فرضت السلطات الإيرانية خلال الأيام الماضية قيودًا واسعة على الوصول إلى خدمات الإنترنت في البلاد، وذلك في محاولة للسيطرة على تمدد رقعة الاحتجاجات الغاضبة التي اندلعت منتصف الشهر الجاري، عقب إعلان وفاة مهسا أميني (22 عامًا) التي تم توقيفها من طرف شرطة الآداب بسبب "لباسها غير المحتشم".
فرضت السلطات الإيرانية قيودًا على الوصول إلى خدمات الإنترنت لقمع التحركات الاحتجاجية
إزاء ذلك أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية توجيهات لتوسيع نطاق خدمات الإنترنت التي يمكن أن تكون متاحة للإيرانيين، على الرغم من العقوبات الأمريكية على البلاد، لمواجهة القيود الإيرانية على الوصول إلى خدمات الإنترنت وبعض تطبيقات التواصل الاجتماعي، ولاسيما تطبيق إنستغرام الذي يحظى بشهرة واسعة بين الإيرانيين.
وقد قال مسؤولون أمريكيون إن من شأن هذه الخطوة مساعدة الإيرانيين بشكل جزئي في الوصول إلى الأدوات التي يمكن استخدامها لتجاوز رقابة أجهزة الدولة، مؤكدين في الوقت ذاته أنها لن تمنع طهران من استغلال تقنيات الاتصال لقمع الاحتجاجات، ولو كان ذلك عبر حجب الإنترنت بالكامل، كما حصل يوم الأربعاء الماضي.
وقال نائب وزير الخزانة الأمريكي والي أدييمو: "في ظل خروج الإيرانيين إلى الشوارع للاحتجاج على مقتل مهسا أميني، فإن الولايات المتحدة ستضاعف دعمها للتدفق الحر للمعلومات إلى الشعب الإيراني". وأشار أدييمو إلى أن هذه التغييرات ستساعد الشعب الإيراني على أن يكون أفضل استعدادًا لمواجهة إجراءات الرقابة والقمع التي تنتهجها الحكومة، كما أكد أن واشنطن ستواصل إصدار التوجيهات في هذا الشأن خلال الأسابيع المقبلة.
وقد عم الغضب العام عدة مناطق في إيران خلال الأيام الماضية بعد مقتل شابة عشرينية تدعي مهسا أميني الأسبوع الماضي، بعد أن اعتقلتها شرطة "الآداب" بسبب عدم التزامها بتغطية شعرها، حيث أضرم محتجون النيران في مراكز ومركبات للشرطة، فيما أفادت تقارير ومقاطع مصورة وقوع اعتداءات على المتظاهرين وحصول اعتقالات واسعة، واستمرار انقطاع خدمات الإنترنت.
كما أصدر الجيش الإيراني بيانًا يندد ما وصفه بأعمال الشغب والفتنة والإخلال بالأمن، وأكد أنه سيتصدى إلى "المؤامرات التي ينسجها العدو". كما واعتبر بيان الجيش الاحتجاجات الشعبية "أعمالًا مشينة ومخزية"، واتهم أطرافًا خارجية بالعمل على تأجيجها من أجل "النيل من الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومكانة الشعب الإيراني وتماسكه".
وكانت مجموعة مراقبة الإنترنت "NetBlocks" قد أفادت يوم الخميس الماضي إنه قد تم تسجيل تعطل جديد للإنترنت عبر الهاتف المحمول في إيران، حيث يتم تقييد الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي وبعض أشكال المحتوى، كما أفادت المجموعة بحصول انقطاع "شبه كامل" في الاتصال بالإنترنت في محافظة كردستان الإيرانية، التي شهدت وضواحيها الموجة الأعنف من الاحتجاجات خلال الأيام الماضية. كما أفادت المؤسسة حجب عدد من خدمات التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت، وكان آخرها تطبيق "سكايب".
وقد جاء قرار وزارة الخزانة الأمريكية للمساعدة في وصول الإيرانيين للوصول بشكل ميسر لمنصات التواصل الاجتماعي وتطبيقات الفيديو، وتوسيع القدرة على الوصول إلى الخدمات السحابية وتفعيل الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN)، والتي توفر للمستخدمين آلية لإخفاء هوياتهم عبر الإنترنت، إضافة إلى تفعيل أدوات أخرى لمكافحة المراقبة وتجاوز الحظر، بحسب ما أوضح مسؤول في الخزانة لصحيفة الغارديان البريطانية.
من جهته، قال الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، والرئيس التنفيذي لشركة تيسلا وشركة "سبيس أكس"، إن شركته ستعمل على تفعيل إمكانية الوصول إلى شبكة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية في إيران، وذلك استجابة للخطوات التي أعلنت عنها وزارتا الخزانة والخارجية الأمريكيتين، ولاسيما بعد نشر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن تغريدة حول أهمية حرية الإنترنت وتدفق المعلومات للإيرانيين.
وقال ماسك في وقت سابق إن شركته ستقدم خدمات "ستارلينك" للإيرانيين، وستطلب استثناء من العقوبات للقيام بذلك، في حين قال مسؤولون في الخزانة الأمريكية إن التعليمات التجارية الناظمة لعمل "ستارلينك" تستلزم تقديم أذونات خاصة قبل تزويد الخدمة في إيران.