03-سبتمبر-2024
الجبهة الثانية

دورية لجيش الاحتلال قرب الخليل بالضفة المحتلة (رويترز)

نقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين أن اجتياح قوات الاحتلال لمحافظة جنين، شمال الضفة الغربية المحتلة، المتواصل منذ الأربعاء الماضي، ليس "سوى البداية"، مشيرةً إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يصنف الضفة الغربية باعتبارها "الجبهة الثانية الأكثر أهمية مباشرة بعد قطاع غزة"، وفقًا لوكالة "الأناضول" التركية.

وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد بدأ اجتياحًا واسعًا لمدن مختلفة في شمال الضفة الغربية المحتلة، الأربعاء الماضي، ما أسفر عن سقوط 30 شهيدًا، وإصابة أكثر 130 آخرين برصاص قوات الاحتلال، وفقًا لإحصائيات وزارة الصحة الفلسطينية، اليوم الثلاثاء.

الجبهة الثانية الأكثر أهمية بعد غزة

الصحيفة العبرية قالت إن: "الأحداث الأخيرة أدت إلى تحول سياسي كبير في نهج إسرائيل اتجاه الضفة الغربية، فبعد أن تم تصنيفها منذ بداية الحرب باعتبارها ساحة ثانوية، فإن الهجمات الأخيرة أقنعت كبار المسؤولين بأن هذا الموقف لم يعد قابلًا للاستمرار".

جيش الاحتلال "يعمل الآن وفقًا لنهج جديد، حيث تنظر إلى الضفة الغربية باعتبارها الجبهة الثانية الأكثر أهمية، مباشرة بعد غزة"

وأوضحت "يسرائيل هيوم" أن جيش الاحتلال "يعمل الآن وفقًا لنهج جديد، حيث تنظر إلى الضفة الغربية باعتبارها الجبهة الثانية الأكثر أهمية، مباشرة بعد غزة"، وتابعت مستدركة "في حين أن هذا التوجيه لا يزال في مراحله الأولية، حيث من المتوقع أن تستغرق التغييرات الجوهرية على الأرض وقتًا، فإن سلسلة من العمليات في جميع أنحاء الضفة الغربية باتت وشيكة".

ونقلت الصحيفة العبرية عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين، لم تسمهم، أن "(اجتياح) عملية جنين (المتواصلة منذ الأربعاء الماضي) ليست سوى البداية"، مشيرةً إلى أنه في "أواخر آب/أغسطس الماضي بدأت عملية المخيمات الصيفية شمال الضفة الغربية، وهي العملية الأكثر شمولًا التي تنفذها قوات الجيش منذ عملية السور الواقي عام 2002".

وأضافت: "تنتشر حاليًا فرقتان قتاليتان في مخيم جنين للاجئين وطولكرم، ومن المقرر أن تستمر العملية في المستقبل المنظور"، وادعت الصحيفة العبرية أن العمليات التي استهدفت المستوطنات الإسرائيلية جنوب الضفة المحتلة "تؤكد الحاجة إلى اتخاذ إجراءات شاملة في مختلف أنحاء الضفة".

وذكرت "يسرائيل هيوم" أنه "في غضون 48 ساعة فقط، تحولت الضفة الغربية من برميل بارود إلى منطقة على شفا الانفجار"، مشيرةً إلى أن "المؤسسة الأمنية تواجه معضلة خاصة في منطقة الخليل، التي كانت منبعًا لهجومين خطيرين في الآونة الأخيرة".

وقالت الصحيفة العبرية: "في حين أن هناك اتفاقًا بالإجماع على الحاجة لتفكيك حماس بالضفة الغربية، فإن المسؤولين يحذرون من التسبب في عواقب غير مقصودة"، مضيفة أن "العملية ثقيلة اليد تهدد بإحداث تصعيد أوسع نطاقًا وهو ما تسعى إسرائيل إلى تجنبه".

وأشارت "يسرائيل هيوم" إلى أن "هناك إجماع متزايد على ضرورة اتخاذ إجراءات عدوانية ضد الهجمات الشديدة المنطلقة من المدينة. ونتيجة لهذا، قد نشهد عمليات واسعة النطاق مدفوعة بالاستخبارات، إلى جانب تطويق المدينة، وهي استراتيجية قائمة بالفعل".

وتابعت الصحيفة العبرية لافتة إلى أن "وزيرة شؤون المستوطنات، أوريت ستروك، حثت المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) ​على تنفيذ تدابير طارئة، بما في ذلك إعلان حالة الحرب في الضفة"، وأضافت أن "الجيش الإسرائيلي يهدف للوصول إلى تشرين الأول/أكتوبر (المقبل) - شهر الأعياد اليهودية الكبرى - مع هدوء في الضفة الغربية مقارنة بالانتفاضة المصغرة الحالية التي تتكشف على الأرض".

وختمت "يسرائيل هيوم" تقريرها بالقول: "في حين إنه من غير المرجح أن تندلع حرب شاملة عبر مناطق واسعة، فمن المتوقع أن تتوسع عملية المخيمات الصيفية إلى مناطق أخرى في الضفة الغربية قريبًا، وفقًا لما نقلت "الأناضول".

تفكيك السلطة الفلسطينية

واعتبر الباحث السياسي، عادل شديد، في حديث لـ"التلفزيون العربي" أن "ما يحدث الآن في الضفة الغربية تجاوز ما حدث قبل 22 عامًا، أثناء اجتياحها"، موضحًا أن "إسرائيل أرادت في ذلك الوقت تفكيك السلطة الفلسطينية، وإعادة صياغتها بطريقة أكثر انسجامًا مع المصالح الأمنية والسياسية في إسرائيل.

وتابع شديد حديثه مضيفًا أن "الاحتلال يريد الآن من خلال عملياته حسم مستقبل الضفة الغربية، بما ينسجم مع مشروع (حزب) الصهيونية الدينية، وجماعة المستوطنين".

وأضاف شديد أن الاحتلال "يهدف من خلال الحسم لهندسة وصياغة المشروع النهائي للضفة الغربية، الذي بموجبه تسيطر إسرائيل على أكثر من ثلاثة أرباعها، وتعزل القدس بشكل نهائي"، بالإضافة إلى "تفكيك السلطة الفلسطينية الحالية إلى سلطات موزعة على محافظات غير متصلة على شكل هيئات محلية بسقف صلاحيات لا يتجاوز صلاحيات البلديات.

ورأى شديد أن "ما يحدث في الميدان يشير إلى أن رؤية الحركة الصهيونية في الوقت الحالي ترى أنه لتصفية القضية الفلسطينية المطلوب تفكيك الجغرافيا والديموغرافيا، وتفكيك الشعب الفلسطيني وحشره في كنتونات وتجمعات متناثرة غير متصلة سيتم ضمها إسرائيليًا، ولن يكون من السهل الانتقال من كنتون إلى آخر بدون إذن وتصريح الحكم العسكري".