كثيرة هي التحديات التي واجهتها فيسبوك عبر السنوات الماضية، إلا أنها لم تؤثر بشكل كبير على قاعدة المستخدمين للمنصّة والذين ظلت أعدادهم تتزايد بشكل مطّرد، ما أسهم في النمو الهائل التي حققته فيسبوك في ريادة وسائل التواصل الاجتماعي في العالم.
سبّب تطبيق تيك توك الصيني ونموّه الكبير في الولايات المتحدة أزمة غير مسبوقة لفيسبوك
إلا أن الأمر اختلف كثيرًا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2021، حين بدأت المنصة الأكبر عالميًا بخسارة أعداد كبيرة من المستخدمين للمرّة الأولى على الإطلاق.
وهكذا، كان يوم أمس الخميس، 3 شباط/فبراير، خميسًا أسود لشركة "ميتا"، وهي الشركة الأم التي تتبع لها فيسبوك حاليًا، حيث تراجعت قيمة الشركة السوقية بنسبة 26%، أي بخسارة 250 مليار دولار من قيمتها.
اقرأ أيضًا حول صعود "تيك توك"
WSJ: الولايات المتحدة تتحرّك أخيرًا.. ضدّ "تيك توك"
ثروات نجوم تيك توك في تصاعد.. ما هي آخر الأرقام؟
متجاوزًا جوجل.. تيك توك هو الموقع الأكثر زيارة على الإطلاق في العام 2021
إنسايدر: كم ستجني من المال على تيك توك لو لديك مليون متابع؟
يأتي ذلك بعد إعلان الشركة عن نتائجها الربعية الأخيرة للعام 2021، حيث ذكر الرئيس التنفيذي للشركة، مارك زوكربيرغ، ما تواجهه منصة فيسبوك من منافسة شديدة من تيك توك، التي تحقق أرقامًا مذهلة في العالم، وفي الولايات المتحدة على وجه الخصوص، إذ تعد تيك توك الأكثر نشاطًا بين المستخدمين الأمريكيين حاليًا، والتطبيق الأكثر تنزيلًا في العالم على الإطلاق، والذي يحظى بقاعدة مستخدمين شهرية تتجاوز مليار مستخدم.
وبحسب زوكربيرغ، فإن "لدى المستخدمين عدة خيارات حول الطريقة التي يفضلونها في تزجية الوقت، وأن تطبيق تيك توك ينمو بسرعة هائلة". وأضاف زوكربيرغ: "الحقيقة البارزة هنا هي أن سيطرة تيك توك كتطبيق منافس كبيرة بالفعل، وهي سيطرة تتزايد في النمو بوتيرة سريعة جدًا".
ويعد تطبيق تيك توك مسؤولًا بشكل أساسي عن سحب البساط من تحت قدمي فيسبوك، وتقويض صدارتها التاريخية في مقدمة تطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي، حيث يتوجه المستخدمون والمعلنون بشكل متزايد إلى تيك توك، بعيدًا عن فيسبوك وإنستغرام، وهو ما يهدد أساس نموذج العمل الذي تقوم عليه فيسبوك، والذي حقق لها إيرادات بلغت 115 مليار دولار أمريكي العام الماضي.
وتحاول ميتا تطوير خاصية الريلز على إنستغرام، وهو شكل المحتوى المشابه لما تقدمه تيك توك، وهو ما تراهن عليه الشركة من أجل استقطاب المستخدمين الأصغر سنًا.
تصريحات زوكربيرغ بشأن نموّ وسيطرة تيك توك قد سبب حالة من القلق بين المستثمرين، إذ كانت رسالته واضحة بشأن تهديد التطبيق الصيني وتأثيره على صناعة المحتوى والإعلانات في الولايات المتحدة والعالم، وهو تهديد بلغ مدى أرغم فيه فيسبوك على تغيير منتجاتها لمحاكاة ما تقدمه منصة تيك توك.
إلا أن تيك توك، ليست المشكلة الوحيدة التي تواجه "ميتا"/فيسبوك حاليًا.
فشركة آبل الأمريكية قد أجرت مؤخرًا تغييرات واسعة على سياسات الخصوصية على هواتف الآيفون، وهو ما من شأنه تعقيد مهمة "ميتا" في بيع الإعلانات الموجهة للمستخدمين، وقد يكلفها ذلك خسارة 10 مليارات دولار من المبيعات خلال العام 2022.
وهنالك أيضًا التحدي الوخيم الذي يواجه زوكربيرغ وشركته، في الطموح الجامح نحو التحوّل إلى شركة "ميتافيرس". (لمعرفة التفاصيل الكاملة حول فكرة "ميتافيرس" يمكن قراءة هذا المقال على التراصوت)
ففي العام الماضي، أعلن مارك زوكربيرغ عن تغيير اسم الشركة إلى "ميتا"، للإشارة إلى تحوّل في تركيز الشركة على تقنيات العالم الافتراضي والواقع المعزز. إلا أن بناء هذا المشروع يتطلب قدرًا هائلًا من الاستثمار. وقد ضحت الشركة بالفعل العام الماضي بأكثر من 10 مليارات دولار لتطوير "مختبرات الواقع" (Reality Labs)، وهي مختبرات تقنية تصمم وتطور البرمجيات والأدوات الخاصة بتجربة الواقع الافتراضي، مثل "كويست 2"، والتي ستستخدم في "الميتافيرس". كل هذه النفقات الضخمة قد أدت إلى تراجع غير مسبوق في الأرباح الربعية للشركة بواقع 10.3 مليار دولار أمريكي، وهو رقم نادر في تاريخ نتائج فيسبوك.
أكّد زوكربيرغ في رسالته للمستثمرين يوم الأربعاء الماضي أن المستقبل يحمل في طياته الكثير من التحديات لشركته
لقد أكّد زوكربيرغ في رسالته للمستثمرين يوم الأربعاء الماضي أن المستقبل يحمل في طياته الكثير من التحديات لشركته. وحتى فيما يخص "ميتافيرس"، فقد قال زوكربيرغ بأن "التوجّه واضح، إلا أن الطريق إلى الأمام ما يزال غير معبّد كما يلزم".
ويبدو أن المستثمرين ليسوا على استعداد للمضيّ قدمًا مع زوكربيرغ، في هذه الطريق المجهولة.
اقرأ/ي أيضًا:
تيك توك يسجّل مليار مستخدم شهريًا في ظل اتهامات بتسهيله الوصول للمحتوى الجنسي
تشارلي داميليو.. القصّة الكاملة لصعود نجمة "تيك توك" الأشهر