مع اقتراب عام 2016 من نهايته، العام الذي شهد صعود قوى دولية وأفول أخرى وانقلابات فاشلة ونتائج انتخابات مفاجئة، إليك قائمة بالأحداث العشرة الأبرز التي شهدها، والتي سيمتد تأثيرها في المنطقة العربية والشرق الأوسط وفي السياسة الدولية وشكل العالم في السنوات المقبلة.
في ليلة 15 يوليو/تموز، حاولت مجموعة من ضباط القوات المسلحة التركية القيام بانقلابٍ عسكري، حيث بثوا بيانًا أعلنوا من خلاله إنشاء مجلس أسموه "السلم في الوطن" كهيئةٍ حاكمةٍ للبلاد بعد سيطرتهم على قناة تي آر تي التركية الرسمية والذي تضمن حظرًا للتجول في أنحاء البلاد وإغلاق المطارات. لم يطل الوقت حتى استطاعت الوحدات والأجهزة الموالية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان السيطرة على الوضع واعتقال قادة المحاولة.
أسفرت محاولة الانقلاب عن حملة تطهير واسعة وسط اتهامات من أردوغان لرجل الدين التركي فتح الله جولن، الحليف السابق له والمقيم بالولايات المتحدة، وأنصاره بالوقوف وراءها. بدورها أدت حملة التطهير إلى توترٍ للعلاقات مع الاتحاد الأوروبي على خلفية اتهاماتٍ بانتهاكات لحقوق الإنسان بلغ أوجه بتوصية البرلمان الأوروبي بتجميد مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد، فيما شهدت العلاقات مع موسكو تحسنًا كبيرًا.
أسفرت محاولة الانقلاب التركية عن توتر شديد لعلاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وانعطاف تركيا نحو روسيا
استمرت أزمة اللاجئين في الإلقاء بظلالها على القارة العجوز، مع انقسام الساسة والبلدان الأوروبية المختلفة بشأن الأسلوب الأمثل للتعامل معها. مع نهاية العام الجاري لم يستطع الاتحاد الأوروبي توطين سوى 5% فقط من اللاجئين المستهدفين الموجودين في اليونان وإيطاليا، حسبما تظهر إحصاءات المفوضية الأوروبية.
كان الأثر الأكبر لأزمة اللاجئين هو صعود اليمين المتطرف في بلدان عدة، مستفيدًا من حالة العداء للمهاجرين والعداء للمؤسسات والنخب الحاكمة لدى بعض القطاعات في أوروبا والولايات المتحدة، وهو الأمر الذي اعتبر السمة المميزة لهذا العام.
8- هزيمة السعودية في معركة النفط
باتفاق وزراء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) على خفض إنتاج الدول الأعضاء إلى 32.5 برميل يوميًا، مقارنة بمعدل تشرين الأول/أكتوبر البالغ 33.6 مليون برميل، وبموافقة السعودية تحديدًا على خفض إنتاجها بنحو نصف مليون برميل يوميًا لينخفض إلى 10.06 مليون برميل يوميًا، تكون السعودية قد تخلت رسميًا عن حرب الأسعار التي بدأتها منذ عامين لإجبار منتجي النفط الصخري مرتفع التكلفة على الانسحاب من السوق، تحت ضغط العجز الذي شهدته ميزانيتها وميزانيات أغلب الدول الأعضاء بالمنظمة.
7- هزيمة مرشح اليمين المتطرف في النمسا
باختيارهم لألكسندر فان دير بيلين، الرئيس الأسبق لحزب الخضر، كرئيسٍ للبلاد في الانتخابات التي جرت يوم الأحد الماضي، رفض ناخبو النمسا إيصال أول رئيسٍ من اليمين المتطرف في أوروبا الغربية منذ الحرب العالمية الثانية إلى مقعد الرئاسة في بلادهم، فيما اعتبر ضربةً لليمين الشعبوي، الذي حقق عدة انتصارات كبرى هذا العام.
يذكر أن تلك الانتخابات كانت جولة إعادة للانتخابات التي جرت في آيار/مايو الماضي، وفاز فيها فان دير بيلين بفارق ضئيل، إلا أن خطأً في التصويت عبر البريد أدى إلى إعادة الانتخابات.
6- رفض التعديلات الدستورية في إيطاليا
كانت آخر انتصارات اليمين الشعبوي هو ذلك الذي حققه في إيطاليا برفض التعديلات الدستورية، التي تقدم بها رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي والمتعلقة بتقليص دور مجلس الشيوخ في البرلمان الإيطالي. كانت حركة خمس نجوم الشعبوية الإيطالية، وهو حزبٌ شعبوي معادٍ للمؤسسات الحاكمة قد قال في الماضي إنه يرغب في إجراء استفتاء على التخلي عن العملة الأوروبية الموحدة (اليورو)، من أبرز الرافضين للتعديلات، فيما عد انتصارًا للمد اليميني في أوروبا. وأعلن رينتسي عن استقالته من منصب رئيس الوزراء وفاءً لعهدٍ كان قد قطعه بالاستقالة من منصبه في حال رفض التعديلات.
