يعد التين الشوكي، الفاكهة واسعة الانتشار في اليمن، ملاذًا لمئات العاطلين عن العمل في البلاد، فضلًا عن أنها ملاذ الفقراء في ظل الارتفاع المهول للأسعار، حتى سُمّيت "فاكهة الفقراء".
يوفر التين الشوكي ما يزيد عن 13 ألف فرصة عمل موسمية للعاملين في بيع وتسويق الثمار في اليمن
في الجبال اليمنية والسهول والهضاب، تنتشر أشجار التين الشوكي التي تنتمي لعائلة الصباريات، على الرغم من عدم وجود اهتمام كبير بها من قبل المزارعين بها.
اقرأ/ي أيضًا: مسواك الأراك.. نافذة على الاستغلال السعودي للموارد اليمنية
وتمتاز شجرة التين بمقاومتها للجفاف بسبب سيقانها التي تختزن الكثير من المياه، ونموها السريع، بالإضافة إلى أنها لاتحتاج إلى أسمدة ومواد كيماوية كي تنضج فاكهتها.
آلاف فرص العمل في التين الشوكي
وفي ربوع البلاد، ينتشر الباعة المتجولون بالفاكهة رخيصة الثمن. وفي الآونة الأخيرة، بدأ عدد كبير من المزارعين بالاهتمام بالشجرة المسماه شعبيًا "البلس"، كمصدر دخل تساعد الطبيعة بشكل كبير فيه.
وبحسب بيانات الإحصاء الزراعي، يوفر التين الشوكي ما يزيد عن 13 ألف فرصة عمل موسمية، فضلًا عن الباعة الدائمين، والذين تقول تقديرات إن عددهم في العاصمة صنعاء وحدها يصل إلى 20 ألفًا!
محمد أمين (30 عامًا) شاب يمني ظل شهورًا عاطلًا عن العمل، مع بحثٍ مضن في المحلات التجارية والمطاعم بمحافظة إب وسط اليمن، وذلك بعد أن أجبر على الرحيل من السعودية.
يقول أمين لـ"الترا صوت": "عملت في السعودية لخمس سنوات، في محل تجاري. لكن الراتب الذي كنت أتقاضاه بالكاد يكفي تسديد حق الإقامة ومكتب العمل، خاصة بعد الضرائب التي فرضت على الوافدين"، لذا قرر محمد أن يغادر عائدًا لبلاده.
في اليمن كان الحظ أعثر. فضلًا عن ندرة فرص العمل بشكل طبيعي، كثفت الحرب هذه الندرة، فلم يجد من سبيل للعمل إلا في التين الشوكي، أو "البلس": "شاءت الأقدار أن أبيع البلس. هي مهنة متعبة، ولا توفر الكثير من المال، لكنها المتاحة".
ويتفاوت سعر حبة التين الشوكي الواحدة تفاوتًا كبيرًا، ما بين 30 إلى 100 ريال يمني، بحسب جودتها ومذاقها السكري، وبالطبع حجمها. ويبيع محمد نحو 50 كيلو يوميًا.
ساعات طويلة من العمل، بالتجوال بالعربة التي تحمل التين، وسكينًا لتنظيفها من الشوك وتقشيرها، يخرج منها محمد أمين بحوالي أربعة آلاف ريال يمني، أي حوالي 16 دولار أمريكي، تكفيه توفير الطعام له ولأسرته. وكل يومٍ بيومه، على حسب السوق والبيع والشراء.
وخلال الفترة ما بين نيسان/أبريل وحتى دخول فصل الخريف، تزدهر تجارة التين في البلاد. وينتظر باعة التين هذا الموسم، لجني ما يكفيهم وأسرهم طوال العام من مصروفات، مثل رياض الإدريسي.
يبيع رياض الإدريسي، التينَ منذ 10 سنوات. يذهب إلى منطقة غيمان بالعاصمة صنعاء لشراء التين من المزارعين، ويبيعه في شوارع العاصمة.
تعد منطقة غيمان في مديرية بني بهلول بالعاصمة صنعاء، أول منطقة متخصصة لزراعة التين في اليمن. وتُعنى باهتمام كبير من قبل المزارعين، في الوقت الذي يكافح اليمن لاستبدال شجرة القات بمحاصيل أكثر فائدة.
فاكهة الفقراء
سمي التين الشوكي فاكهة الفقراء لسعره المعقول بالنسبة لمعظم اليمنيين. وفي سنوات الحرب والمجاعة، يُقبل الكثير من اليمنيين عليه خلافًا للفواكه الأخرى التي عرفت أسعار بعضها زيادات وصلت لـ150%.
وقد يصل الأمر في بعض الحالات إلى اعتماد أسرة كاملة، طوال يومها على التين الشوكي فقط. يتسبب ذلك في عسر الهضم. لكن الحاجة هي السبب.
هذا وتأتي اليمن في المرتبة الثانية عربيًا في إنتاج التين الشوكي، بعد المغرب. وتقدر الإحصاءات الحكومية إنتاج اليمن من التين الشوكي ما بين 60 ألف طن إلى 100 ألف طن.
تأتي اليمن في المرتبة الثانية عربيًا بعد المغرب في إنتاج التين الشوكي، بما يصل إلى قرابة 100 ألف طن سنويًا
وفي عام 2014 بدأت أولى محاولات تصدير التين الشوكي اليمني للعديد من الدول العربية، غير أن التصدير توقف عام 2015 بسبب الحرب والحصار المفروض على البلاد.
اقرأ/ي أيضًا: