26-يوليو-2024
الرئيس الأميركي جو بايدن والأوكراني فولوديمير زيلنسكي

(AP) كان الرئيس الأميركي جو بايدن سخيًا مع الأوكرانيين

كان الرئيس الأميركي جو بايدن سخيًا مع الأوكرانيين بالنظر إلى المساهمة الكبيرة التي قدمها لكييف، والتي بلغت 175 مليار دولار من المساعدات منذ بدء الحرب بين روسيا وأوكرانيا في شباط/فبراير 2022. ولذلك يعدّ انسحابه من السباق الرئاسي حدثًا غير سعيد بالمرة بالنسبة إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي، خاصةً أنّ المرشحة البديلة كامالا هاريس قد لا تقدم نفس المستوى من المساعدة إذا فازت، لا بسبب عدم اقتناعها بأهمية المساعدات، وإنّما لحسابات اقتصادية تتعلق بالداخل الأميركي بعد 2024،

أما فوز ترامب، فسيكون بمثابة نذير شؤم على القضية الأوكرانية، حيث سيترك عبء المساعدات، في أحسن الأحوال، على الدول الأوروبية الرئيسية في حلف شمال الأطلسي "الناتو".

ومن هذا المنطلق، يغدو التساؤل عما يعنيه انسحاب الرئيس جو بايدن من الانتخابات الرئاسية بالنسبة لأوكرانيا سؤالًا مصيريًا بالنسبة لكييف، ومهمّا للحسابات الجيوسياسية على صعيد العلاقة بين أميركا وروسيا من جهة، وأميركا وحلفائها من جهة أخرى.

مستوى غير مسبوق من الدعم في ظل رئاسة بايدن

بخلاف باراك أوباما الذي حرم أوكرانيا من الترسانة العسكرية الهجومية مع زحف القوات الروسية على القرم 2014 ـ 2015، قدم خليفته جو بايدن ـ الذي كان نائبًا لأوباما ـ دعمًا سخيًا لكييف ساهم في صمود الأوكرانيين وإطالة أمد الحرب بسبب التوازن العسكري على أرض المعركة.

أدّى تأخير المساعدات مؤخرًا إلى إجهاد خطوط الدفاع ومخزونات المدفعية الأوكرانية، مما أجبر أوكرانيا على الانسحاب من أفدييفكا، أحد المعاقل الدفاعية منذ عام 2014

ولا ينكر أحد أنّ الولايات المتحدة هي المورد الرئيسي للمساعدات العسكرية والمالية لأوكرانيا منذ بدء الحرب. ويعود صمود الجبهة الأوكرانية، في جزء كبير منه، إلى هذه المساعدات بالإضافة طبعًا لجهود الأوكرانيين الذين وضعوا أنفسهم رأس حربة في مواجهة الدب الروسي.

يشار إلى أنه، ومنذ الخريف وحتى الربيع، أدّى تأخير المساعدات الأخيرة إلى إجهاد خطوط الدفاع ومخزونات المدفعية الأوكرانية، ما أجبر أوكرانيا على الانسحاب من أفدييفكا، أحد المعاقل الدفاعية، منذ عام 2014.

إلّا أنّ هذا الموقف الأميركي الداعم بشكلٍ كبيرٍ لأوكرانيا سيكون ممّا عفا عليه الزمن، حيث من المرجّح أن يبدأ خليفة بايدن، سواء هاريس أو ترامب،  تحولًا من سياسة بايدن ويشرع في خفضٍ تدريجي للمساعدات، وذلك من منطلق اقتصادي أكثر مما هو سياسي، في حالة حدث الركود الاقتصادي المخيف المتوقع في عام 2025، وزاد إرهاق المواطنين على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، وذلك وفقًا لصحيفة "الكوفيدنسيال" الإسبانية.

ماذا يعني فوز ترامب لأوكرانيا

لا أحد يدري بالضبط ما سيقوم به ترامب إذا فاز في انتخابات الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، لكن المرشح الجمهوري دأب في خرجاته السياسية أثناء الحملة على القول إنّ لديه: "خطة لتحقيق السلام وإنهاء الحرب خلال 24 ساعة".

وبحسب مصادر تحدثت سابقًا لصحيفة "واشنطن بوست"، فإن استراتيجيته ترامب تجاه حرب أوكرانيا تنطوي على إجبار كييف على التخلي عن شبه جزيرة القرم ودونباس، وهذه بالضبط هي الشروط التي تضعها روسيا على الطاولة لوقف الحرب، وترفضها كييف جملةً وتفصيلًا.

ماذا بيد كييف لتفعله

تعامل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي بكثير من الدبلوماسية مع تصريحات ترامب التي تثير الكثير من المخاوف، لا عند الأوكرانيين فحسب، وإنما لدى العواصم الأوروبية الرئيسية في حلف شمال الأطلسي، حيث رحّب بإمكانية وقف الحرب وتمسك في المقابل بعدم التنازل عن أي شبرٍ من أرض بلاده، قائلًا في تعليقه على استراتيجية ترامب: "سنكون سعداء جميعًا إذا تمكن شخصٌ واحد في العالم، لا يهم إذا كان دونالد ترامب أو أي شخصٍ آخر، من إنهاء الحرب خلال 24 ساعةً".

بايدن وزيلنسكي،

وأضاف أنّ: "السؤال هنا يتمثل في ما هو الثمن ومن سيدفعه؟ أنا لا أقول إن هذه فكرتهم، ولكن إذا كنت تريد القيام بذلك خلال 24 ساعةً، فإن أسهل طريقةٍ هي إجبارنا على الدفع. ببساطة سيُقال لنا أن نتوقف ونستسلم وننسى. لن نقبل أبدًا بشيءٍ كهذا، ولا يوجد شخص في العالم يمكنه إجبارنا على القيام بذلك"، وفق تعبيره

وبحسب مصادر مطلعة، فإن العلاقة بين زيلينسكي وترامب ليست جيدةً. وتم تسريب أن ترامب كان قد جمّد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 400 مليون دولار لأوكرانيا بهدف الضغط على زيلينسكي للتحقيق وتزويده بمعلومات حول الفساد المحتمل من قبل نجل جو بايدن، هنتر، في أوكرانيا في عام 2014.

ويُعبّر نائب ترامب جي دي فانس عن موقفٍ سلبي من أوكرانيا، حيث قال قبل دخول روسيا في أوكرانيا إنه لا يبالي بما يحدث عسكريًا. كما أوضح في مقالةٍ قاسية ـ لا بالنسبة لأوكرانيا بل لأوروبا ـ  نشرتها صحيفة "فايننشال تايمز" أنّه: "يجب أن نرى الأموال التي لم تنفقها أوروبا على الدفاع على حقيقتها: إنها ضريبة ضمنية على الشعب الأميركي من أجل حماية أمن أوروبا".

وأضاف فانس: "تتكون أوروبا من العديد من الدول الكبيرة ذات الاقتصادات المنتجة. وينبغي أن تكون لديهم القدرة على إدارة الصراع، ولكنهم أصبحوا على مدى عقود من الزمن ضعفاء للغاية. لقد طُلب من الولايات المتحدة ملء الفراغ بتكلفة باهظة لمواطنيها".