في الوقت الذي يعيش فيه الشارع العراقيّ حالةً من الاضطَّراب والتوتر بفعل خروج العراقيين في تظاهراتٍ شعبية تُطالب بتحسين الظروف المعيشية؛ يستعدّ الروائي العراقيّ أحمد سعداوي برفقة صديقيه ناجي الكناني وسامر السبع لإطلاق دار نشر ومكتبة تحت اسم "نابو للنشر والتوزيع" خلال الأيام القليلة القادمة. الدار التي يعرّفها لنا سعداوي قائلًا إنّها مكتبة ودار نشر صغيرة تضع من دعم الكتاب العراقيّ هدفًا رئيسيًا لها. اتّخذت من "شارع المتنبي" في العاصمة بغداد مركزًا لها، انطلاقًا من كون المكان معلمًا وصرحًا ثقافيًا كبيرًا في العراق.
يستعدّ الروائي العراقيّ أحمد سعداوي إلى إطلاق مشروع "نابو"، الذي سيكون دار نشر ومنصة ثقافية في آن
يبدو سعداوي صاحب "فرانكشتاين في بغداد" حريصًا على إضافة لمسة تدلُّ وتُشير بشكلٍ مباشر وصريح على التراث والثقافة العراقية العريقة في مشروعه هذا. ولذا، حملت المكتبة والدار الجديدة اسمًا غريبًا وملفتًا للانتباه، وهو "نابو" أي إله الكتابة والتدوين والحكمة البابلي. هكذا، حمل المشروع اسمًا مميزًا. ويأمل القائمون عليه، أي المشروع، أن يستمدّ اسم الدار تميَّزه لا من دلالته الفكرية التراثية والتاريخية وحسب، بل وأيضًا من تميُّز الدار نفسها في مجال النشر مستقبلًا، إذ ثمّة رهان يبدو واضحًا على نجاحها، ويجيء هذا الرهان انطلاقًا من اجتهاد فريق العمل وسعيهم على إحداث تغييرٍ ما في فضاء النشر العربيّ، يعود بالفائدة على المشهد الثقافي العراقيّ والعربيّ معًا.
اقرأ/ي أيضًا: الفن تحت قبضة الأخ الأكبر في مصر
يؤكّد أحمد سعداوي في حديثه لـ "ألترا صوت" أنّ دار "نابو" سوف تصبُّ جلّ اهتماماتها في توفير العناوين الجيّدة للقارئ العراقيّ. ناهيك عن طموحها في أن تكون لها مساهمة جدّية في رفع ذائقة القرّاء. وهنا يُشير صاحب "باب الطباشير" إلى أنّ عمل الدار لن يكون مقتصرًا على نشر كتب وتوفير أخرى، بل تسعى أيضًا إلى أن تكون منصّة ثقافية تنطلق منها لاحقًا فعاليّات وأنشطة مختلفة من شأنها أن تخدم الثقافة العراقية. هذا ولا سيما أنّ المبنى الذي سوف يضمّ الدار والمكتبة معًا، يقع، كما ذكرنا سابقًا، في مكان معروف بمناخه الثقافي والأدبي، أي "شارع المتنبي" الذي يمثّل اليوم، ومنذ زمن، الشريان الثقافي لا للعاصمة بغداد فقط، إنّما للبلاد كاملةً.
[[{"fid":"101534","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"شعار منشورات نابو","field_file_image_title_text[und][0][value]":"شعار منشورات نابو"},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"شعار منشورات نابو","field_file_image_title_text[und][0][value]":"شعار منشورات نابو"}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"شعار منشورات نابو","title":"شعار منشورات نابو","height":533,"width":300,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]
وفي سؤالنا له عن المعايير التي وضعتها الدار للنشر، وإن كان هنالك مواضيع معيّنة أو أجناس أدبية بعينها سوف تركّز عليها في منشوراتها، أكّد محدّثنا أنّ هناك رغبة بـ:"التركيز على المعايير المهنية في عملية النشر، واستعادة ثقة المؤلّف العراقيّ بعملية النشر. وأيضًا، محاولة الاستفادة من المعايير العالمية في التعامل مع الكتاب ومؤلفه". يولي سعداوي وبرفقته ناجي الكناني وسامر السبع اهتمامًا بأن تكون "نابو" ملتزمةً برسالتها الثقافية في سبيل العمل على تحقيقها ونشرها. وأيضًا، أن تظلّ الدار بعيدة عن معاملة الكتاب من منطلق تجاري وربحي، الأمر الذي سوف يترك أثرًا سلبيًا واضحًا على الدار لجهة نوعية وجودة اصداراتها من الكتب.
إطلاق دار نشر أو افتتاح مكتبة في الوقت الراهن، وفي ضوء ما تعيشه المنطقة العربية من أزمات وحروب، يُعدّ مغامرة كبيرة
يرى البعض اليوم أنّ إطلاق دار نشر أو افتتاح مكتبة في الوقت الراهن، وفي ضوء ما تعيشه المنطقة العربية من أزمات وحروب، يُعدّ مغامرة كبيرة. ويُعزز أصحاب دور النشر العربية من هذه المقولة بمقولات أخرى تفيد بأنّ مستويات القراءة ومبيعات الكتاب عربيًا مستمرّة في التراجع. الأمر الذي ينفيه أحمد سعداوي صاحب "إنّه يحلم، أو يلعب، أو يموت". مؤكّدًا هنا أنّه لو كان الأمر صحيحًا وثمّة تراجع في مستويات القراءة ومبيعات الكتب عربيًا، لكانت دور النشر والمكتبات قد أغلقت أبوابها، وهذا على عكس ما نراه اليوم، ذلك أنّ هنالك حالة من الازدهار والعمل المنظّم والمستمر تعيشه دور النشر.
اقرأ/ي أيضًا: جائزة نيرفانا للقصّة.. روح المبادرة في السّودان
لا ينفي ضيفنا في الوقت نفسه أنّ أسواق الكتب العالمية تتفوّق على الأسواق العربية. وأيضًا، عدم صحّة المقارنة بينها. ولكنّها، أي السوق العربية، وكما يراها سعداوي، سوق مزدهرة نسبياً. ويضيف: "وعملية صناعة الكتاب والتأليف مستمرة ولا تتوقف وبالتأكيد هذا ما يدفع عملية النشر الى الأمام، ضمن الحدود الواقعية المقبولة".
اقرأ/ي أيضًا: