تشهد مصر أسوأ ظرف اقتصادي تعرضت له في تاريخها الحديث، وأكبر نسبة تراجع لأعداد السائحين وشبه انهيار لقطاع السياحة أحد أهم مصادر العملة الأجنبية، بداية من حادثة قصف الوفد المكسيكي بالخطأ في منطقة الواحات قبل قرابة عامين، مرورًا بسقوط الطائرة الروسية إثر انفجار قنبلة مرت عبر ثغرة أمنية من مطار شرم الشيخ، نهايةً بفضيحة قتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني.
تعرف مصر ظرفًا اقتصاديًا سيئًا، وأكبر نسبة تراجع لأعداد السائحين وشبه انهيار لقطاع السياحة أحد أهم مصادر العملة الأجنبية
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فحسب، فنشهد خلال هذه الأيام حادثًا جديدًا يشوبه الغموض والتعتيم الإعلامي، مشهد ضبابي ومعلومات ضعيفة حول سائحة بولندية قيل إنها انتحرت أو قُتلت بعد تعرضها للاغتصاب في مصر منذ أيام قليلة.
اقرأ/ي أيضًا: كارثة.. مخطط جهنمي لاغتيال "كورنيش الإسكندرية"
السيناريوهات المحتملة
الفتاة الضحية تُدعى ماجدولينا زاك، فتاة بولندية تبلغ من العمر 27 عامًا. تبدأ القصة عندما قررت ماجدولينا قضاء إجازة مع صديقها في مصر قبل أن تسافر وحدها نظرًا لانتهاء صلاحية جواز السفر الخاص بصديقها، حسبما قيل.
لم يمر على وجودها في محافظة البحر الأحمر إلا أيام قليلة قبل أن تُنقل إلى المستشفى بين الحياة والموت لتلفظ أنفاسها الأخيرة هناك، بالتحديد في يوم 30 من شهر نيسان/ أبريل الماضي، ولوحظ وجود آثار اعتداء على جسد ماجدولينا، وقيل إن سبب الوفاة هو سقوطها من ارتفاع عال.
وقعت الحادثة وسط تعتيم إعلامي وتجاهل تام في مصر، قبل أن تتولى وسائل التواصل الاجتماعي مهمة النشر والتعريف. كذلك تحدثت وسائل الإعلام البولندي عن ماجدولين زاك مشيرة إلى وجود أصابع اتهام نحو اعتداء جنسي طال المذكورة سبّب لها حالة نفسية سيئة دفعتها نحو إنهاء حياتها.
راسلت ماجدولينا زاك عائلتها وأصدقاءها قبل أيام من وفاتها وأبلغتهم أنها ليست بخير، كما أرسلت لهم صورًا تظهر كم كانت تعاني، واستخدمت عائلتها تلك الصور كدليل على وجود إيذاء جسدي واعتداء طال ابنتهم، الأمر الذي دفعها للانتحار أو ربما تعرضت للقتل بعدما اعتدي عليها.
اقرأ/ي أيضًا: من يجهض السياحة في الجزائر؟
يتكتم الإعلام المصري حول سائحة بولندية قيل إنها انتحرت أو قُتلت بعد تعرضها للاغتصاب في مصر منذ أيام قليلة رغم خطورة الحادثة
كذلك يوجد فيديو مُسجل لها وهي تحادث صديقها ويبدو عليها الخوف والرعب الشديد وسط مضايقات من ذكور مصريين يُمكن سماع أصواتهم خلال الفيديو المُسجل بمضايقات لفظية وتلميحات جنسية وقحة تطال الفتاة وصديقها.
هناك زاويتان أساسيتان للقصة لا يمكن التأكد من صحة أي منهما ولكن يمكن ترجيح أحدهما. الزاوية الأولى هي أن الفتاة كانت تعاني من اكتئاب شديد قبل مجيئها إلى مصر ثم تعرضت لانتكاسة وخرجت الأمور عن السيطرة لتقرر في الأخير إنهاء حياتها بإلقاء جسدها من مبنى عالِ، وهي القصة التي تدعمها وكالة السفر والفندق التي كانت تقيم به الفتاة.
أما الزاوية الأخرى، وهي الأكثر منطقية ووجاهة، نظرًا للدلائل السابقة التي ذكرناها والمرتبطة بمراسلات الفتاة لصديقها ومحاولات التحرش بها من شباب مصريين، وكذلك آثار الاعتداءات على جسدها، فتشير القصة إلى تعرض الفتاة إلى اعتداء جنسي تبعه محاولة للتخلص منها بإلقائها من أعلى البناية، أو تعرضها لاكتئاب شديد بسبب اغتصابها ولم تستطع مواجهة الأمر وتجاوزه لتقرر بمحض إرادتها إنهاء حياتها.
هل توجد أوامر أمنية بتجاهل الحادثة؟
لا يمكن التأكد بالدليل القاطع من وجود أوامر أمنية مباشرة لوسائل الإعلام لتجاهل الحادث، إلا أن التعتيم الشديد مصريًا يثير التساؤل والشكوك، خاصة أن مثل هذا الحادث جدير بإنهاء ما تبقى من محاولات لإنعاش قطاع السياحة، بالإضافة للتأكيد على الفشل الأمني في حماية السائحين مما يضع مصر في مرتبة الدول غير الآمنة مرة أخرى.
تورطت قوات الأمن المصري من قبل في قصف وفد مكسيكي عن طريق الخطأ، ثم تورطت ثانية في تعنت أمني ضد الطالب الإيطالي جوليو ريجيني أدى لقتله، وظهر الفشل الأمني بوضوح في حادثة الطائرة الروسية وتمرير قنبلة عبر ثغرة أمنية بمطار شرم الشيخ، وها هو الفشل الأمني يتأكد من جديد في حماية السائحين، فإما يتورط الأمن بشكل مباشر في قتل سائحين أو لا يستطيع حمايتهم من الأخطار المحيطة، وفي النهاية كما ذكرنا لا يمكن التأكد من صحة الروايات المتداولة إلا بعد أن ننتظر نتيجة التحقيقات.
اقرأ/ي أيضًا: