أطلقت "الجامعة الأميركية في بيروت"، مؤخرًا، منصة إلكترونية مخصصة لأرشفة جميع أعداد صحيفة "ثمرات الفنون"، التي أسسها الشيخ عبد القادر القباني في بيروت عام 1875، وتوفيرها بصيغة رقمية تحافظ على تراث وتاريخ الصحيفة، وتتيح للباحثين والمهتمين الوصول إلى محتواها مجانًا.
تُعتبر "ثمرات الفنون" مرجعًا موثوقًا وسجلًا تاريخيًا للأحداث السياسية والاجتماعية والأدبية التي شهدها لبنان والعالم العربي عشية سقوط السلطنة العثمانية
يأتي إطلاق الجامعة للمنصة التي تحمل اسم الصحيفة، "ثمرات الفنون"، بعد أكثر من 3 أشهر على اتفاقها مع الباحثة اللبنانية إنعام القباني، حفيدة الشيخ عبد القادر القباني، على رقمنة الصحيفة التي عملت القباني، لسنوات طويلة، على جمع أعدادها من المكتبات العامة والخاصة في لبنان ومصر وتركيا، ثم قامت بتمويل طباعتها رقميًا، وإهدائها بعد ذلك إلى "الجامعة الأميركية" التي تولت تنظيمها وأرشفتها وإيداعها في مجموعاتها الرقيمة.
تأسست "ثمرات الفنون" عام 1875، وصدر العدد الأول منها في العشرين من نيسان/ أبريل من العام نفسه بوصفها صحيفة أسبوعية ناطقة باسم "جمعية الفنون"، التي أسسها سعد عبد الفتاح حمادة، وضمت نخبة من رجالات ذلك العصر، الذين اتفقوا على إصدار صحيفة أسبوعية تُعنى بتثقيف المسلمين، البيارتة منهم خاصة، ونشر أخبارهم.
وعَهِد أعضاء الجمعية آنذاك إلى الشيخ عبد القادر القباني بإدارتها ورئاسة تحريرها حتى عام 1878، حيث قام حينها بشراء حقوقها بعد وفاة سعد الله حمادة وانفراط عقد "جمعية الفنون"، واستمر في إصدارها منفردًا حتى احتجابها بشكل نهائي في العشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر 1908 لأسباب سياسية. وكانت الصحيفة خلال هذه المدة، 1878 – 1908، قد احتجبت قسرًا لأربع مرات للأسباب ذاتها.
أصدر القباني الصحيفة وفقًا للتقويم الهجري، وسعى عبرها إلى نشر أخبار العالم عمومًا، والعالمين العربي والإسلامي خصوصًا، حيث كان لها مراسلون ومندوبون ووكلاء في مختلف أقطار السلطنة العثمانية. وذلك بالإضافة إلى اهتمامه بنشر المواضيع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والأدبية، إلى جانب قضايا المرأة. ناهيك عن ترجمة ما يُنشر من مواضيع مهمة في الصحف والمجلات الأجنبية.
وتُعتبر "ثمرات الفنون" مرجعًا شديد الأهمية في مجالها، وسجلًا تاريخيًا للأحداث السياسية والاجتماعية والأدبية التي شهدها لبنان والعالم العربي في مرحلة فارقة من تاريخ المنطقة، وهي مرحلة تراجع نفوذ السلطنة العثمانية مقابل تزايد النفوذ الأجنبي، خاصةً في منطقة الشرق الأوسط.