انسجمت الدورة السابعة عشر من "أيام قرطاج المسرحية"، في تونس، مع الشعار الذي حملته "المسرح وحقوق الإنسان"، فأصدرت بيانًا يدعو إلى حماية المبدعين المعرّضين للمخاطر، في القارات الخمس، على أن يرفع إلى الحكومة التونسية، بعد أن يوقع عليه أكبر عدد من المثقفين والمؤسسات التي تعنى بالثقافة وحقوق الإنسان في العالم، لتحيله بدورها على "هيئة الأمم المتحدة" قصد العمل على تنفيذ توصياته.
أصدرت "أيام قرطاج المسرحية" بيانًا يدعو إلى حماية المبدعين المعرّضين للمخاطر
البيان الذي صاغ ديباجتَه الأولى الجامعيان حمّادي الرديسي والأسعد جمّوسي والحقوقية مريم بوسالمي، اعتبر الفن نشاطًا ضروريًا للإنسانية، "باعتباره يُمكّن الإنسان من تحقيق ما هو إنساني فيه، وهو قوة كاشفة من شأنها أن تغير نظرته إلى العالم. كما يعيد الفنُّ صياغة الحياة ويُذكي الروح الفردية، ويشارك في تأسيس الفرد لذاته ويهيئه للانفتاح على الآخر، ويحفز المخيال الاجتماعي ويطور العقليات الجماعية ويشجع على التنوع ويربّي على المواطنة".
اقرأ/ي أيضًا: عزمي بشارة مشخصًا حال الخيار الديمقراطي العربي
وذكّر البيان بأن الفنان، وفقًا لتعريف "اليونيسكو" هو من يساهم من خلال آدائه، في إنجاز أعمال فنية، ويعتبر أن عمله الفني عامل أساسي في حياته، بغض النظر عن ارتباطه أو عدم ارتباطه بعلاقة عمل أو أية علاقة تشاركية". مشيرًا إلى تعدّد الفنون وتنوع السياقات الفنية ووضعيات الفنانين في العالم، "بعضهم يتعرضون بشكل متزايد لأعمال غير مقبولة تطال سلامتهم الجسدية والمعنوية وتحرمهم من حقهم في حرية الإبداع، وتعيق تمتعهم بممارسة مهنتهم التي يقتاتون منها، خاصة في المناطق ذات الخطورة والصراعات المسلحة".
"وإيمانًا منا بأن ميثاق الأمم المتحدة حمّل الدول المسؤولية الأولى في ضمان الحقوق الأساسية للإنسان وكرامة وقيمة الذات البشرية والمساواة في الحقوق بين الرجال والنساء والحفاظ على السلم والأمن العالميين"، فقد دعا البيان إلى الاعتراف بحق كل شخص في المشاركة في الحياة الثقافية، والاستفادة من التقدم التكنولوجي وتطبيقاته، والتمتع بحماية الحقوق المعنوية والمادية المترتبة عن أي إنتاج علمي أو أدبي أو فني من إنتاجاته.
ويلاحظ البيان بانزعاج أن عمل المبدعين والأشخاص الذين يشاركونهم فيه، كثيرًا ما يعرضهم لمخاطر من نوع خاص على غرار أعمال الترهيب والعنف والاختطاف والتصرفات الوحشية، أثناء ممارستهم لعملهم، خاصة زمن النزاع المسلح، "وينسحب هذا أيضًا على المبدعين الذين هم في وضعية هشة وعرضة للمخاطر، بغض النظر عن طبيعة وجودة العمل الفني الذي ينتجونه، دون تمييز على أساس العرق أو اللون أو الدين أو الانتماء السياسي".
من هنا، خلص بيان قرطاج إلى أن كل نيل من حرية التعبير الفني أو إعاقة لتألق موهبة إبداعية إنما هو تفقير للعالم. كما أن ضمان الإبداع الفني وحماية المبدعين وتحسين وضعياتهم واحترام حقوقهم غير القابلة للتصرف، يساهم في الدفاع عن الحرية والعدالة والسلم في العالم، ذلك أن الفنانين يمثلون الضمير الحي للإنسانية.
رأى بيان قرطاج أن كل نيل من حرية التعبير الفني إنما هو تفقير للعالم
اقرأ/ي أيضًا: "الدولة ضد الأمة".. خراب العالم العربي
وأوصى بمنح المبدعين المضطهدين، الذين هم في وضعية هشة، وضعية دولية خاصة تسمح لهم بممارسة مهنتهم بحرية، وإحداث تأشيرة "فنان" تهدف إلى تيسير الإجراءات التي تتيح لهم المشاركة في مشاريع فنية متعددة الأطراف. والتماس المساعدة من الهيئات الدولية، خاصة اليونيسكو لتمكين المبدعين من وثائق سفر مستوحاة من جواز السفر الديبلوماسي ووثائق السفر الممنوحة للاجئين ولمن لا وطن لهم، مع توسيع الحماية الممنوحة لتشمل أسرهم والأشخاص الذين يتولّون الدفاع عنهم في بلدانهم.
اقرأ/ي أيضًا: