06-أغسطس-2024
جرائم الاغتصاب في السودان

لا تعكس الأرقام حجم كارثة جرائم الاغتصاب في السودان (رويترز)

تمثّل الانتهاكات الجنسية إحدى جرائم الحرب التي لم تحظ بالعناية اللازمة في حرب السودان الحالية، إذ تؤكد الشهادات القادمة من هناك أن الأرقام المتداولة لا تعكس حجم الكارثة.

وفي هذا الصدد، أكّدت منظمة "أطباء بلا حدود" أنّ جرائم الاغتصاب التي تمارسها قوات الجيش وقوات الدعم السريع ضد الشعب السوداني منذ بداية الحرب، لا تعكس المعطيات المتداولة حقيقتها ولا مستوى بشاعتها.

وسلّطت صحيفة "لوتان" السويسرية الضوء على جانب من معاناة ضحايا جريمة الاغتصاب في الحرب السودانية المستمرة منذ أكثر من 16 شهرًا، والتي أدت إلى مقتل الآلاف وتشريد الملايين وحدوث كارثة إنسانية.

الضحايا من المغتصبات غالبًا ما يصبحن أهدافًا لهجمات انتقامية عند إبلاغهن الشرطة عن تعرضهن للاغتصاب

وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد نددت في تقريرها الأخير بانتشار العنف الجنسي في الخرطوم، كما واصلت منظمة "أطباء بلا حدود" التحذير من انتشار هذه الجريمة.

ووفقًا لنور ريغنبرغ، وهي طبيبةٌ مسؤولة عن الصحة الجنسية والإنجابية من منظمة "أطباء بلا حدود"، فإن تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" لا يمثّل سوى جزءًا من حجم الرعب الحاصل، قائلةً إن: "ما تم سرده هو غيض من فيض"، وأضافت الطبيبة مشيرةً لحجم الانتهاكات أن جهود المنظمة هي "قطرةٌ في محيط".

معاناة مستمرة

استهلت مجلة "لوتان" تقريرها بالإشارة إلى أنه في سياق الحرب، غالبًا ما تتعاون الشرطة مع القوات المسلحة، وأنّ الضحايا، من المغتصبات، غالبًا ما يصبحن أهدافا لهجمات انتقامية عند إبلاغهن الشرطة عن تعرضهن للاغتصاب.

وإضافةً إلى ذلك، فإن العديد من المغتصبات في السودان يتجنبن طلب الرعاية الصحية بعد الاعتداء الجنسي خوفًا من العار المجتمعي الذي يصاحب جريمةً من هذا النوع، ورغبةً بالحفاظ على شيء من الخصوصية، مما يعني أن الكثير من الحالات لا تزال مجهولةً وأنّ الأرقام لا تظهر إلا جزءًا من الحقيقة.

وأكدت منظمة "أطباء بلا حدود" صعوبة أو استحالة مقدرتها على الوصول إلى الضحايا في العديد من الأماكن، وخاصةً المناطق الريفية وشمال دارفور، نظرًا لبداية موسم الأمطار في تموز/يوليو.

وكشفت "أطباء بلا حدود" عن تعرض طواقمها لاعتداءات وتهديدات ومضايقات، كما تحدثت عن صعوبات في تحصيل الإمدادات الطبية، حيث تنهبها القوات المسلحة وتمنع وصولها.

ومن بين القصص المؤلمة التي تم توثيقها لضحايا الاغتصاب، تعرضت أم سودانية لـ5 أطفال للسجن والاغتصاب من قبل قوات الدعم السريع على خلفية اتهامها بالتجسس، وكانت المفارقة أن المرأة ذاتها تعرضت للسجن من طرف الجيش السوداني عندما طلبت مساعدته.

يشار إلى أن وزارة الخارجية الأميركية أصدرت، نهاية عام 2023، بيانًا اتهمت فيه عناصر في قوات الدعم السريع وميليشيات متحالفة معها بالعمل على: "ترهيب النساء والفتيات من خلال العنف الجنسي ومهاجمتهن في منازلهن واختطافهن في الشوارع، ومن خلال استهداف اللواتي حاولن الفرار إلى مكان آمن".

وبحسب تقرير الأمم المتحدة الصادر آذار/مارس الماضي، فإن الاغتصاب كان سمةً مميزة للحرب في السودان بين جيش البلاد وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.

وبالتزامن مع التقرير الأممي، تحصلت شبكة "بي بي سي" على شهادات من النساء اللاتي هربن من دارفور إلى تشاد المجاورة، تفيد بتعرضهن للاغتصاب أكثر من مرة في بعض الأحيان من أفراد ميليشيات الدعم السريع.

العديد من المغتصبات في السودان يتجنبن طلب الرعاية الصحية بعد الاعتداء الجنسي خوفًا من العار المجتمعي

وفي شهادة نادرة، قال "قائد ميداني" من قوات الدعم السريع في منشور مصور على وسائل التواصل الاجتماعي في تشرين الثاني/نوفمبر: "إذا اغتصبنا ابنتك أو فتاتك، فهذا لأن العين بالعين، هذه بلادنا وهذا حقنا وقد أخذناه".

وقد حذف هذا المقطع بعد ذلك لكنه يكشف المواقف الدافعة والأسباب التي تؤدي إلى العنف ضد المرأة، حسب "بي بي سي" التي سألت قوات الدعم السريع عن حوادث الاغتصاب والهجمات الأخرى، لترد بأن المخابرات العسكرية السودانية (التابعة للجيش): "تجند أشخاصًا يرتدون ملابس قوات الدعم السريع ويرتكبون جرائم ضد المدنيين، حتى يُتهم مقاتلو الدعم السريع بارتكاب جرائم واعتداءات جنسية وتطهير عرقي".

وقال عمران عبد الله حسن، من المكتب الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع، لـ"بي بي سي"، إنه: "ربما ارتكب مقاتلو قوات الدعم السريع حادثة أو حادثتين وحوسبوا بعدها"، على حد زعمه.

وفي العام الماضي، قالت قوات الدعم السريع إنها ستبدأ تحقيقات في ارتكاب قواتها انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة، لكن الأمم المتحدة تقول إنه لم تقدم بعد أي تفاصيل بهذا الشأن.