30-مارس-2019

قرر حوثي بمنع تداول الأوراق النقدية الجديد يفاقم الأزمة الاقتصادية في اليمن (أ.ف.ب)

التراصوت -  فريق التحرير

يدفع المواطن اليمني الثمن الباهظ للصراع بين الحوثيين وحكومة عبدربه منصور هادي، والذي توسعت رقعته في كل الجوانب العسكرية والسياسية والاقتصادية، فكل طرف يسعى إلى إثبات وجوده وإحكام قبضته على حساب المدنيين.

أصدر الحوثيون قرارًا بمنع تداول الأوراق النقدية الجديدة في مناطق سيطرتهم، والتي أصدرتها حكومة عبدربه منصور هادي

يقضي أحمد الحطامي ساعاتٍ طويلةً من الليل في لصق الأوراق المالية التالفة التي يجمعها من زبائنه في المحل التجاري الذي يملكه، بالعاصمة صنعاء. يقول الحطامي لـ"ألترا صوت" إن معظم الأوراق المالية من فئة 100 و250 تالفة، لكنه يضطر للقبول بها لأنه لا بديل لها.

اقرأ/ي أيضًا: هنا اليمن.. بلاد الله الضيقة

وبعد عام من إصدار قرار مماثل تمكنت جماعة الحوثيين عبره من نهب العديد من المحال التجارية والصرافات والبنوك، أصدرت قرارًا جديدًا بمنع تداول الطبعة النقدية الجديدة التي طبعتها الحكومة اليمنية.

قرار حوثي بمنع تداول الأوراق النقدية الجديدة

بحسب وثيقة حصل "ألترا صوت" على نسخة منها، صادرة عن وزارة الصناعة والتجارة التابعة للحوثيين في صنعاء، مرفوعة إلى الغرفة التجارية، تقرر منع التعامل والتداول بالعملة الجديدة التي طبعتها حكومة هادي، فئات: 100 و200 و500 وألف ريال يمني.

 وهددت الجماعة باتخاذ إجراءات رادعة ضد المخالفين لقرارها، من خلال القيام بمداهمة محلات الصرافة ونهب الأوراق المالية الجديدة وإغلاقها، وهو ما قامت به الجماعة العام الماضي بالفعل.

وكان الحوثيون قد أغلقوا العام الماضي العديد من محال الصرافة، واعتقلوا عشرات الموظفين في مصارف تجارية أخرى وشركات ومحال الصرافة، في إطار حملة أمنية تهدف إلى إجبار مؤسسات القطاع المصرفي على عدم التعامل مع النقود الورقية الصادرة عن حكومة هادي من فئتي 500 وألف ريال.

وقالت جماعة الحوثيين إن القرار يأتي ضمن "إجراءات لحماية العملة المحلية"، مبرّرت بأن النقود الجديدة "تسببت في تضخم العملة وتدهور الاقتصاد الوطني"، بحسب وكالة الأنباء اليمنية الخاضعة لسيطرتهم.

من جانبها اعتبرت حكومة هادي أن قرار الحوثيين يهدف إلى "نهب أموال التجار واستحداث مورد مالي جديد بمبررات كاذبة لا أساس قانوني أو اقتصادي لها".

وقال وزير الإعلام في حكومة هادي، معمر الإرياني، عبر تغريدة على تويتر، إن "التعميم يهدف إلى الاستحواذ على أموال شركات الصرافة، وذلك لافقارها وحصر الصرافة والتجارة بين أتباع الحوثيين لتسهيل تهريب أموال الجماعة من وإلى الخارج"، مشيرًا إلى أن تداول العملة الجديدة في صنعاء وغيرها من المحافظات، يتمثل أكثر من 30% من حجم السيولة النقدية.

 

 

قرار كارثي

اعتبر خبراء اقتصاديون أن منع الحوثيين تداول العملة الجديدة التي طبعتها الحكومة اليمنية، قرارًا كارثيًا، سيتسبب في معاناة ملايين اليمنيين الواقعين في مناطق سيطرة الجماعة، وسيزيد من تفاقم الوضع المعيشي للفقراء.

وقال مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الإقتصادي، إن منع الحوثيين تداول الأوراق الجديدة، "خطوة خطيرة على القطاع المصرفي الذي يتعامل بذات العملة وعبر نظام مصرفي موحد حتى الآن"، معتبرًا في تصريحات لـ"ألترا صوت"، أن الجماعة بهذا القرار "تتيح مجالًا لابتزاز البنوك وشركات الصرافة تحت هذا المبرر رغم صعوبة فصل العملات"

وأوضح نصر أن الهدف من وراء هذه الخطوة من قبل الحوثيين، الحد من سلطات البنك المركزي اليمني في عدن، والتي تتزايد يوميًا على حساب البنك المركزي في صنعاء.

وأضاف: "رغم التعقيدات التي تضعها مثل هذه القرارات على البنوك وشركات الصرافة، إلا أن ذلك لن يستعيد السلطة الكاملة لبنك صنعاء الواقع تحت سيطرة الحوثيين وتأثيرهم"، لكن في المقابل يعزز ذلك "حالة الانفصال ما بين مناطق سيطرة الحوثيين ومناطق الشرعية، ويؤسس لعملية فصل اقتصادي"، على حد قول مصطفى نصر.

وبعد سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء، سيطرت على البنوك الحكومية، واستولت على الاحتياطي النقدي للبنك المركزي بما يبلغ 5.2 مليار دولار أمريكي.

وكان البنك المركزي اليمني يستقبل ما بين 230 ألف دولار و323.2 ألف دولار من النقود التالفة بشكل يومي. وكانت آخر عملية إعدام للنقود عام 2013، حيث أُعلن عن إعدام 18 مليار ريال من العملة التالفة، واضطرت الحكومة لإعادتها مرة أخرى إلى السوق، وتحويل جزءًا منها إلى المؤسسات الحكومية لصرف الرواتب، بسبب نقص السيولة.

طباعة أوراق جديدة

واتجهت حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي إلى طباعة كميات كبيرة من النقود بدون غطاء نقدي، لمواجهة أزمة السيولة، ودفع مرتبات الموظفين عقب نقل صلاحيات البنك المركزي إلى مدينة عدن التي اتخذتها الحكومة عاصمة مؤقتة لها.

وقرر الرئيس اليمني، في 18 أيلول/سبتمر 2016، نقل المقر الرئيسي للبنك المركزي وإدارة عملياته إلى العاصمة المؤقتة عدن، لكن الحوثيين احتفظوا بالبنك المركزي في صنعاء، كبنك مركزي موازٍ خاص بهم، ما تسبب في زيادة أضرار الاقتصاد الوطني، وحصول أزمات متلاحقة، منها أزمة الرواتب وتهاوي قيمة العملة اليمنية.

وبدأت الحكومة اليمنية منذ مطلع العام 2017، بضخ عملات نقدية جديدة طبعت في روسيا للأسواق المحلية، ليصل إجمالي ما طبعته الحكومة حتى الآن قرابة تريليون و684 مليار ريال، أي ما يعادل أكثر من ثلاث مليارات دولار.

أدى ذلك إلى هبوط الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، حيث ارتفع سعر الدولار الأمريكي الواحد العام الماضي إلى 800 ريال يمني، أي ثلاثة أضعاف سعره الرسمي وهو 200 ريال، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطبية بنسبة 300%.

ورغم تراجع سعر الدولار الأمريكي إلى 550 ريال، إلا أن أسعار المواد الغذائية مازالت مرتفعة، مافاقم من معاناة اليمنيين الذي يعيشون أزمة إنسانية هي الأسوأ في القرن الـ20.

بعد سيطرتهم على صنعاء استولى الحوثيون على الاحتياطي النقدي للبنك المركزي البالغ 5.2 مليار دولار

ويتأرجح الريال اليمني ما بين الانخفاض والارتفاع بشكل شبه يومي بسبب المضاربة من قبل الصرافين، وطباعة أوراق نقدية جديدة، وعدم وجود سلطة مالية موحدة، بالإضافة إلى توقف تصدير الغاز والنفط والموارد الاقتصادية الأخرى إلى خارج اليمن.

 

اقرأ/ي أيضًا:

اليمن على خطى الصومال

هل ستثمر الضغوط الدولية في إنقاذ اليمن من جحيم الحرب السعودية؟