داهمت قوة أمنية بالأمس "مكتبة البلد" إحدى أبرز المكتبات الموجودة في شارع محمد محمود بمنطقة وسط القاهرة، التي تعد أيضًا مركزًا ثقافيًا صغيرًا وملتقى للكتاب الشباب والمثقفين ممن يبحثون عن مكان هادئ للقراءة، أو العمل، أو المناقشات الأدبية، أو حضور بعض الندوات التثقيفية في بعض الأحيان.
داهمت قوة أمنية "مكتبة البلد" إحدى أبرز المكتبات في شارع محمد محمود في وسط القاهرة
وتصف بعض الشهادات لـ"ألترا صوت"، القوة الأمنية التي ذهبت إلى مكتبة البلد أنها كانت "رفيعة المستوى" من قسم عابدين وبأعداد ورتب مختلفة، بينما في المواقف المشابهة قد تكتفي الجهة المختصة بإرسال شخص واحد أو أمين شرطة! وانتهى الأمر بغلق المكتبة ومصادرة بعض الكراسي والمنقولات، والتحفظ على الكتب.
اقرأ/ي أيضًا: إغلاق مكتبات "الكرامة" و"ألف".. موسم هتك الثقافة المصرية
هل قرار الغلق بسبب مواقف فريد زهران السياسية؟
علمنا من مصادرنا أن مباحث المصنفات زارت "مكتبة البلد" منذ ما يقرب من الأسبوعين، وطالبت المكتبة "بالترقيم الدولي في الفواتير"، وحسب تصريحات المصدر، فإن الترقيم الدولي خاص بدار النشر وليس بمكتبات التوزيع، لتأتي قوة أمنية مرة أخرى بالأمس بقرار لغلق المكتبة والتحفظ على محتوياتها.
من المعروف أن "مكتبة البلد" و"دار المحروسة" للنشر مملوكتان للسياسي اليساري فريد زهران الذي اشتهر بالعديد من المواقف السياسية المعارضة لسياسات الدولة، ومشاركته في الفعاليات الثورية، بداية من الحركة الطلابية في السبعينات وانتفاضة الخبز في عهد أنور السادات، أو نشاطه السياسي ما قبل ثورة يناير 2011. كما أن تاريخ فريد زهران في العمل السياسي والصحفي لا يحمل أي توافق أو تقارب مع السلطات الحاكمة، مما يشير إلى دوافع وأسباب سياسية وراء قرار الغلق.
وقال عادل المصري، رئيس "اتحاد الناشرين العرب" في تصريحات لجريدة "الدستور": "إن الإغلاق ليس بسبب حرية النشر أو المصنفات، بل بسبب تصريح الفتح أصلًا، لأن أي محل لا بد أن يمتلك رخصة حتى لو كانت مكتبة، ولا بد الآن القيام بالإجراءات اللازمة لإصدار تراخيص".
وعلّق وائل الملا، المالك والمدير المسؤول عن "مكتبة أطياف" و"دار مصر العربية للنشر والتوزيع" في تصريح لـ"ألترا صوت": "أن المكتبات لا يلزمها أي تصريح من الحي، على حسب معلوماتي، وإنما السجل التجاري والبطاقة الضريبية يكفيان لممارسة النشاط".
غلق مكتبة تنمية ومصادرة كتاب "الملاك"
لم تكن "مكتبة البلد" هي الأولى التي تتعرض للغلق أو مصادرة الكتب، فمن بضع أيام ذهبت قوة أمنية إلى "مكتبة تنمية" بشارع هدى شعراوي بوسط القاهرة، وقاموا بمصادرة كتاب "الملاك: الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل"، وأغلقوا المكتبة في حينها ثم عادت للعمل من جديد وتم التحقيق الشفهي مع خالد لطفي، مالك المكتبة.
نُشر كتاب الملاك لمؤلفه أستاذ العلوم السياسية بجامعة حيفا، وضابط الاستخبارات الإسرائيلية السابق يوري بار-جوزيف بلغته الأصلية في آب/أغسطس العام الماضي، وقامت "الدار العربية للعلوم" بترجمته ونُشر باللغة العربية في "مكتبة تنمية"، ويتناول الكتاب قصة الجاسوس المصري الأشهر أشرف مروان، صهر الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر، ويتطرق إلى قصص وأسرار جديدة من حياة أشرف مروان، وكيف باع خدماته وتعاون مع الموساد الإسرائيلي ومع المخابرات السعودية في الوقت ذاته.
يذكر الكتاب أن لأشرف مروان دورًا بارزًا وكبيرًا فيما أسماه "إنقاذ إسرائيل من مصير أسوأ" فمروان كان مقربًا من السادات، وعلى علم بكل الخطوات الجدية التي تسعي لها مصر، ونبّه إسرائيل عن نوايا مصر في خوض الحرب، بل أبلغهم بالموعد بالفعل الموافق لعيد الغفران بإسرائيل، وحسب الكتاب لولا هذه المعلومات لتعرضت إسرائيل لكارثة أكبر ولخسرت حتى هضبة الجولان، وتختلف تلك الرواية عن الرواية المصرية التي تذكر أن أشرف مروان كان وطنيًا وعميلاً مزدوجًا استخدمه السادات لتمرير معلومات مغلوطة.
اقرأ/ي أيضًا: منع مقهى أدبي يحرّك الشارع في الجزائر
وبسؤال وائل الملا، مدير "دار مصر العربية" عن الرقابة على الكتب، ذكر "من المفترض أنه لا يوجد ما يُسمى بالرقابة على الكتب، ليس أكثر من الحصول على رقم إيداع ثم يصبح الكتاب جاهزًا للنشر".
إلا أن هذه التصريحات بالتأكيد تتعارض مع الوضع الفعلي القائم من مصادرة للكتب ولأعداد الجرائد وغلق للمكتبات وغلق للمواقع الصحفية، بل حتى محاكمة وحبس بعض الكتاب والروائيين في مصر بسبب كتاباتهم.
اقرأ/ي أيضًا: