الخلاف المحلي الكبير حول هيئة الحشد الشعبي والعناصر المنتمين لها والممارسات التي تقوم بها، كثيرة. مقابل ذلك هناك خلاف دولة على الحشد، فالبعض يعتبره ميليشيات مسلحة خارج إطار الدولة العراقية ويتهمها بوجود ارتباطات خارجية لها، أي تبعيتها لإيران، فيما البعض الآخر يذهب حتى النهاية بالدفاع عن الحشد ونزع تهمة لطائفية عنه بدعوى محاربة "الإرهاب".
أصبح الحشد الشعبي مؤسسة عسكرية رسمية تابعة للدولة العراقية، لكن غير المعلوم إن كان الحشد سيلتزم بذلك أم سيحافظ على انفصاله عن الدولة
ففي عام 2014 عندما أصدرت فتوى من رجل الدين الشيعي علي السيستاني بضرورة التطوع لمحاربة تنظيم "داعش" الذي سيطر على أجزاء واسعة من البلاد، كان الحشد قوة شعبية غير تابعة للدولة العراقية. لكنه سُلح وجهز وبقي لفترة معينة تحت إمرة القوات الأمنية العراقية.
اقرأ/ي أيضًا: الجولاني ينفصل عن القاعدة، إلى أين؟
بعد تحويل حيدر العبادي الحشد الشعبي إلى هيئة ضمن مجلس الوزراء العراقي، أصبح لعناصره رواتب وتسليح من الحكومة العراقية وبشكل رسمي. يبدو أن هذا لم يكن بعيدًا عن أعين الولايات المتحدة الأمريكية التي يتضح أنها كانت موافقة على هذه الخطوة.
رغم وجود الحشد في مؤسسة دولة، إلا أن الخلافات عليه باقية، وبقي البعض يعتبره ميليشيا مسلحة ذات اتجاه طائفي معين. الخلافات تحولت إلى العمليات العسكرية، وبقي صراع دائر بين المؤيدين والرافضين حول مشاركته في عمليات التحرير التي يشهدها العراق. الرافضون يقولون إن "الحشد يرتكب انتهاكات لحقوق الإنسان ولا يمكن أن يشارك في تلك العمليات". هذا الاتهام يقابله اتهام من المؤيدين بأن "من يريد الحشد أن لا يشارك في عمليات القتال، يريد لداعش أن يبقى في العراق".
اقرأ/ي أيضًا: مصر..النظام يختبئ خلف ميج-35
رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي بدا محرجًا في الأشهر الاخيرة. لا يريد أن يخسر الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يريد أن يخسر إيران المؤيدة والداعمة للحشد. بالإضافة لذلك لا يريد أن يخسر المكون السُني الذي يقف ساسته ضد الحشد.
وحتى يتخلص العبادي من أي إحراج، أصدر قرارًا بإعادة هيكلة الحشد الشعبي. هذه خطوة كانت مهمة من قبل العبادي، فهو أخضع الحشد إلى القانون العسكري العراقي، وألزمه بأن يكون ملتزمًا بالقانون والدستور العراقيين.
أعطاه صفة عسكرية مهمة، فأراد له أن يصبح قوة موازية لجهاز مكافحة الإرهاب المهم في العراق، وإذن أصبح الحشد الشعبي ضمن الجيش العراقي رسميًا.
اليوم، الحشد الشعبي مؤسسة عسكرية رسمية تابعة للدولة العراقية، أُمرت بأن لا ترفع أي علم غير العلم العراقي، ولا شعار غير شعار الحشد، ولا صورة أي رجل دين أو مسؤول عسكري. هكذا أراد العبادي أن يبقي الحشد قوة مهمة، وأن يتخلص من الإحراجات.
لكن هذه الإجراءات، قوبلت بتشكيك واسع من المعترضين على الحشد، بأنها إجراءات شكلية، ولن تغير في طبيعة الحشد الطائفية، بل من الممكن أن تمنح تجاوزاته غطاءً حكوميًا، وتحجم القدرة على نقد تصرفاته.
اقرأ/ي أيضًا: