في الوقت الذي بات فيه الذكاء الاصطناعي يغزو كل شيء تقريبًا، لا يزال القائمون على موسوعات رقمية عديدة، من أهمها ويكيبيديا، في حيرة من أمرهم حيال استخدام هذه التقنيات.
مجتمع ويكيبيديا منقسم بين متحمسين لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وآخرين متوجسين من استخدامه لأسباب عديدة.
هذه الحيرة ظهرت جلية في نتائج الاجتماع الأخير لأعضاء ويكيبيديا التي أظهرت انقسام الأعضاء بين الاعتقاد بأن تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تساعد على إنتاج محتوى جيد وتلخيص المقالات المعروضة على الموقع، وبين توجس آخرين وإيمانهم بأن المحتوى الذي ينتج عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي يجب أن يخضع لمراجعة بشرية دقيقة، إذ إن هذه التقنيات مع قدرتها على إنتاج محتوى مشابه لما ينتجه البشر، إلا أنه ثبت أيضًا ذكره لمصادر غير موجودة واقتباسه من دراسات مفبركة، وهو ما من شأنه أن ينتج محتوى يبدو دقيقًا لكنه في الواقع مفبرك.
إيمي بروكمان، الأستاذة والزميل أول في كلية الحوسبة التفاعلية في معهد جورجيا للتكنولوجيا، تقول إن نماذج اللغة الضخمة، شأنها شأن البشر الذي يراكمون المعرفة، تحظى بالقدرة نفسها أيضًا على تمييز الحقيقة من الخيال. وتضيف أن الحل الأمثل لنا يكمن في استخدام هذه النماذج ثم تحرير المحتوى الناتج والتدقيق في المصادر.
أما موطن الخطر بالنسبة لويكيبيديا، كما تقول بروكمان، فهو أن "الناس يمكن أن يضعفوا من دقة المحتوى من خلال نشر محتوى غير مدقق."
مؤسس موقع ويكيبيديا، جيمي ويلز، كان قد صرح بوجود خلاف بين أعضاء ويكيبيديا في هذا الخصوص، وقال إنه رغم أننا لا زلنا بعيدين عن المرحلة التي تطلب فيها من تقنيات الذكاء الاصطناعي كتابة محتوى جيد وموثوق، فإننا لسنا بعيدين كثيرًا عن ذلك. لكن ويلز أشار في الوقت ذاته إلى أن الذكاء الاصطناعي قادر على اكتشاف التناقضات في النص الواحد، واعتبر أن التركيز على مشاكل الذكاء الاصطناعي وحدها أمر مؤسف.
إيمي بروكمان: موطن الخطر بالنسبة لويكيبيديا يكمن في أن الناس يمكن أن يضعفوا من دقة المحتوى من خلال نشر محتوى غير مدقق.
أما موقع ويكيبيديا، فقد أعلن أنه في طور مراجعة سياساته التي تحدد كيفية استخدام الكتاب لتقنيات الذكاء الاصطناعي، إذ تقتصر السياسات الحالية إلى عدم استخدام هذه التقنيات من قبل أي كاتب ليست لديه معرفة بمخاطر نماذج اللغات الضخمة لأن ذلك يمكن أن يعرض الشركة المالكة لقضايا متعلقة بالتشهير أو انتهاك حقوق الملكية.
تشير تقارير أيضًا إلى أن أعضاء ويكيبيديا منقسمون حيال السماح لنماذج اللغات الضخمة بالتدرب باستخدام المحتوى المنتج على الموقع الذي يعد الوصول المفتوح ركيزة أساسية لإنشائه وانتشاره، إذ يبدي البعض مخاوف تتعلق بإمكانية استغلال المصادر المفتوحة من قبل الشركات المالكة لتقنيات الذكاء الاصطناعي لتنشئ قواعد بيانات تجارية للنماذج الخاصة بها، وهو ما سيشكل مشكلة كبيرة إن كان محتوى ويكيبيديا منتجًا بتقنيات الذكاء الاصطناعي، لأن ذلك سيشكل حلقة مغلقة قد تتخللها بيانات غير دقيقة ومتحيزة.