر، رفض الحزب الاشتراكي الديمقراطي، شريك الحزب الديمقراطي المسيحي (حزب ميركل) في السلطة، على مدار ثمانية أعوام من 12 عامًا الماضية، رفضًا قاطعًا، أن ترأس المستشارة أنجيلا ميركل، الحكومة لفترةٍ أُخرى، حيث سجلت أسوأ نتائج لها على الإطلاق في تصويت انتخابات أيلول/سبتمبر، وهي الكارثة التي عزاها الديمقراطيون الاشتراكيون مباشرةً إلى أسلوب ميركل السياسي.
وهو ما ترك الأحزاب الأربعة في شقاقٍ ونزاع حول السلطة، مع صعوبة توحيد أجنداتهم حول طيف سياسي واحد، يخرج من بينهم ليشق طريقه في السيطرة على حكم القوة الاقتصادية الأكبر في أوروبا وأساس استقرارها. لكنهم فشلوا في القيام بذلك، وما يحمله المستقبل القريب -بالنسبة لميركل وألمانيا، وأوروبا ككل- تغمره أحداث نهاية الأسبوع الماضي.
وقد أفضى انهيار المحادثات في ألمانيا إلى أزمةٍ سياسيةٍ عميقة، ما أوقع البلاد في مأزقٍ ليس لديها خبرة سابقة في الخروج منه، وهو أمرٌ لم يحدث من قبل في التاريخ الألماني منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، أن يتم تكرار انتخابات بسبب عدم القدرة على تشكيل ائتلاف يُمثِل الأغلبية الحاكمة. ولا حتى في أيام جمهورية فايمار التي امتدت ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، حيث تعرضت الأحزاب الديمقراطية في ألمانيا لضغوطٍ من اليمين المتطرف، الأمر الذي ساق أيضًا لاحتمالية عقد انتخابات جديدة.
وعلاوةً على ذلك، فإن الانقلاب غير المتوقع للأحداث، يُقوِض سلطة ميركل، ما يضعها في موقف أضعف مما كانت عليه عندما هبطت بعد التصويت الذي تم في أيلول/سبتمبر، حيث كانت نتائج حزبها الديمقراطي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي أسوأ بكثير مما كان متوقعًا، ولأول مرة يدخل حزب يميني متطرف للبوندستاغ منذ الحرب العالمية الثانية.
غير أن هذه النتائج تُلقي بأوروبا أيضًا في مأزقٍ وجودي، إذ تعصف بالاتحاد الأوروبي بالفعل مجموعة من الأزمات الأعنف منذ تأسيسه، وكان يعتمد على ميركل والحكومة الألمانية الجديدة في تقديم جنبًا إلى جنب مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، المزيد من الدعم والطاقة والرؤية لإصلاحاتٍ بعيدة المدى من شأنها تعميق التكامل الأوروبي.
وقد افترض مؤيدو الاتحاد الأوروبي أن كلا السياسيين -ميركل وماكرون- سيكون لهما ولاية جديدة قوية تمتد لأربع سنواتٍ للأمام، فضلًا عن الكيمياء الشخصية المبشّرة. ولكن يبدو أن كل شيء يتلاشى الآن، بما في ذلك آفاق الاتحاد الأوروبي -حتى المستقبل السياسي للمستشارة أنجيلا ميركل، الذي كان قبل أشهرٍ فقط الدعامة الأساسية للاستقرار الأوروبي الهش المضطرب.
إن احتمال وجود "تحالف جامايكا" (إشارةً إلى ألوان علم جامايكا، الذي تمثله ألوان الأحزاب الأربعة: الأخضر والأسود والأصفر) لم يكن مثاليًا لأيٍ من الأطراف المعنية. ومع ذلك، وبما أن هذا هو الطريق الوحيد لتشكيل حكومة، فقد أبدت جميع الأطراف رغبتها ونواياها في تقديم تنازلات بشأن تحقيق المطالب القُصوى التي تعهدت بها في الحملة الانتخابية، خاصة بشأن الضرائب والهجرة واللاجئين وحماية المناخ والقضايا الاجتماعية.
وكان من المفترض أنه إذا كان بإمكان أي شخص أن يُسخّر الحكومة للاستفادة من المصالح المتنافس عليها، كانت ميركل نفسها -السياسية المعروفة بحساسيتها و براغماتيتها وقدرتها على التوفيق عبر خطوط الحزب. ولكن من الواضح أن مثل هذا التحالف المختلط، يعني أنها سوف تضطر إلى التنازل عن مواقفها بشأن الإصلاحات في الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ما يجعلها أقل قدرة على تلبية تطلعات ماكرون والعمل سويًا.
وكان ماكرون يعتمد على ميركل لمساعدته على ربط منطقة اليورو بشكلٍ أكثر حزمًا، ودفع عجلة الاستثمار في جنوب أوروبا، وتصميم سياسات جديدة للاتحاد الأوروبي بشأن الضرائب والدفاع المشترك. ومع ذلك، حتى الآن، فإن البديل الأقل مثاليةً والذي كان يتمثل في شخصية ميركل الأضعف كرئيسة لائتلاف چامايكا المتصدع أيضًا خارج الحسبان - وثمة شيء أسوأ يبدو في الأفق.
فشل الأحزاب المعتدلة في تشكيل تحالف حاكم بألمانيا يزيد من فرص اليمين المتطرف لأن يحظى بدعم وتأييد شعبي أكبر
يقول يواكيم فريتز فانام، مدير برنامج مؤسسة برتلسمان لمستقبل أوروبا: "ببساطة، من حيث الوقت وحده، فإن هذه الأزمة التي تضرب ألمانيا غير قادرة على العمل لمثل هذه الفترة الممتدة من الزمن خلال كل تلك الأمور الملحة التي تعصف بالاتحاد الأوروبي"، مُوضحًا: "هناك قرارات هامة جدًا حول جدول أعمال الاتحاد الأوروبي لهذا العام والتي تتمثل في معالجة سياسة اللاجئين ومستقبل منطقة اليورو والتمويل الأوروبي. ولكنها الآن مجرد قائمة انتظار طويلة تأخرت لأسبوع آخر".
اقرأ/ي أيضًا: هجمات يمينية متصاعدة على السياسيين في ألمانيا
جاء انفجار هذه المحادثات بشكل غير متوقع تمامًا، حيث صُدِمت جميع الأطراف المعنية باستثناء الديمقراطيين الأحرار، الذين أنهوا المفاوضات بشكل غير مُتوقع دون استشارة أي من الأطراف الأخرى. وفي السيناريو الأفضل، كان يُعتقد أن يوم الأحد، هو اليوم الأخير من المحادثات التمهيدية، حيث أعلنت الأطراف الأربعة عزمها على الدخول في مفاوضاتٍ لتشكيل الحكومة، على أن تبدأ المحادثات الرسمية لتشكيل الائتلاف الحكومي بعد ذلك. ولكن نظرًا إلى أنه لا يزال يتعين إحراز تقدم بشأن قضيتين من القضايا الشائكة، وهما قضيتا البيئة والهجرة، رأى كثيرٌ من المراقبين أن المحادثات الجارية ينبغي أن تطول لعدة أيامٍ أخرى، أو ربما حتى للأسبوع الجديد.
لكن الديمقراطيين الأحرار ألقوا قنبلة في منتصف الليل، من خلال زعيم الحزب كريستيان ليندنر، الذي قال إنه لا يزال هناك الكثير من القضايا المفتوحة والأهداف المتضاربة، وبالتالي "لا يوجد أساس مشترك للثقة"، بتعبيره. ثم قام هو وفريقه وغادروا الغرفة.
وكتب الحزب الديمقراطي الحر على صفحته الرسمية بعد منتصف الليل بقليل: "الأفضل ألا نحكُم عن أن نحكُم بشكلٍ خاطئ". وفي وقت لاحق، أضاف ليندنر أن الأطراف الأربعة "لم تتمكن من تطوير رؤية مشتركة لتحديث بلادنا". مع ذلك، يرى العديد من المراقبين أنه لا يزال سؤال "لماذا غادر الحزب الديمقراطي الحر طاولة المحادثات؟" بلا إجابة.
وقالت أنجيلا ميركل إن "الأحزاب كانت على الطريق الصحيح وكان يمكننا التوصل إلى اتفاق". وعزا سيم أوزديمير، زعيم حزب الخضر، انسحاب الحزب الديمقراطي الحر إلى أنه: "كان الحزب المتكامل الوحيد المحتمل انتخابه بصورةٍ ديمقراطية بعد الانتخابات".
وإحدى الاحتمالات الواضحة هي أن الحزب الديمقراطي الحر لم يرغب ببساطةٍ في تحمل العبء و الأخطار الكامنة عن الحكم في المقام الأول، ولا سيما في تحالفٍ غير حاسم من أربعة أحزاب. وتساءل ستيفان كوزماني، من شبيغل أون لاين مستنكرًا: "هل كان الخروج المفاجئ لرئيس الحزب، ليندر، حقًا عفويًا جدًا كما كان من المفترض أن يظهر؟".
