تحدّث تقرير جديد نشرته وكالة "رويترز" للأنباء عن الأوضاع القاهرة للأطفال مبتوري الأطراف في قطاع غزة، في ظل العدوان الحالي، الذين يعانون الألم في ظل انعدام وسائل الرعاية التي يحتاجون إليها لإنقاذ عظامهم المقطوعة التي لا تزال في طور النمو.
التقرير الذي تشارك في كتابته كل من عرفات بربخ وماجي فيك وإيما فارج، قال إن القطاع يشهد ظهور جيل من الأطفال مبتوري الأطراف، في الوقت الذي تستمر فيه الغارات الإسرائيلية بتدمير المباني والأحياء السكنية.
ويقول الأطباء وعمّال الإغاثة إن النظام الطبي المنهار ليس في وضع ملائم لمنح الأطفال المتابعة والرعاية المعقدة التي يحتاجون إليها.
ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن 30% فقط من المسعفين هم من يعملون حاليًا بسبب عمليات القتل والاعتقال والتهجير التي يواظب جيش الاحتلال على القيام بها.
أكد العاملون في المستشفى الأوروبي في غزة أنه حتى مسكنات الألم التي تساعد أصحاب الأطراف المبتورة ممن يعانون من آلام مزمنة بدأت في الانخفاض
وتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن أكثر من 1000 طفل خضعوا لعمليات بتر الساقين، وأحيانًا أكثر من مرة، أو في الساقين معًا، مع نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، في حرب تقول السلطات الصحية في غزة إن ربع الإصابات فيها تقع بين الأطفال.
وبحسب الأطباء، إفإن سوء النظافة ونقص الأدوية يؤدي إلى المزيد من المضاعفات، وإلى عمليات بتر بسبب إصابات لا يكون بعضها قابلًا للنجاة.
وقال الدكتور كريس هوك: "العديد من الأطراف التي تم إنقاذها، على ما يبدو، ستتطلب البتر. والعديد من الأشخاص الذين بترت أطرافهم، والأطراف التي نعتقد أنه تم إنقاذها، قد يموت أصحابها بسبب العواقب طويلة المدى". وهوك هو طبيب بريطاني في طب الطوارئ يعمل لدى منظمة أطباء بلا حدود، وقد عاد من غزة في أواخر كانون الأول/ديسمبر.
كما أكد العاملون في المستشفى الأوروبي في غزة أنه حتى مسكنات الألم التي تساعد أصحاب الأطراف المبتورة ممن يعانون من آلام مزمنة بدأت في الانخفاض. وكان الذباب يحوم حول الجناح عندما زاره صحفي من "رويترز".
وكان مستشفى حمد، الذي تموّله قطر، هو المركز الرئيسي للأطراف الصناعية في القطاع، لكنه أُغلق منذ أسابيع بعد أن قصفه جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وبحسب الخبراء، فإن الأطفال الذين تعرضوا لعمليات بتر سيحتاجون إلى حوالي اثنتي عشرة عملية جراحية لأطرافهم عندما يصلون إلى مرحلة البلوغ، لأن العظام تستمر في النمو.
لكن القطاع يشهد، حتى قبل الحرب الحالية، نقصًا في جرّاحي الأوعية الدموية والتجميل، بحسب المسعفين. كما تقول السلطات الصحية هناك إن أكثر من 300 من العاملين في مجال الرعاية الصحية قتلوا.
وقال المتحدث باسم اليونيسف جيمس إلدر إنه رأى طفلًا بدأت ساقه اليسرى المصابة تتحلل لأنه كان عالقًا في حافلة لأكثر من ثلاثة أيام بسبب التأخير عند نقطة التفتيش العسكرية.
في حين أن السلطات الصحية في غزة ليس لديها إحصاء رسمي، إلا أن الأطباء وعمال الإغاثة يقولون إن رقم اليونيسف البالغ 1000 هو رقم دقيق للشهرين الأولين من الحرب، لكن من المرجح أنه تم تجاوزه بكثير منذ ذلك الحين، مما يجعل معدلات بتر الأطراف في غزة مرتفعة بشكل غير عادي مقارنة بالصراعات والكوارث الأخرى في العالم.
في أوكرانيا، حيث ضربت الصواريخ أيضًا أبراجًا سكنية خلال الغزو الروسي، هناك 30 حالة معروفة لأطفال مبتوري الأطراف.
وأفاد الجراح البريطاني الفلسطيني، غسان أبو ستة، أنه أجرى ست عمليات بتر في غزة في ليلة واحدة. وفي إحدى المرات، اضطر إلى إعادة فتح فخذ طفل بعد البتر لتنظيف القيح.
وقالت رئيسة "اللجنة الدولية للصليب الأحمر"، ميريانا سبولجاريك، إنها لا تستطيع أن تنسى صور الأطفال، ومعظمهم من الأيتام، وقد بترت أطرافهم في عنابر المستشفى بعد زيارتها لغزة في كانون الأول/ديسمبر. "علاوة على الجروح التي تراها ونقص مسكنات الألم، فإنهم يرقدون هناك ولا يأتي أحد لرؤيتهم".
وفي بعض الحالات، كما هو الحال مع اليتيمة ريتاج، ذات الـ10 سنوات، كان لا بد من إعادة بتر ساقها اليمنى من أعلى إلى تحت الركبة مباشرة بعد إصابتها بالعدوى، وفقًا لما ذكرته عاملة الإغاثة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) جيما كونيل.
وظهرت ريتاج في صورة لها وهي جالسة على كرسي متحرك على أرضية مستشفى قذرة، وجذعها يبرز في الهواء. قال كونيل: "أعتقد أن ما رأيته سيكسر قلب أي شخص".