في الـ12 من شهر ربيع الأول الهجري، يحتفل المصريون كغيرهم من شعوب العالم الإسلامي، بالمولد النبوي. غير أن للاحتفالات في مصر طابعها الخاص، المتوارث جيلًا بعد جيل منذ مئات السنين.
تحضر في احتفالات المولد النبوي خصوصية مصرية، تعود بالزمن لأحقاب زمنية خلت، كثير منها يعود للدولة الفاطمية
وتحضر في الاحتفالات خصوصية مصرية، تعود بالزمن لأحقاب زمنية مضت، كثير منها يعود للدولة الفاطمية التي في ظلها ظهرت كثير من العادات الاحتفالية المتعلقة بالموالد عمومًا، والمولد النبوي خصوصًا.
اقرأ/ي أيضًا: حلوى المولد النبوي في مصر.. "خليها ذكرى"
حلاوة زمان.. عروسة حصان
قبيل المولد تتزين الشوارع، وتعرض المحال حلوى المولد النبوي التي تعد جزءًا أصيلًا من التراث المصري. وتتعدد أنواع حلوى المولد، أشهرها العروسة والحصان وغيرهما من الأشكال المصنوعة من السكر، والتي دأب المصريون على التهادي بها. والعروسة والحصان، غنى لها المطرب محمد قنديل أغنيته الشهيرة "حلاوة زمان عروسة حصان".
ومن حلوى المولد كذلك: السمسمية والحمصية والفولية والفسدقية واللوزية و"النوغا" والملبن. وهي الأكثر انتشارًا من بين عشرات أنواع حلوى المولد، وتباع بأسعار مختلفة في محال الحلوى، بحسب جودتها، وبحسب المسكرات المصنوعة منها، فتجد أن الفسدقية واللوزية أغلاهم ثمنًا.
وتتفاوت أسعار كيلو حلوى المولد النبوي، بدايةً من 20 جنيهًا، وتصل في بعض المحال الفاخرة إلى 500 جنيه أي حوالي أي أكثر من 30 دولار أمريكي.
وتنتشر معامل ومصانع حلوى المولد في مصر، وإن كانت بعض المناطق تشتهر عن سواها بكثرة مصانع الحلوى بها، وبحلوى المولد عمومًا، مثل بعض مصر القديمة والسيدة زينب بالقاهرة، ومدينة طنطا في دلتا مصر.
الابتهال والإنشاد الديني
إلى جانب طقس حلوى المولد، يستقبل المصريون المولد النبوي بالابتهالات والأناشيد الدينية. وعادة ما تحيي الطرق الصوفية ليلة المولد في ساحاتها أو ساحات مقامات الأولياء في مناطقها.
لكن العاصمة القاهرة، تشهد أكبر الاحتفالات بالمولد النبوي، في ليلة يحييها مداحون على رأسهم الشيخ ياسين التهامي، إلى جوار مسجد ومقام الحسين.
ويقصد المئات الاحتفال في الحسين، بعضهم يأتي خصيصًا من محافظات أخرى لحضور إحياء ليلة المولد بالذكر وترديد المديح مع المداحين.
وفي مقابل حالة الاحتفاء العامة بإحياء ذكرى مولد النبي محمد، تعارض بعض التيارات الدينية، على رأسها التيار السلفي، مظاهر الاحتفال. وفي سنوات خلت، كانت معارضة التيار السلفي تصل لحد الاعتداء على الاحتفالات بهدم سرادقاتها.
على الأصل فتّش
تحيل بعض المصادر التاريخية الاحتفال بالمولد النبوي إلى القرون الأولى في الإسلام. بينما تؤكد مصادر تاريخية إلى أن أغلب مظاهر وطقوس الاحتفال، في مصر خاصة، تعود للدولة الفاطمية في القرن الـ10 الهجري.
وبالجملة، أولى الفاطميون اهتمامًا خاصًا بطقوس الاحتفالات الدينية، فظهرت في عهد دولتهم العديد من الأكلات والحلوى المستمرة لليوم، بالإضافة إلى مظاهر أخرى رمزيةً في الاحتفالات، تبنتها الدولة الفاطمية، ولاقت قبولًا بين المصريين إلى يومنا هذا.
تؤكد مصادر تاريخية إلى أن أغلب مظاهر وطقوس الاحتفال بالمولد النبوي، في مصر خاصة، تعود للدولة الفاطمية في القرن الـ10 الهجري
وعلى مدار قرون طويلة، تبدل الأشخاص والدول، وبقي الاحتفال بالمولد النبوي مناسبة شعبية ورسمية مستقرة في مصر، تنطلق من الديني إلى الاجتماعي بكل أبعاده.
اقرأ/ي أيضًا:
بالصور من ساحة المولد النبوي.. مشاحنة دراويش السودان ورقصهم الأخضر!
"عصيدة الزقوقو".. موجة مقاطعة لأشهر تقليد تونسي في المولد النبوي