11-ديسمبر-2015

إسراء الطويل(فيسبوك)

"سيبونا فحالنا.. مالك ومال بلدنا مصر"، بهذه العبارات خاطبتني فتاة مصرية، قبل أيام، وهي تعاتبني على ما أسمته تدخلي السافر في الشؤون المصرية، حين كتبت داعيًا لإطلاق سراح المصورة الشابة إسراء الطويل.

ساعد المناخ الألماني فجر العادلي لإيصال رسالتها عكس إسراء الطويل التي لم يتحرك الإعلام العربي والمصري لدعمها 

وباعتباري متابعًا لقضية إسراء وسبق وأن حاورت شقيقتها وأتواصل بشكل شبه دائم مع والدتها، استغربت الموقف المخزي للإعلام المحلي المصري، الذي تفنن في نسج الأكاذيب عنها وعن عائلتها وتذمرت من تقاعس الإعلام العربي، عكس الغربي، في لفت الأنظار إلى فتاة مظلومة يسعى النظام الحالي لتلطيخ صورتها وتشويه سمعتها بشتى الطرق القذرة التي هي من صلب وسائله المحببة واللائحة طويلة بخصوص المستهدفين عبرها.

ما يثير الحنق وما جعلني أتناول قضية إسراء من جديد، هو كم الرسائل، والتي تحمل هوية واحدة وطابعًا واحدًا، من "المحروسة" والتي تدعونا نحن "الغرباء" للكف عن التطرق لقضايا "أم الدنيا" و"القلب النابض" للعرب والعروبة، فأي مفارقة غريبة عجبية هذه؟ هل حينما نتحدث عن "الوجه المشرق" للنظام المصري ونكيل له المديح نبقى ونحافظ على "صبغتنا الأخوية" وبالتالي نندرج ضمنيًا تحت "الوهم إياه" أي "مصر الأم الحنون للعرب"؟ وحين نقف في صف المظلومين والمستضعفين ونقول لا في وجه الطاغية وأزلامه نتحول إلى غرباء وعنصريين ونطالب بالابتعاد عن مصر وأبنائها؟

للأسف هذا هو الواقع الذي يصادفنا ونحن نتحدث عن "مصر اليوم" بعيدًا عن الشعارات والكلام الرنان المعلب، وهنا يقف المصريون أمام حقيقة مرة تستهدفهم وبالأخص الموالون والمصطفون في خندق نظام السيسي ولن أكتب "مصر السيسي"، لأنها أكبر من أي شخص مهما طغى وتجبر.

دعوني أستحضر هنا نموذجًا مصريًا أبى الوقوف على الحياد وقرر رفع شعار التحدي أمام العالم بأسره وأقصد الإعلامية فجر العادلي، التي صدحت أمام الشاشات وفي حضرة الرئيس "المغوار"، أثناء زيارته إلى ألمانيا وحولت زيارته آنذاك إلى جحيم لا يطاق، ومع ذلك ظلت فجر صامدة مصرة على أن يصل صوتها وتسمع صرختها للعالم بأسره وذلك ما نجحت فيه حين أقبلت وسائل إعلامية مشهورة على استقبالها والإنصات لكلامها الصادح بالحق.

ورغم دعوات نزع الجنسية المصرية عن العادلي إلا أنها لم تتزحزح قيد أنملة، وهنا لابد أن نعترف أن المناخ الألماني ساعدها على الانتشار وإيصال رسالتها، عكس وضع إسراء الطويل، التي لم يتحرك الإعلام المحلي والعربي إلا بعد انتشار صورها وهي تبكي في إحدى الجلسات ومع ذلك ظل محافظًا على "خجله" في وصف مأساتها وهي التي تعاني من مضاعفات إصابتها سابقًا ومن سجنها أيضًا.

ومع كل تفاصيل ما تعيشه إسراء الطويل، التي أتمنى أن تصل جميع المصريين بالشكل الصحيح وبالرواية الحقيقية وليس كما يروج النظام وأبواقه، هل من الطبيعي والمنطقي أن نلجم أقلامنا وحناجرنا عن الكتابة والصراخ من أجل انعتاق هذه الفتاة من براثين السجون والعذاب، بحجة أننا "غرباء"؟

اقرأ/ي أيضًا: 

الاختفاء القسري في مصر.. تنكيل السلطة بالطلاب

هيا بنا نكذب.. إسراء الطويل خطر على الأمن القومي