26-مايو-2018

يعبر مسلسل الهيبة عن رداءة وضع الدراما العربية (تويتر)

على سبيل السخرية بالطبع، كتبت الكلمات التي اخترتها عنوانًا لهذه المقالة عبر صفحتي الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، وأنا على يقين أنها لا تحتاج "لتفسيرات" أخرى ما دام كل شيء واضحًا، غير أنني فوجئت عندما وجدت أن الإقبال كبير وفي ظرف قياسي على التغريدة، ما أشعرني براحة كبيرة، ذلك أن المتابعين فهموا قصدي ويشاطرونني الرأي حول حال الدراما التلفزيونية العربية اليوم.

تصر الدراما العربية على تصدير صورة  "البلطجي" أو تاجر السلاح "المغلف بالبراءة"

بعد دقائق معدودة، اكتشفت أن أغلبية من تفاعلوا مع الموضوع ليسوا سوى صفحات تابعة لمسلسل "الهيبة"، وجحافل المعجبين "ببطله"، تروق لهم هذه الكلمة بالذات، تيم حسن، الذين "صدقوا" فعلًا أننا أمام "مخلص" الأمة من نكساتها وكوارثها، وأن الأمر أكبر من حكاية مسلسل تلفزيوني لا بد من الجزم أنه سيسير على منوال السلسلة الشامية الشهيرة "باب الحارة"، التي تفننت محطة "الإم بي سي" السعودية، بالشراكة مع "عراب العمل" بسام الملا، في نهش نجاح الجزأين الأول والثاني، حتى أصبحت أضحوكة كل موسم رمضاني.

وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى منشور كتبه أحد السوريين الظرفاء يحمل في طياته معاني ودلالات عميقة، مفاده أنه "إذا استمر باب الحارة في تقديم أجزاء إلى الأمام، وظل الهيبة يعود بأجزائه نحو الوراء، ربما سيلتقيان ونكتشف بأن جبل هو حفيد أبو شهاب".

اقرأ/ي أيضًا: "وردة وكتاب".. حتى الدراما تغدر بالثورة!

لعل المثير للانتباه أن من يتابع مسلسل "الهيبة العودة" في جزئه الجديد الذي سعى صناعه لإبعاد صاحب فكرته الرئيسية "هوزان عكو"، وتكليف مساعد المخرج "باسم السلكة" بصياغة النسخة التي نشاهدها حاليًا، سيخرج بخلاصة تفيد بوجود "ارتباك واضح"، في إنتاج هذا التصور "الباهت" الذي نراه، كما أن "يدًا إنتاجية عريضة" تقف خلف الموضوع، وتصر على خلق "ضجة إعلامية" من خلال "تسريب" كم رهيب من المفاجآت، وطرح أسماء عديدة مع أخبار بأنها انضمت للجزء الثاني، قبل أن يتبين عند "الامتحان" أنها جعجعة بلا طحين، وأن فكرة اللجوء لخيار الأجزاء من أجل "استثمار" النجاح السابق، لم تكن مدروسة كعادة التجارب العربية دائما في مثل هذه الحالات.

وهنا نعود للنقطة الأولى عن "الشخصية " التي تصر الدراما العربية اليوم على تصديرها للمشاهد على هيئة "النموذج" الذي يحتذى به، وهي غالبًا  وربما دائمًا مرتبطة "بالبلطجي" أو تاجر السلاح "المغلف بالبراءة" والطيبة على غرار ما اهتدى إليه "محمد رمضان" في مصر، ليستنسخ هذا العام عملًا مشابهًا "للأسطورة" الذي يتفاخر "بنجاحه الساحق"، لا بل وأصبح "مرجعًا" يعتد به من حيث الارقام والاهتمام.

هذا فيما يخص الجانب الإنتاجي والتسويقي المرتبط بالفضائيات وسطوتها، فماذا عن المشاهد العربي الذي "يحن" لزمن الأساطير والبطولات، وهو يئن تحت وطأة واقع مثخن بالهزائم والإذلال؟ فهل وجد في "جبل شيخ الجبل" أو "ناصر الدسوقي" الملاذ الذي يعوضه عما يفقده على أرض الواقع؟

والسؤال المطروح هنا وبحدة: لماذا ترفع شركات الإنتاج والمحطات "الفيتو" أمام طرح شخصيات يمكن فعلًا أن تكون القدوة وتتخذ من واقعنا فضاءً للانطلاق والتحليق وقطع دابر التخلف والقمع؟ أم أن "العواقب" حينها لن تكون "سليمة"، وقد ينقلب السحر على الساحر مثلا؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

الدراما اللبنانية.. جرائم ترتكب باسم الفن!

أحوال الدراما السورية وتحولاتها.. شي فاشل!