01-يونيو-2019

سقطت ملابس العيد الجديدة من حسابات أكثر اليمنيين هذا العام بسبب غلاء الأسعار (الترا صوت)

يكابد المواطن اليمني مشقات الحياة التي حرمته أبسط مقومات العيش الكريمة، ويحارب من أجل تأمين الطعام والمسكن، وسط زخات الرصاص وضجيج القصف الجوي، وفي ظل أوضاع إنسانية واقتصادية متردية، وفي المجمل مأساة وصفت بأنها الأسوأ في العالم.

مع اقتراب عيد الفطر تزداد الأسعار اشتعالًا في اليمن، وقد ارتفعت أسعار الملابس بنحو 80% عن العام الماضي

مع اقتراب عيد الفطر تزداد الأسعار اشتعالًا في البلاد، ويومًا بعد آخر، بات اليمنيون عاجزون عن توفير الطعام، فضلًا عن توفيركساء العيد في بلد يعيش ثلث سكانه على وجبة واحدة يوميًا، بحسب الأمم المتحدة.

اقرأ/ي أيضًا: "#وين_الفلوس".. أين ذهبت 20 مليار دولار من المساعدات الإنسانية لليمنيين؟

ومن العادات التقليدية في عيد الفطر، شراء الملابس الجديدة، إذ يعد موسمًا لذلك، حتى أن بعض الأسر في اليمن لا تشتري الملابس الجديدة إلا في الأعياد، وتحديدًا عيد الفطر، بسبب صعوبة الأوضاع الاقتصادية. لكن هذا العام قد يختلف الوضع، إذ ارتفعت أسعار الملابس بنحو 80% عن العام الماضي.

يقول فؤاد عبدالواحد: "كنت أكسي جميع أفراد أسرتي بـ30 ألف ريال (نحو 120 دولار)"، لكن اليوم بعد أكثر أربع سنوات من الحرب، لا يكفي 200 ألف ريال (800 دولار) لشراء ملابس لأفراد أسرته.

ملابس العيد
ارتفعت أسعار الملابس في اليمن هذا العام بنسبة 80% (الترا صوت)

يوضح فؤاد أن البنطال الذي كان بـ1500 ريال، وصل سعره لـ7500 ريال. ووفقًا له، ارتفعت أسعار الملابس وقلت جودتها، بسبب الحصار المفروض على اليمن، وصعوبة وصول بضائع للبلاد.

أما سماح نبيل، والتي تعمل في تطريز الأقمشة من منزلها، فقد فوجئت بأنّ ما ادخرته هذا العام لشراء ملابس العيد لها ولإخوتها، لا يكفي لتغطية احتياجات واحد منهم. "أجرتي تغطي احتياجاتنا، وكل عام أوفر ما يكفي لشراء الملابس الجديدة في العيد. لكن هذا العام كان الوضع مختلفًا".

يعمل علي الحداد حارسًا في سوق شميلة بصنعاء، ونهاية شهر رمضان ينتظر أطفاله عودة والدهم بالملابس الجديدة، ومكسرات وحلوى العيد.

لكنه كما قال لـ"الترا صوت"، سيعود هذا العام فارغ اليدين، فما يتقاضاه لا يكفي لتلبية احتياجات اعتاد عليها أطفاله، حتى أنه يفكر بألا يعود لقريته هذا العيد، كي "لا أكسر بخاطر الأولاد"، كما قال.

ملاذ أسواق الملابس القديمة وبنك الكساء

تُعد أسواق الملابس القديمة المعروفة بـ"الحراج"، ملاذ للكثير من اليمنيين بعد عجزهم عن شراء الجديد. وتنتشر أسواق الحراج في كل المحافظات اليمنية. ورغم أنها تبيع ملابس قديمة ومستعملة، إلا أنها هذا العام أيضًا ارتفعت أسعارها بدرجة كبيرة، لأن معظمها وارد من خارج البلاد.

الحراج
"الحراج" أو أسواق الملابس المستعملة، ملاذٌ لغير القادرين في اليمن (الترا صوت)

محمد حسين، مزارع في منطقة حراز شمال العاصمة صنعاء، يقول: "في شهر رمضان من كل عام وبعد بيعي للمحصول الزراعي من البن، وقبض المال، أتوجه لمحل في المدينة أتعامل معه سنويًا، لشراء ملابس العيد لأولادي الخمسة. لكن الأسعار الجنونية جعلتني أتوجه لسوق الحراج لتغطية احتاياجاتهم، ولم أستطع شراء الملابس كاملة، بسبب ارتفاع أسعارها".

من جهة أخرى، أسس مجموعة من الشباب مشروعًا يهدف إلى توفير الكساء لغير القادرين، عن طريق تجميع الملابس المستعملة من متطوعين داخل اليمن أو حتى خارجها، لتوفيرها للأسر الفقيرة أو غير القادرة على شراء الملابس الجديدة، بعد تنظيفها وكيّها، وعرضها في مجمع خيري داخل صالات مغلقة بالعاصمة صنعاء والعديد من المحافظات الأخرى.

بنك الكساء اليمني
أحد معارض بنك الكساء اليمني (الترا صوت)

ويهدف مشروع "كالبنيان" الذي أطلقته مؤسسة بنك الكساء اليمني قبل عام، إلى توفير الملابس لخمسة آلاف أسرة محتاجة. ووفقًا لعمار سلطان، مسؤول الإعلام في مؤسسة بنك الكساء اليمني، فقد بلغ عدد المتطوعين في مشروع "كالبنيان" حتى الآن إلى أكثر من ألفي متطوع ومتطوعة.

"العيد عيد العافية"

يتداول اليمنيون عبارة "العيد عيد العافية"، للترويح عن أنفسهم في ظل كل صعوبات الحياة التي يواجهونها. "العافية أغلى ما أملكه. إذا جاء العيد وأنا بخير فهذا يكفي"، يقول عبدالله سعيد.

تُعد أسواق الملابس القديمة المنتشرة في مختلف المحافظات، والمعروفة بـ"الحراج"، ملاذ للكثير من اليمنيين بعد عجزهم عن شراء الجديد للعيد

ويبدو ما قاله سعيد منطقيًا بدرجة كبيرة، في ظل أن ملايين من سكان البلاد يعانون سوء التغذية والأمراض الوبائية وعدم القدرة على الحصول على مياه صالحة للشرب، فضلًا عن الموت برصاص الحرب الذي قد يهدد حياتهم في أي وقت. في ظل مأساة كاملة، يُصبح القدرة على الحياة مطلبًا في حد ذاته!

 

اقرأ/ي أيضًا:

اليمنيون يواجهون أسراب الجراد بالتهامها!

المهاجرون الأفارقة في اليمن.. رحلة القهر من الجوع إلى الجوع