07-سبتمبر-2024
منتدى التعاون الصيني الأفريقي

الرئيس الصيني يجلس إلى جانب رؤساء دول إفريقيا في حفل افتتاح منتدى التعاون الصيني الإفريقي (رويترز)

امتنعت الصين عن تقديم تخفيف أعباء الديون الذي سعت إليه العديد من الدول الإفريقية، نهاية الأسبوع الماضي، لكنها تعهدت في مقابل ذلك بتقديم 360 مليار يوان صيني، ما يعادل 50.7 مليار دولار، على مدى ثلاث سنوات ضمن هيئة خطوط ائتمان واستثمارات، وفقًا لوكالة "رويترز".

واضطلع منتدى التعاون الصيني الإفريقي الذي تأسس في عام 2000 بدور أكبر بعد إنشاء مبادرة الحزام والطريق، والتي أطلقها الرئيس الصيني، شي جين بينغ، في عام 2013، وتهدف إلى إعادة إنشاء طريق الحرير القديم لثاني أكبر اقتصاد في العالم، وأكبر مقرض لدول إفريقيا.

ونقلت "رويترز" عن الخبير الاستراتيجي في شركة "تيليمر"، حسنين مالك، قوله: إن "الصين عادت إلى الصدارة من حيث نشر رأس المال في الأسواق الناشئة"، مضيفًا أنها لم تصل بعد إلى مستويات ما قبل كوفيد-19.

اضطلع منتدى التعاون الصيني الإفريقي الذي تأسس في عام 2000 بدور أكبر بعد إنشاء مبادرة الحزام والطريق

وكانت الصين قد سعت أيضًا إلى استخدام "منتدى التعاون الصيني الإفريقي" لمواجهة التنافس المتزايد في إفريقيا من قبل الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، واليابان، ودول أخرى.

ويتجاوز الالتزام المالي الجديد ما وعدت به بكين في آخر قمة لـ"منتدى التعاون الصيني الإفريقي" في عام 2021، لكنه أقل من الـ60 مليار دولار التي قُدمت في عامي 2015 و2018، والتي كانت تمثل ذروة الإقراض الصيني لإفريقيا في إطار مبادرة الحزام والطريق.

وعلمت بكين خلال تلك الأعوام على تمويل بناء الطرق والسكك الحديدية والجسور، لكن مشاريع البناء توقفت في إفريقيا بعد انقطاع التمويل الصيني في عام 2019، بحسب "رويترز"، وقالت الصين إن الأموال الجديدة ستخصص لتمويل 30 مشروعًا للبنية التحتية من أجل تحسين الروابط التجارية، دون أن تخوض في تفاصيل.

وتعاني القارة التي تضم 54 دولة، ويسكنها أكثر من مليار نسمة، من عجز سنوي في تمويل البنية التحتية يقدر بنحو مائة مليار دولار، وتحتاج إلى شبكات نقل لجعل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية حقيقة واقعية.

وفي السنوات الأخيرة، خفّضت بكين التمويل لمثل هذه المشاريع بعدما حولت تركيزها إلى المشاريع "الصغيرة والمميزة"، وذلك بسبب الضغوط الاقتصادية الداخلية التي تواجهها، وزيادة مخاطر الديون بين الدول الإفريقية.

وردًا على سؤال حول كيفية انسجام الالتزامات الجديدة مع استراتيجية الصين الحذرة في الوقت الراهن بشأن الإقراض الخارجي، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية إنه: "لا يوجد تناقض".

وأوضحت المتحدثة باسم الخارجية الصينية، ماو نينغ، في مؤتمر صحفي، أمس الجمعة، أن "التعاون بين الصين والدول الإفريقية، بما في ذلك التنفيذ المحدد للمشاريع، يتم مناقشته وتحديده من قبل الجانبين".

وقالت الصين أيضًا إنها ستطلق 30 مشروعًا في مجال الطاقة النظيفة في إفريقيا، بالإضافة إلى تقديم التعاون في مجال التكنولوجيا النووية، والعمل على معالجة نقص الطاقة الذي أبطأ جهود التصنيع.

وبحسب  كبير الاقتصاديين في بنك "ستاندرد" بجنوب إفريقيا، غلام باليم، فإن نتائج "قمة منتدى التعاون الصيني الإفريقي"، تشير إلى "دفع قوي نحو المشاريع البيئية، وخاصة تطوير الطاقة المتجددة".

وأضاف باليم أن الصين أصبحت من الدول الرائدة عالميًا في مجال طاقة الرياح والطاقة الشمسية، حيث تتحكم في سلاسل الإمداد الرئيسية، فضلًا عن خفضها لتكاليف الإنتاج.

لكن الرئيسة العالمية لاستراتيجية الائتمان بالأسواق الناشئة لدى بنك "بي إن بي باريبا" الفرنسي، ترانغ نغوين، تقول إن "المشكلة ليست في حجم الاستثمارات بحد ذاته، بل في نقص الشفافية حول شروط الدين".

ووفقًا لـ"رويترز"، كان النجاح أقل وضوحًا للدول التي تدين بجزء كبير من ديونها للصين، حيث لم تقدم بكين أي عرض صريح لمساعدة الدول التي تواجه صعوبة في سداد الديون.

وبدلاً من ذلك، دعت بكين الدائنين الآخرين إلى "المشاركة في معالجة وإعادة هيكلة ديون الدول الإفريقية، وفقًا لمبدأ العمل المشترك وتقاسم الأعباء بشكل عادل".

وكانت إثيوبيا وموريشيوس قد أعلنتا عن إنشاء خطوط تبادل عملات جديدة مع البنك المركزي الصيني، بينما أفادت كينيا بأنها حققت تقدمًا في المفاوضات لاستئناف التمويل للمشاريع الأساسية، مثل السكك الحديدية الحديثة التي تربط بين المناطق.

ومع ذلك، كان هناك بعض التفاؤل من جانب البعض، حيث رحبوا بزيادة التزامات الصين تجاه قضايا الأمن في إفريقيا، والتحديات الإنسانية، وغيرها من القضايا غير المالية.

وقالت رئيسة تنزانيا، سامية سولوهو، في تدوينة على منصة "إكس"، إنه "بعد نحو 70 عامًا من العمل الجاد، فإن العلاقات بين الصين وإفريقيا في أفضل حالاتها على مر التاريخ".