22-يوليو-2024
مسعود بزشكيان

الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان (رويترز)

بدأ التيار المحافظ في إيران حملة انتقادات لفريق مسعود بزشكيان الرئاسي، وذلك على إثر  تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف للتلفزيون الإيراني الرسمي، دعا فيها إلى ضرورة إشراك الأقليات في الحكومة الإيرانية، في إشارة إلى السنة.

واعتبر جواد ظريف أنّ الانتماء الشيعي ليس امتيازًا، مضيفًا: "بالعكس إذا كنت من أتباع مذاهب أخرى فسيسجلّ ذلك امتيازًا" للترشيحات في الحكومة، وذلك في إشارة إلى استدماج فريق بزشكيان لتشكيل الحكومة مبدأ التمييز الإيجابي للأقليات.

وكان بزشكيان قد عيّن ظريف رئيسًا للمجلس الاستشاري لاختيار أعضاء الحكومة الإيرانية، حيث يعكف هذا المجلس على وضع معايير اختيار الوزراء وفريق الرئاسة الإيرانية.

تشكيل حكومة غير تقليدية

يمكن القول إن تصريح جواد ظريف الخاص بإشراك الأقليات هو مؤشّرٌ جديد على هوية حكومة إيرانية بمعايير الإصلاحيين، فحتى الآن تمّ التشديد على ضرورة تمثيل الشباب في الحكومة بنسبة تزيد على 50%، كما جرى التشديد على ضرورة المرونة واستبعاد كل من قد يشكّل وجوده تشويشًا على مساعي إصلاح علاقات إيران الخارجية، وتحقيق هدف إلغاء العقوبات التي تقوّض فرص النهوض بالاقتصاد الإيراني منذ فرضها.

انخرط مسؤولون بارزون من التيار المحافظ في انتقاد فريق بزشكيان وتوجهاته على صعيد السياسة الداخلية والخارجية

ويعدّ هجوم المحافظين - في مجلس النواب ووسائل الإعلام المحسوبة على التيار المحافظ - على فريق بزشكيان لاختيار أعضاء الحكومة، مؤشرًا إضافيًا على حرص بزشكيان تشكيل حكومةٍ غير تقليدية.

تمييز إيجابي للأقليات

لفت جواد ظريف النظر إلى أهمية إدخال مبدأ التمييز الإيجابي في عملية اختيار الحكومة، مقترحًا أن يشمل ذلك الأقليات المذهبية (السنة) والقومية (الأكراد والبلوش) والشباب والنساء على حدٍّ سواء. لكن هذا التوجه أثار حفيظة التيار المحافظ وإصلاحيين قوميين، حيث اتهم المتشددون جواد ظريف بأنه في بلد شيعي، ومع ذلك: "يعتبر أن الانتماء إلى المذهب الشيعي أمر غير إيجابي".

وذهب المنتقدون لظريف أبعد من ذلك عندما اعتبروا أن إشراك الأقليات المذهبية والقومية: "يشكل خطرًا على الدولة، ويشي باتباع منهج المحاصصة في السلطة"، محذرين  من تداعيات هذا المنهج: "على الأمن القومي للبلاد".

ووصل ذلك ببعض التيار المحافظ إلى حدّ الهتاف في وجه ظريف أثناء مشاركته في شعيرة دينية، وانتشرت مقاطع من تلك الهتافات على نطاق واسع في شبكات التواصل الاجتماعي الإيرانية.

ويشار إلى أنّ بزشكيان طرح أثناء حملته الرئاسية جانبًا من مشاكل سنّة إيران، منتقدًا معاملتهم كمواطنين من درجة ثانية بعدم منحهم مناصب عليا في بلدهم، على غرار مناصب "رؤساء المحافظات والوزارات". وأدى ذلك إلى يتصدر بزشكيان نتائج الانتخابات في المحافظات التي تقطنها الغالبية السنية، مثل كردستان وسيستان وبلوشستان.

وتتضارب التقديرات بشأن أعداد السنة في إيران، بين من يرى أن نسبتهم تصل إلى 12% و15% و20%، والسبب في هذه التباينات غياب وجود إحصائيات رسمية بشأن أعداد السنة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي يبلغ تعداد سكانها 85 مليون نسمة. أمّا عن توزعهم الجغرافي، فيتوزع السنّة في العديد من المحافظات الإيرانية وفي كل اتجاهات إيران. وتعدّ أصواتهم حاسمةً في الانتخابات، إذا كانت نسبة أصوات المرشحين متقاربة وغالبًا ما تذهب  أصوات السنة نحو الإصلاحيين.

اتهامات من أوساط محافظة مختلفة

انخرط مسؤولون بارزون في انتقاد فريق بزشكيان وتوجهاته على صعيد السياسة الداخلية والخارجية. وفي هذا السياق، حذّر رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية البرلمانية النائب المحافظ إبراهيم عزيزي، في تصريحٍ لوكالة "فارس" المحافظة، من "تدخل" من وصفهم بالميالين للغرب، في إشارة إلى وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، داعيًا بزشكيان إلى منع: "تبلور تصوّر أن الحكومة المقبلة غير قادرة على اتخاذ القرار وأن هناك أشخاصًا محددين يقودون الحكومة"، معتبرًا أن: "هناك قناعةً بأن ظريف هو الذي يقرر للحكومة المقبلة"، وأكد البرلماني المحافظ على "ضرورة أن تكون هذه الحكومة مستقلةً".

بدورها، شنّت صحف محافظة، في مقدمتها صحيفة "كيهان"، هجومًا لاذعًا على الدائرة المحيطة بالرئيس الإيراني المنتخب وأعضاء مجلس اختيار الوزراء. حيث اعتبرت الصحيفة أن بزشكيان أصبح: "محاصرًا من حلقة، بعض أفرادها لديهم سجل مثل العمالة لأميركا وبريطانيا وإسرائيل خلال فتنة 88"، في إشارة إلى الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها إيران عام 2009 على خلفية رفض الإصلاحيين نتائج الانتخابات الرئاسية آنذاك، والتي أعلن فيها عن فوز الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد.

واعتبرت الصحيفة المحافظة أنّ بعض المقربين من بزشكيان: "من حماة العقوبات وأسباب الاحتقان والفشل المتعمدين في حكومة روحاني الأرستقراطية ومتهمين بالفساد"، وغيرها من الاتهامات. وتابعت الصحيفة أنه رغم إطلاق تحذيرات متعددة، لكن: "رئيس الجمهورية المنتخب بات محاطًا بأصحاب الفتنة وأشخاص لديهم موقف من الثورة الإسلامية" على حد وصفها.

وحمّلت الصحيفة ما وصفته بانقطاع بزشكيان عن الشارع، لمستشاريه أمثال ظريف ووزراء سابقين على غرار محمد جواد آذري جهري وعلي ربيعي وصالحي أميري، وكلهم من أعضاء مجلس اختيار الوزراء.

كما اعتبرت صحيفة "كيهان" أنّ عدم تهنئة أميركا وما أسمتها الترويكا الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا)، لبزشكيان بعد مرور أسبوعين على انتخابه، دليلٌ على  إصرار الغرب على نكث العهود وعلى الأعمال الشريرة، كما يعدّ مؤشرًا على مقاربة فريق بازشكيان القائلة: "بضرورة إعطاء الأولوية  لرفع العقوبات والانفتاح على العالم".

ولم تكتف صيحفة "كيهان" بذلك، بل أضافت إليه اتهام بعض أعضاء مجلس اختيار الوزراء بأن: "لديهم سجلًّا أمنيًا وإجراميًا وخيانيًا وتواطؤا مع أميركا وبريطانيا وإسرائيل في معاداة الشيعة"، على حد وصفها.

وشاركت في جوقة الاتهامات أيضًا صحيفة "همشهري" التابعة لبلدية طهران، والتي خاض رئيسها المحافظ علي رضا زاكاني الانتخابات الرئاسية، حيث انتقدت الصحيفة: "توجهات مجلس اختيار الوزراء الذي يترأسه ظريف"، بذريعة تعارضها مع "استراتيجيات" أعلن عنها الرئيس المنتخب، على حدّ زعمها.