مع اقتراب القوات الموالية لنظام بشار الأسد من السيطرة الكاملة على حلب الشرقية، والتي كانت تعد أكبر معقلٍ حضري للمعارضة، في هجومٍ تشنه ميليشياتٍ عراقية وأفغانية تحت غطاءٍ جويٍ روسي، أصبح الأسد وداعموه الروس والإيرانيون على وشك تحقيق أكبر انتصارٍ لهم في الحرب المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات وأسفرت عن مقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين من السوريين. لن تمنح هزيمة المعارضة المسلحة في حلب النظام السوري السيطرة الكاملة على سوريا، التي لا تزال مساحاتٌ شاسعة منها خارجة عن سيطرته، لكنها ستجعلهم أقرب من أي وقتٍ مضى من تحقيق هدفهم المتمثل في القضاء على المعارضة السورية المعتدلة.
كان من أكبر مفاجآت هذا العام هو اختيار ناخبي اليمين في فرنسا لرئيس الوزراء الأسبق فرانسوا فيون ليكون مرشح اليمين في الانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017. كانت أغلب التوقعات ترجح جولة إعادة بين الرئيس السابق ساركوزي ورئيس الوزراء الأسبق آلان جوبيه، حيث كانا يتصدران استطلاعات الرأي، إلا أن استراتيجية فيون، التي ركزت على اللقاءات الميدانية في الأقاليم الفرنسية والمناطق الريفية وعلى خطاب أساسه "الحقيقة مهما كان الثمن"، أتت ثمارها ليتصدر فيون الجولة الأولى ويتغلب على آلان في جولة الإعادة مقتنصًا بطاقة ترشيح الحزب الجمهوري.
من مفاجآت 2016 اختيار ناخبي اليمين في فرنسا لرئيس الوزراء الأسبق فرانسوا فيون ليكون مرشحهم في الانتخابات الرئاسية 2017
يتبنى فيون برنامجًا اقتصاديًا ليبراليًا، عبر خلاله عن رغبته في إحداث قطيعة تامة مع الماضي، متعهدًا بتجويع وحش دولة الرفاهة حتى الموت، وهي الخطوة التي لم تكن تعتبر استراتيجية رابحة في فرنسا. فيون أيضًا هو كاثوليكي محافظ يفتخر بالبيئة الكاثوليكية المحافظة التي نشأ بها، حتى أن عنوانًا في صحيفة ليبراسيون عقب فوزه صرخ: "النجدة، لقد عاد يسوع!". يشدد فيون على "جذور فرنسا المسيحية"، وهي عبارة رفضها النقاد باعتبارها تحذير للفرنسيين المسلمين بأنهم ليسوا في وطنهم. تشير استطلاعات الرأي إلى أن فيون سوف يواجه مارين لوبان زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية، وأنه سوف يتفوق عليها ليفوز بقصر الإليزيه.
3- أفول داعش
تتقدم القوات الخاصة العراقية في الأحياء الشرقية للموصل، بينما تتقدم قوات الجيش العراقي والبيشمركة لمهاجمة المدينة من الشمال والجنوب، فيما تقطع ميليشيات الحشد الشعبي الطريق الذي يربط غرب المدينة بالأجزاء الشرقية من سوريا. رغم أنه أصبح من الواضح الآن أن معركة الموصل لن تنتهي سريعًا، بسبب إصرار إيران على قطع الطريق أمام انسحاب مقاتلي داعش من المدينة، إلا أنها تشكل خطوة طال انتظارها في اتجاه القضاء النهائي على التنظيم في العراق، وذلك بعد طرده من العديد من المدن الأخرى التي استطاع السيطرة عليها سابقًا.
في سوريا، أدى تمدد وحدات حماية الشعب الكردية وقوات سوريا الديمقراطية، التي يشكل الأكراد قوامها الرئيسي، إلى تقلص المساحة التي يسيطر عليها التنظيم في البلاد، فيما أدى تدخل فصائل من الجيش السوري الحر بدعمٍ من تركيا في الشمال السوري إلى طرده من الحدود التركية وإغلاق نافذة التنظيم الوحيدة على العالم الخارجي، لتتقلص المساحة التي يسيطر عليها التنظيم إلى الحد الأدنى لها منذ سيطرته على الموصل وشمال العراق وإعلانه الخلافة عام 2014.
كان فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية، خلافًا لجميع استطلاعات الرأي، هو مفاجأة هذا العام الأبرز على الإطلاق
2- البريكسيت
شكل تصويت الناخبين البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، فيما عرف بالبريكسيت، ثاني أكبر مفاجآت هذا العام، والتي دقت بشدة أجراس الإنذار بشأن انتشار معاداة المؤسسات والشعور العام بانفصال النخب السياسية عن رجل الشارع، وهو ما أدى إلى صعود أحزاب اليمين المتطرف أكثر من أي وقتٍ مضى منذ الحرب العالمية الثانية.
مثّل اختيار الخروج من الاتحاد الأوروبي في جوهره رفضًا لسلطة المؤسسات البيروقراطية غير المنتخبة ممثلةً في الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية وغيرها، كما أنه عبر عن تنامي السخط تجاه السياسات الاقتصادية المتبعة فيما كان يعد ثاني أكبر اقتصادات الاتحاد الأوروبي.
1- ترامب
كان فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية، خلافًا لجميع استطلاعات الرأي تقريبًا، هو مفاجأة هذا العام الأبرز على الإطلاق، وهو ما دعا صحيفة التايم الأمريكية إلى اختياره شخصية العام، ليظهر على غلافها إلى جانب عبارة "دونالد ترامب: رئيس الولايات المنقسمة الأمريكية".
اقرأ/ي أيضًا: