انطلقت قبل يوم أمس الأربعاء، 24 كانون الثاني/يناير الجاري، فعاليات الدورة الـ55 من "معرض القاهرة الدولي للكتاب"، التي تستمر حتى 6 شباط/فبراير القادم، في مركز مصر للمعارض والمؤتمرات الدولية بمنطقة التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، تحت شعار "نصنع المعرفة، نصون الكلمة".
تشارك في هذه الدورة من المعرض الذي فتح أبوابه للزوار أمس الخميس، نحو 1200 دار نشر من 70 دولة عربية وأجنبية، وتتضمن برمجته قرابة 500 فعالية بينها العديد من المؤتمرات التي تناقش وتبحث في مواضيع ثقافية وأدبية مختلفة، وتستعيد شخصيات أدبية وفكرية للإضاءة على منجزها وإعادة قراءته، مثل الشاعرة العراقية الراحلة نازك الملائكة، والكاتب والمفكر المصري الراحل طه حسين، وغيرهما.
واختارت إدارة المعرض من عالم الآثار المصري الراحل سليم حسن (1863 – 1961) ليكون شخصية دورته الـ55، بينما جرى اختيار مواطنه الكاتب الراحل يعقوب الشاروني (1931 – 2023) ليكون شخصية معرض الطفل، كما اختيرت دولة النرويج ضيف شرف هذه الدورة من المعرض.
وفيما يلي وقفة مع بعض أهم الإصدارات المنتظرة في الدورة الـ55 من معرض القاهرة للكتاب.
سليم حسن
أصدرت "الهيئة المصرية العامة للكتاب" طبعات جديدة من مؤلفات وترجمات عالم الآثار المصري الراحل سليم حسن، من بينها كتاب "فجر الضمير" الذي ألّفه جيمس هنري برستد ونقله حسن إلى العربية. ويُعد الكتاب من أهم الكتب التي تناولت الحضارة المصرية القديمة، وتعمّقت في أصول الضمير ونشأة الوعي الأخلاقي في إحدى أقدم الحضارات التي عرفتها البشرية. وذلك بالإضافة إلى عدة كتب أخرى، من بينها: "موسوعة مصر القديمة" المكونة من 18 مجلدًا تناول فيها التاريخ المصري القديم، و"أقسام مصر الجغرافية في العهد الفرعوني".
قدّم حسن الملقّب بـ"عميد الأثريين المصريين" العديد من الدراسات والمؤلفات المهمة والمرجعية في مجاله، ويُعد أول عالم آثار مصري قام بالحفر في منطقتي الهرم وسقارة، وكانت اكتشافاته محط اهتمام محلي وعالمي لأهميتها وضخامتها، ولعل أبرزها مقبرة "رع ور" التي كانت تحوي عددًا هائلًا من الآثار الفرعونية القديمة.
وإلى جانب اكتشافاته ودراساته، قدّم سليم حسن للمكتبة المصرية والعربية عملًا موسوعيًا ومرجعيًا غاية في الأهمية حمل عنوان "موسوعة مصر القديمة"، وجاء في 18 مجلدًا قدّم فيها العلّامة الراحل ما يمكن عدّه شرحًا واسعًا ومفصلًا عن الحضارة المصرية القديمة من عصور ما قبل الأسر وصولًا إلى العصر البلطمي.
يعقوب الشاروني
وبمناسبة اختياره شخصية معرض الطفل، أعادت "الهيئة المصرية العامة للكتاب" طباعة بعض مؤلفات الكاتب المصري يعقوب الشاروني الذي غادر عالمنا في 23 تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، تاركًا خلفه أكثر من 400 كتاب بين قصة ورواية أسّس عبرها مدرسة جديدة ومتفرّدة في أدب الطفل، الذي كرّس له حياته فأصبح من روّاده في مصر والعالم العربي.
وفي تقرير اللجنة التي منحته جائزة "أحسن كاتب أطفال" عام 1981، قالت الكاتبة والأديبة المصرية سهير القلماوي إن أسلوب يعقوب الشاروني: "حقق آفاقًا بعيدة المدى، سهولة وبساطة وتعليمًا"، وأضافت: "إنه أسلوب واضح المعالم، مُستجيب لكل ما نطمع فيه من حيث اللغة التي نخاطب بها الأطفال".
وتميّزت كتابات الشاروني ببساطتها وعمقها في آنٍ معًا. كما كان حريصًا على أن تعكس أعماله طبيعة نظرته إلى أدب الطفل ودوره في التربية وتوجيه السلوك وتنمية الخيال والإحساس، دون إهمال عنصر الترفيه. ومن بين أكثر من 400 كتاب، نذكر العناوين التي صدرت بمناسبة المعرض، ومنها: "مغامرة زهرة مع الشجرة"، و"عفاريت نصف الليل"، و"أجمل حكاياتنا العربية"، و"حكايات إيسوب"، و"زهرة السعادة"، و"مسرحية أبطال بلدنا"، و"حكاية رادوبيس"، و"طيور الأحلام".
وسيصدر عن المعرض أيضًا كتاب خاص بعنوان "شهادات في محبة يعقوب الشاروني" يضم شهادات لعدد من المثقفين وكتّاب أدب الطفل، المصريين والأجانب، حول الشاروني ومنجزه.
مصطفى محمود
بعد إصدارها أعمال الكاتب والروائي المصري الراحل نجيب محفوظ، عقب حصولها على حقوق نشرها بعد انتهاء عقد "دار الشروق" مع عائلته؛ أصدرت "دار ديوان" طبعات جديدة من أعمال الكاتب المصري الراحل مصطفى محمود (1921 – 2009).
يُعتبر محمود من أهم الشخصيات الثقافية والفكرية في مصر، كما يُعد من الشخصيات الجدلية بسبب طبيعة أعماله التي تناول في بعضها الموضوعات الروحية برؤية إسلامية. وذلك إلى جانب مناقشته وبحثه في ظواهر أدبية وفكرية مختلفة بطريقة يرى البعض أنها مثيرة للجدل، بينما يرى آخرون أنها تدفع نحو إعادة النظر فيها بهدف فهمها بشكل أفضل.
ولمحمود رحلة مثيرة في عوالم الشك الذي هيمن عليه في مرحلة مبكّرة من حياته يقول البعض إنه كان ملحدًا خلالها، بينما نفى هو ذلك وقال إن شكّه لم يكن إلحادًا وجحودًا. وقد تبعت مرحلة الشك هذه مرحلة أخرى عنوانها اليقين التي تمحورت كتاباته خلالها حول العديد من المواضيع الإسلامية.
ومن مؤلفاته الصادرة حديثًا في معرض القاهرة للكتاب: "لغز الموت"، و"أناشيد الإثم والبراءة"، و"القرآن كائن حي"، و"رحلتي من الشك إلى الإيمان"، و"الوجود والعدم"، و"في الحب والحياة"، و"الأحلام"، و"الروح والجسد"، وغيرها.
دار الكرمة
استعدادًا للمعرض، أصدرت العديد من دور النشر المصرية الكثير من الأعمال الأدبية المترجمة، ومن بينها: "الميراث والوصية" لـ فيجديس يوث، و"ثورة القمر" لـ أندري كاميلليري، و"القفزة" لـ سيمونه لابرت، الصادرة عن "دار الكرمة"، التي أصدرت كذلك عدة كتب أخرى بين الأدب، والفلسفة، والسيرة الذاتية، لعل أهمها كتاب يُنشر لأول مرة للكاتب المصري الراحل صلاح عيسى، ويحمل عنوان "عبد الرحمن الجبرتي: الانتلجنسيا المصرية في عصر القومية".
قاهرة اليوم الضائع
وعن "منشورات المتوسط"، صدرت رواية "قاهرة اليوم الضائع" للكاتب إبراهيم عبد المجيد الذي يعيد فيها استكشاف عوالم العاصمة المصرية القاهرة وهو جالس في منزله، بدءًا بشوارعها ومبانيها ذات الطراز الأوروبي والمسارح وغيرها، وكل ذلك من خلال الخيال. كما يقف عند مجموعة من الشخصيات التاريخية والسياسيين والفنانين من حقبة ماضية.
ويمزج عبد المجيد في هذه الرواية بين الواقع والخيال، ويلقي نظرة مغايرة على الأماكن التاريخية في العاصمة المصرية،ويمد قصته أيضًا بالكثير من التفاصيل الدرامية إلى جانب الفكاهة، وكل ذلك في يوم واحد.
ماريو وأبو العبّاس
وتأخذ الكاتبة ريم بسيوني قرّاء روايتها "ماريو وأبو العباس" (دار نهضة مصر) في رحلة تاريخية إلى حقبتين زمنيتين مختلفتين، إذ تغوص إحداها في حياة المتصوف مرسي أبو العباس، وتنقلنا الأخرى إلى حياة المعماري الإيطالي ماريو روسي الذي بنى مسجد المرسي أبو العباس في الإسكندرية عام 1933.
تروي الرواية قصة حياة أبي العباس بوضوح، حيث تشمل هروبه من الأندلس إلى الإسكندرية، ومعاركه ضد الفرنجة، ورحلته الروحية في الزهد والتصوف، ثم تتجه إلى عصر ماريو روسي لتعرض تفاصيل من مسيرته المعمارية، سيما في الثلاثينيات، ووقوعه في غرام العمارة الإسلامية. وتضيف الصداقة التي تزدهر بين أبو العباس وماريو، والتي تفصل بينها عدة قرون، طبقة رائعة إلى هذه الحكاية التي تجمع بين التصوف والتاريخ وجمال العمارة.
أشباح مرجانة
وتحت عنوان "أشباح مرجانة" (دار دوّن)، يروي الكاتب والناقد محمود عبد الشكور قصة فؤاد عمار بهجت الساعاتي، الشاب العائد من المنفى في الإمارات للمطالبة بميراثه. وبينما يسعى لاستكمال إجراءات الميراث، يكتشف أن من ضمنه سينما قديمة تُدعى "مرجانة" لا تعمل فقط كوسيلة لمشاهدة أفلام الماضي، بل تدفعه إلى التنقيب في ماضي عائلته واستكشاف أسرارها.
تأخذ القصة منعطفًا غير متوقع مع ظهور شائعات عن أشباح تتواجد في السينما، مما يدفع فؤاد إلى الشروع في البحث عن الحقيقة، ويواجه في مساعيه الأشباح المتواجدة في السينما، وأشباح ماضيه المؤلمة، مما يخلق حكاية متعددة الأجيال مليئة بالمشاعر المتضاربة.
مصانع التاريخ: حكاية العالم كما رسمته الأفكار الاقتصادية
ومن بين إصدارات المعرض كتاب "مصانع التاريخ: حكاية العالم كما رسمته الأفكار الاقتصادية" للكاتب محمد يحيى الذي يميط اللثام عن العديد من الأحداث العالمية الكبرى التي نتجت عن دوافع اقتصادية بحتة، وإن لم تُظهر ذلك صراحًة، مثل الاشتباكات الاستراتيجية بين الأسطول البرتغالي والمماليك المصريين، وسعي كريستوفر كولومبوس لإيجاد طريق جديد إلى الهند، وأحداث أخرى كان الاقتصاد محركها الرئيسي.
كولين هوفر
ويشهد المعرض أيضًا إصدار "دار الرواق" الطبعات العربية من بعض روايات الكاتبة الأمريكية كولين هوفر، من ضمنها سلسلة روايات "لم يسبق أن" المكونة من 3 روايات تتناول لغز اثنين من المراهقين، تشارلي وينوود وسيلاس ناش، اللذان يستيقظان فجأة من النوم مع فقدان ذاكرتهما بشكل كامل لا يتذكران بعضهما البعض، أو عائلاتهما أو حتى من هما، ويخوضان بعد ذلك رحلة مثيرة للتعرف على أنفسهما وعلاقتهما.
بالإضافة إلى ما سبق، تصدر أيضًا سلسلة "رُبما" المكونة من 3 روايات: "ربما يومًا ما"، و"ربما الآن"، و"ربما لا". تقدّم هذه الثلاثية رحلة آسرة عبر عالم رفقاء الروح، حيث تتنقل في الحقائق الفوضوية للحب والتواصل والمصير، مع حكاية سيدني وريدج اللذان يكملان بعضهما ويخلقان نسيجًا سرديًا أكبر يستكشف مفاهيم المصير والقدر وأهمية الخيارات التي نتخذها وتشكل مساراتنا. وستصدر كذلك ترجمات لروايات أخرى مثل "عظام القلب"، و"التاسع من نوفمبر".
التنمية الذاتية وعلم النفس
لا تغيب كتب التنمية الذاتية وعلم النفس عن المعرض، إذ تشارك "دار دوّن" بعدة إصدارات في هذين المجالين، منها كتاب "عيادة نفسية من داخل غرفتك"، تأليف لنيك ترينتون وترجمة رانيا صلاح، الذي يُعد استكشافًا مهمًا للوعي الذاتي والشفاء، إذ يتحدى الكتاب المفاهيم التقليدية للعلاج، ويقول إن الرحلة نحو اكتشاف الذات يمكن أن تبدأ من الداخل، كما يدفع القراء إلى التدقيق في أفكارهم وسلوكياتهم لمعرفة ما تخفيه.
يستكشف ترينتون جوانب مختلفة من العلاج الذاتي، مثل مفهوم الطفل الداخلي وأنماط التعلّق، ويقدم إرشادات عملية حول إعادة برمجة الأفكار من أجل آليات تكيّف أكثر صحة. وبشكل عام، يُعدّ الكتاب دليلًا جيدًا لأولئك الذين يشرعون في رحلة لاكتشاف ذواتهم، إذ يدمج الحكايات الشخصية مع المبادئ النفسية بسلاسة.
وكذلك كتاب "كيف نكبر في العمر ونظل شبابًا"، تأليف ستيفن شوستر وترجمة مايسة عبد الرحمن، الذي يقدّم دليلًا شاملًا حول مكافحة الشيخوخة، والكثير من المعلومات الأساسية لمساعدة القراء على فهم عملية الشيخوخة، سواء في المظهر أو الصحة العامة، ويجادل بأن الأخيرة لا تعني بالضرورة الشعور بالعجز والوهن، بل يؤكد أنه من خلال تقنيات مصممة علمًيا، يمكن للأفراد الحفاظ على الشباب مهما كبروا سنًا.
ويغطي الكتاب جوانب مختلفة في هذا المجال، بما في ذلك التمارين لتحسين التوازن، والوضعية، ووظيفة القلب والأوعية الدموية، والهضم، إلى جانب التوصيات الغذائية لشيخوخة صحية، ويساعد القراء على تعديل الروتين اليومي الذي يؤثر بشكل إيجابي على المظهر الجسدي ومستويات الطاقة وطول العمر.