أعلن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، في التاسع من أيار/مايو الجاري عن نتائج المؤشر العربي 2017/ 2018 والذي تم إجراؤه في 11 بلدًا عربيًا، هي موريتانيا، والمغرب، وتونس، ومصر، والسودان، وفلسطين، ولبنان، والعراق، والسعودية، والكويت، والأردن.
أظهرت نتائج استطلاع المؤشر العربي في الأردن، سيطرة الهاجس الاقتصادي ضمن المجتمع الأردني
وقد شارك في استبيانات المؤشر العربي 18830 مستجيبًا ومستجيبة، وأسهم في تنفيذ الاستطلاع 865 باحثًا وباحثة، مما يجعله أضخم مسح للرأي العام عربيًا.
اقرأ/ي أيضًا: المركز العربي يعلن نتائج استطلاع المؤشر العربي 2017/ 2018
وتولى تنفيذ استطلاعات المؤشر العربي في الأردن مركز الدراسات الاستراتيجية التابع للجامعة الأردنية وتم تنفيذه في الفترة بين 6 و25 آذار/مارس 2018.
وباستقراء نتائج الاستطلاعات التي تخص الأردن في المؤشر العربي يظهر بكل وضوح سيطرة الهاجس الاقتصادي على إجابات المستجوَبين في الدراسة، إذ يتجلى عبر إجاباتهم قلق واضح من استمرار تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد، والذي بدا أنّه يفسر العديد من الظواهر، مثل اندفاع بعض فئات المجتمع للالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية، ورغبة نسبة كبيرة من المستجوبين في الهجرة خارج البلاد.
متفقون على "الأمن والأمان"
عايش الأردنيون مؤخرًا حوادث سطو مسلح على البنوك في العاصمة الأردنية عمّان وغيرها من المحافظات، وشهدت البلاد تزايدًا غريبًا في حالات السطو على البنوك منذ مطلع العام الجاري، بالإضافة إلى عشرات حالات السطو المسلح على محال ومصالح مالية وتجارية.
وبالرغم من هذه الأوضاع التي تشي بحالة من الانفلات الأمني إلا أن إجابات الأردنيين بخصوص الوضع الأمني كانت إيجابية جدًا، إذ أفاد 44% من المشاركين في الاستطلاع أن مستوى الأمان في مناطق سكناهم جيد جدًا، بينما رأى 47% أنه جيد. في حين كانت نسبة الذين رأوا أن الوضع الأمني في مناطق سكنهم سيئ كان 7% من المستجوبين.
مشكلتنا في الاقتصاد
اعتمد المؤشر العربي معيارين لتقييم المستجوبين لأوضاع أسرهم الاقتصادية، ويتمثل الأول بسؤال عن وضع الأسرة الاقتصادي (جيد جدًا/جيد/سيئ/سيئ جدًا)، أما الثاني فكان حول كفاية الدخل لتلبية احتياجات الأسرة. وذكر 25% من المستجوبين في الأردن بأن الوضع الاقتصادي لأسرهم سيئ، في حين وصف 14% منهم الوضع بأنه سيئ جدًا. وقد أتت هذه النسب قريبة بشكل كبير من إجابات المشاركين في فلسطين "28% و11%" والعراق "28% و12%".
وبما أن المعيار الأول يُعد ذاتيًا إلى حد ما، وتتدخل فيه العديد من العوامل غير الموضوعية، فإن المعيار الثاني قد كان أكثر موضوعية، وذلك لاعتماده على مستوى تأمين دخل الأسر لنفقاتها واحتياجاتها الأساسية.
وعبر هذا المعيار تتضح حجم المشكلة الاقتصادية التي يعاني منها الأردنيون، والتي يعزوها كثيرون إلى فشل السياسات والبرامج الاقتصادية للحكومات المتعاقبة وتفشي الفساد ونهب المال العام، وعجز الموازنة، وضعف الإنتاج، وارتفاع الضرائب على الدخل والسلع الأساسية، في ظل تزايد في نسب البطالة، وصلت إلى حوالي 20%.
وقد ذكر تقريبًا نصف المستجيبين للاستطلاع من الأردنيين، أن دخولهم لا تغطي الاحتياجات، وأنهم لذلك يجدون صعوبة في تلبيتها. أما النصف الآخر تقريبًا (48% من المستجوبين)، فقد ذكروا أن دخولهم بالكاد تغطي الاحتياجات، وأنهم لا يستطيعون توفير شيء منها. وهذا يعني بكل وضوح أن نصف المستجوبين من الأردن في حالة "عوز"، في حين لم تتجاوز نسبة الذين قالوا إن دخولهم تكفيهم ويوفرون منها 4%.
فالأردن من الدول التي يعد الفساد من أكبر مصادر التهديد التي يستنزف اقتصادها ويشكل ضغطًا متزايدًا على المواطنين، ولعل أبرز قضايا الفساد التي ما تزال حديث الأردنيين حتى اليوم هي قضية شركة الفوسفات، والتي تقدر المبالغ التي تم اختلاسها في الشركة بحوالي 950 مليون دولار أمريكي، وتعد هذه القضية أكبر قضية فساد في تاريخ المملكة، ويقف وراءها وليد الكردي، زوج الأميرة بسمة بنت طلال، شقيقة الملك الراحل الحسين بن طلال.
يعد الأردن من البلدان التي يمثل الفساد فيها أكبر مصادر التهديد التي تستنزف اقتصادها، ويشكل ضغطًا متزاديًا على مواطنيها
وقد سلط الاستطلاع كذلك الضوء على السبل التي يتبعها المواطنون لسد تلك الحالة من العوز، وتبين أن أبرزها هي الاعتماد على الاستدانة من الأقرباء والأصدقاء، ثم الحصول على القروض من البنوك أو المؤسسات المالية. وقد ذكر 47% من المستجوبين في الأردن أنهم يلجؤون للاستدانة لتغطية النقص في احتياجاتهم، بينما يضطر 28% للجوء إلى القروض الرسمية من البنوك، مما يعني أن الأسر المحتاجة ستراوح حالها في ظل ضعف المعاشات وتزايد الضرائب وتراكم الديون.
اقرأ/ي أيضًا: مصر في المؤشر العربي.. فشل سرديات النظام
الأردنيون وحلم الهجرة
القلق من تردي الظروف الاقتصادية يدفع سكان المنطقة العربية، ولاسيما الشباب، إلى التفكير بخيار الهجرة، ويعد ذلك من المؤشرات ذات الدلالة التي كثيرًا ما تستدعى عند تقييم الأوضاع في البلاد العربية. وقد كان معدل المستجيبين للاستطلاع في البلدان العربية الذين عبروا عن رغبتهم في الهجرة هو 26%، مقابل 73% لا يرغبون في ذلك. أما المستجيبون في الأردن، فـ35% منهم يرغبون في الهجرة إلى الخارج، أي أعلى من المعدّل العربي بتسع نقاط.
ولم يغفل استبيان المؤشر العربي استكشاف الأسباب التي تقف وراء الرغبة في الهجرة. فقد وضع الاستبيان ستة أسباب ليختار منها المستجيبون للدراسة، وهي على الترتيب: تحسين الظروف الاقتصادية، عدم الاستقرار الأمني، أسباب سياسية، من أجل تعليم أفضل، الالتحاق بأحد أفراد العائلة، أسباب دينية). وقد ذكر 89% ممن يرغبون بالهجرة من المستجوبين في الأردن بأن الدافع هو تحسين الظروف الاقتصادية، و2% منهم وحسب ذكروا أن السبب هو عدم الاستقرار الأمني. أما المعدل في بقية البلدان العربية موضوع الاستبيان فبلغ 74% للظروف الاقتصادية و10 للاستقرار الأمني.
داعش والاقتصاد
اهتم استطلاع المؤشر العربي لهذا العام بتحليل اتجاهات الرأي العام العربي نحو تنظيم الدولة الإسلامية - داعش، والتي مثلت ظاهرة خطيرة في المنطقة العربية في السنوات الماضية، وبالتحديد منذ منتصف العام 2014.
ودرس المؤشر العربي نظرة المواطنين العرب إلى التنظيم، كما استطلع آراءهم حول الأسباب التي أدت إلى نشوئه والدوافع التي شجعت الناس على الالتحاق بصفوفه.
وفي حين تباينت آراء المستجيبين للاستطلاع بهذا الشأن، نرى أن نسبة كبيرة من المستجوبين الأردنيين (35%) يرون أن التحاق البعض بتنظيم داعش يعود إلى عوامل اقتصادية داخلية تتعلق بالفساد والبطالة، وفي ذلك رسالة خطيرة قد تفسر ارتفاع أعداد المقاتلين الأردنيين الذين التحقوا بالتنظيمات المتطرفة مثل داعش وجبهة النصرة، والذين يقدر عددهم بحوالي 2500 مقاتل.
تدل نتائج استطلاعات المؤشر العربي بالأردن، على ظروف بالغة الصعوبة يعيشها الأردنيون خاصة على المستوى الاقتصادي
وهكذا تدل نتائج استطلاع المؤشر العربي الخاصة بالأردن على ظروف بالغة الصعوبة تعيشها المملكة، ولاسيما على الصعيد الاقتصادي، والذي بدا واضحًا أن الأردنيين يعتبرونه تفسيرًا للعديد من القضايا السياسية والمجتمعية التي يعانون منها.
اقرأ/ي أيضًا:
الإنترنت ووسائل الإعلام في استطلاع المؤشر العربي.. التلفزيون أولًا!