"هل كان حقًا يرغب في التوصل إلى اتفاق في المقام الأول؟"، جديرٌ بالذكر أنه بعد انتخابات أيلول/سبتمبر، عاد الحزب الديمقراطي الحر إلى البوندستاغ عقِب فترةٍ قضاها خارج المجلس التشريعي الوطني الألماني، بعد أن فشل في حل عَقبة الـ5٪ للتمثيل في عام 2013، وكان قد حكم جنبًا إلى جنب مع حزب الديمقراطي المسيحي بقيادة ميركل لمدة أربع سنوات.
وأبدى الحزب الديمقراطي الحر صورةً غير جادة، بل بدا كمجموعةٍ من الهواة داخل المجلس التشريعي. يُمكن القول إن الحزب الديمقراطي الحر بقيادة ليندر ليست لديه أية خبرة على مستوى العمل السياسي الوطني، وعليه فيبدو أن كان يُؤمّل البقاء لفترة أطول ضمن صفوف المعارضة قبل أن يُشارك في السلطة.
وعلى كل حال، وأيّما كانت الدوافع التي تقود الحزب الديمقراطي الحر -والعواقب التي ستلحق بالحزب- فإن الخاسر الأكبر من هذه الهزيمة هو ميركل نفسها. لقد كان الأداء الضعيف لتحالف الاتحاد الديمقراطي المسيحي مع حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي بولاية باڤاريا -الذي نسبه النُقاد في حزبها إلى حملة ميركل الباهتة والانجذاب إلى الوسط السياسي- خلال الانتخابات، هو ما تسبب في محاصرة الديمقراطيين المسيحيين في زاويةٍ مع ائتلاف "جامايكا" باعتباره الخيار الوحيد. لذا فقد كان الضغط عليها هائلًا لإنجاح الأمر بطريقةٍ ما. وإذا اضطرت ألمانيا لإجراء انتخابات جديدة، التي يرى بعض المراقبين أنه ربما لا يمكن تجنبها، فقد تترك الديمقراطيين المسيحيين المتخبطين الذين لم يعد هناك شركاء لهم؛ ليكونوا هدفًا سهلًا أمام اليمين المتطرف.
صرح ديتليف كلوسن، أستاذ علم الاجتماع بجامعة هانوفر، لمجلة فورين بوليسي قائلًا: "إنه موقف مثالي لحزب البديل من أجل ألمانيا (اليمين المتطرف)، الذي سيُضفي صبغةً على الأحزاب الرئيسية ليصورها بأنها نخبة مضطربة على استعدادٍ للمساومة على كل شيء وإضاعة أموال دافعي الضرائب"، مضيفًا: "سيبدو حزب البديل من أجل ألمانيا الأكثر احترامًا وتقديرًا في الوقت الحالي. ويُحتمَل جدًا أن الانتخابات الجديدة سوف تشهد مزيدًا من الإزاحة والتحول ناحية اليمين. سيكون هذا سيئًا للغاية بالنسبة لألمانيا، بل ولأوروبا أيضًا. ستقل في الوقت الحالي المساحة المسموح بها للتفاوض بشأن الإصلاحات في الاتحاد الأوروبي، وسترتفع أصوات المشاعر التي تُنادي بمصلحة ألمانيا أولًا".
تبدو ميركل كديكتاتورية داخل حزبها، إذ لم تسعى يومًا لتصعيد وجه جديد يكون خليفةً لها، كما أنها تقصي كل من يعارض آراءها
من المؤكد أن قطار أنجيلا ميركل المحطم أثار مسألة قدرتها على قيادة الحزب والأمة. وحتى هذه اللحظة، لم تُظهر أنجيلا ميركل أي بادرة أو إشارة لاعتزامها التخلي عن السلطة أو الدعوة لإجراء انتخابات جديدة. بيد أن إمكانية مغادرة المنصب قبل البدء في فترة الحكم الرابعة، وهي الفكرة التي لم تكن واردة منذ أسبوع فقط، أصبح الآن من المستحيل تجاهلها.
اقرأ/ي أيضًا: ميركل.. ورقة الليبرالية الغربية الأخيرة في أوروبا
وما يقف في وجه امتطاء جوادها والركض في اتجاه غروب الشمس كي تحظى باستراحة محارب، أنها لم تُجهِز خليفة لها في الاتحاد الديمقراطي المسيحي. لم تتوان أنجيلا ميركل خلال فترة شغلها منصب المستشارة الألمانية، والتي وصلت إلى 12 عامًا، عن استبعاد النقاد (وأغلبهم من الذكور) والمنافسين داخل الحزب، لتقود الاتحاد الديمقراطي المسيحي باعتبارها الشخصية الأساسية غير المتنازع عليها، والتي لا تُناقش أية آراء معارضة ولا تقبل بأي شخصيات لا توافقها.
واعتقد كثيرون أنها سوف تلمع شخصية وترعاها كي تتولى فيما بعد قيادة الاتحاد الديمقراطي المسيحي. وانصبت إحدى الخيارات على وزيرة الدفاع الحالية، أورسولا فون دير لاين. إلا أن فون دير لاين تُبدِي اعتدالًا أمام الخط الذي تسير عليه أنجيلا ميركل، ومن ثم لن تُشكِّل خيارًا محتملًا للمحافظين في تحالف الاتحاد الديمقراطي المسيحي مع حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي بولاية بافاريا، الذين يلقون باللوم لما يحدث في الحزب على الميول اليسارية لدى ميركل. وكان ديفيد ماكاليستر، وهو وزير ألماني سابق (من أصول بريطانية) وعضو بالاتحاد الديمقراطي المسيحي، خيارًا آخر؛ فهو لا يمتلك أي تجربة قومية في سيرته الذاتية. ويوجد أيضًا شخصيات أخرى لتخلف ميركل، مثل أنجريت كرامب كارنباور من ولاية سارلاند أو چوليا كلوكنر من راينلند بالاتينات، وكلاهما شابتان ولم تُختبرا في هذه المرحلة الكبيرة.
قد تحدث انعطافة مذهلة في الأحداث إذا تنحت أنجيلا ميركل، ويعزى جانب منها إلى صفقة مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني. وهي الاستقالة التي قد تعود من خلالها إحدى التحالفات الكبرة، ومع ذلك يُرجح أن يكون أحد رموز الاتحاد الديمقراطي المسيحي، فيما عدا ميركل، على رأس هذا التحالف.
وعلى ما يبدو، استبعد الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني هذا الخيار حاليًا، إلا أنه قد يعدل عن قراره من جراء الضغط الشديد الذي قد يمارسه الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير -المرشح السابق للحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني لمنصب المستشار- الذي قال يوم الإثنين، إن ألمانيا "لم تكن مُوشِكة على الدعوة لانتخاباتٍ جديدة".
ويوجد خيار آخر يكمن في حكومة أقلية، فربما يدخل حزب الخضر وتحالف الاتحاد الديمقراطي المسيحي مع حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي بولاية بافاريا في تحالف، وهو ما قد تدعمه أحزاب المعارضة في البوندستاغ في بعض التشريعات. لم يسبق أن حدث شيئًا كهذا من قبل في ألمانيا، إلا أنه مسار شائع في البلاد الأوروبية الأخرى.
يحتمل أن يتولى جنود أنجيلا ميركل مهمة التشويش على الأزمة، وهي تملك كثيرًا منهم. وعلى الرغم من أنها جريحة بشدة، فهي لا تزال أكثر القادة السياسيين تفضيلًا في ألمانيا. فقد تعلَّم جميع من في الجمهورية ألا يُقلِّلوا من شأن أنجيلا ميركل. وعلى أي حال، قد يتعرض الاتحاد الديمقراطي المسيحي لضغطٍ شديد من أجل إعادة توجيه دفة الحزب لدعم مرشح آخر للمنافسة في الانتخابات الجديدة.
رغم فشلها في تشكيل تحالف حاكم، لكن جميع الساسة الألمان يدركون أن ميركل أكثرهم تفضيلًا في ألمانيا وتحظى بتقدير كبير دوليًا
علاوةً على هذا، يدرك الألمان أن أنجيلا ميركل، من بين جميع الساسة الألمان، تحظى بأقصى تقدير واحترام بين نظرائها على الساحة الدولية. فيصعب تخيل أي شخص لآخر ليقود الاتحاد الأوروبي ويخرجه من حالة العجز الحالية التي يعاني منها، أو يمثل أوروبا في التعامل مع القادة المستبدين أمثال دونالد ترامب وفلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان، وجميعهم سيسعدون كثيرًا لرؤيتها ترحل.
يبدو هذا المأزق خطيرًا لدرجة أن النخبة السياسية الألمانية سوف تصطف متحدةً لمواجهته؛ فهم يعرفون تمامًا أن ثمة ما هو على المحك، وهو أكثر من مجرد مصالح ألمانيا وحدها. فلم يتضح بعد إلى متى ستبقى أنجيلا ميركل بين صفوف هؤلاء الساسة.
اقرأ/ي أيضًا:
من هي أليس فايدل.. الخبيرة المثلية التي قادت اليمين المتطرف الألماني للنصر؟